ملفك ضخم يا شيخ الأزهر، لا يكفيه مقال كهذا، بل ما أحوجه لمجلد ضخم بضخامته نعدد فيه مصائبنا فيك... على عكس كل من حولي من زملاء العمل لم أتعجب، كما تعجبوا، لموقفك من الطالبة المنتقبة التي أكرهتها على خلع غطاء وجهها، إذ أنني أتابعك من سنين، منذ كنت مفتيا لهذه الديار التي سئمتك وسئمت العهد الذي جاء بك، فلا أبقاك ولا أبقاه، لذلك أجدني لا أستغرب عليك موقفا كهذا.
ويحك يا (صاحب الفضيلة)، لن أناقشك الحكم الشرعي فيما فعلت، لكني فقط أتساءل: هل يجوز لك إكراه من يخالفك الرأي فيما لا يرى فيه رؤياك، أو هل يجوز لك الاستقواء على فتاة صغيرة فقط لمنصبك، وأنت بين حاشيتك، أو لزعمك أنك تعلم من الدين أكثر مما يعلمه الذين (خلفوها)، على حد تعبيرك.
أيه الشيخ الغضوب، لم تتمالك أعصابك وأنت ترى فتاة ترتدي زيا طالما حاربه من أوتوا بك إلى كرسي المشيخة، الذين لم يعد لهم من هم سوى مطاردة المنتقبات في الجامعات والمدارس، وخلفهم تجار المخدرات، وشبكات الدعارة، ومزورو الانتخابات، وترزية القوانين، وسارقو الأموال العامة لا أحد يسأل عنهم، فزعمت أن "النقاب ليس عبادة"، أو هل السكوت عما يجري من جرائم عبادة؟، أو هل تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل عبادة، أو هل مصافحتك لميركل (المستشارة الألمانية) وضمك لكفها عبادة؟!!.
حينما يتحول العالم إلى موظف لا هم له سوى التشبث بالكرسي حتى آخر رمق في الحياة، فلا عجب أن تتفوه بما تفوهت به، حينما يكون مؤهل العالم الأزهري إلى الوظيفة الرفيعة ملفه الأمني، فلا عجب أن تتصرف مثل هذه التصرفات، حينما يقتصر دور العالم الذي يُفترض فيه انه يحمل كتاب الله على أن ُيسوغ ممارسات السلطان، فلا عجب أن تغضب لرؤيتك فتاة مسلمة ترتدي النقاب، حينما يُعين شيخ الأزهر من قبل الدولة ويُفرض فرضا على من أهم أكفأ منه من العلماء الشرعيين، فلا عجب أن تتقلد (فضيلتك) منصب أكبر علماء المسلمين في مصر، حينما تُهيمن أجهزة الأمن على أكبر مؤسسة إسلامية في العالم، فلا عجب أن تُكمم أفواه العلماء وتتكلم أنت.
المقام لا يتسع لذكر مواقفك المخزية، ولو لم يكن منها سوى ترحيبك برئيس الكيان الصهيوني ومصافحتك له في نيويورك لكفى، أو تأييدك منع فرنسا الحجاب قبل لقائك ساركوزي، أو ردك على من سألك "كيف تنظر إلى الحصار الإسرائيلي على غزة"، بالقول: "أنا لا أعرف أن هناك حصار على غزة، هي دي شغلتي، وأفرض إن إسرائيل عاملة حصار، وإحنا مالنا"، أو لفك ودورانك حينما سألتك الـ "بي بي سي" عن التوريث، وهو قليل من مواقف كثيرة، إن دلت فإنما تدل على أنك جئت خطأ إلى مكان كان ينقصك الكثير والكثير من المؤهلات قبل أن تتولاه.
أنت يا (فضيلة الإمام) نتيجة خاطئة لقرار خاطئ أصدره نظام خاطئ، ورحم الله القائل يوم قال: "وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها".. آه لو تعلم كيف كانت مصيبة المسلمين فيك حينما أُعلن عليهم نبأ توليك مشيخة الأزهر، آه لو تعلم كيف كانت مصيبة الأزهر بك منذ فُرضت فرضا على كرسي مشيخته، آه لو تعلم كيف تلعنك قلوب المؤمنين، لأدركت كيف كانت مصيبة هذا المنصب على دينك ودنياك، والله وحده أعلم بما في الآخرة.
اقرأ أيضاً:
إلى بثينة كامل .. من وحي سطورك / حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية / استشارات عن الحجاب / قاتل الله الكرة.. كم تفرق بين الأشقاء