ما أسهل أن نرمي شخصا في سلة المهملات، وما أسهل أن نحكم على شخص بالفشل، لكن الصعب والصعب جدا أن نحول هذا الفشل إلى نجاح، ونفجر داخل الشخص طاقاته الخفية ليصبح متميزاً بين البشر.
ما أسهل أن نطلق الأحكام القاسية ونحاصر الشخص في زاوية ضيقة من أخطائه لا يستطيع منها فكاكا، لكن الصعب أن نفتح له من بين الظلام طاقة النور التي تنقله من غياهب الفشل إلى قمة النجاح.
ثارت هذه الفكرة في رأسي بعد مشاهدتي لفيلم فرنسي بعنوان (رجلان في المدينة) يحكي قصة أحد المجرمين العتاة الذي يقع في يد العدالة ويودع السجن، وفي السجن يلمح الأخصائي النفسي نقطة النور في قلب هذا الشخص ويؤمن بها، ويتحدى الجميع أن هذا الشخص إذا ما أتيحت له الفرصة سيصبح شخصا صالحا ومختلفا، وبالفعل يبدأ المجرم بالتغير ويظهر الإنسان بداخله ويذوق حلاوة النجاح إلا أن أحد المحققين والذي يؤمن أن المجرم سيظل دائما وأبدا مجرما ظل يطارده لإثبات ذلك، ويحوّل كل فعل صالح منه إلى معنى شديد الإجرام حتى يقوده في النهاية إلى المقصلة لتكون نهايته، وقبل إعدامه ينظر بعينين يملؤهما الحيرة والحزن إلى معالجه النفسي والتساؤل يملؤهما.
عندها ومع منظر المقصلة سالت دموعي غزيرة وأنا أشعر أننا كثيرا ما نفعل ذلك بشكل غير ظاهر، كثيرا ما نحاصر الآخرين بنظرة واحدة وأحكام مسبقة لا رجعة فيها فنجهض كل محاولاتهم في التغيير، نفعلها كثيرا مع أطفالنا، حتى أنني كثيرا ما أمازح الأمهات حينما يفعلن ذلك وأقول لها هل تعرفين أشعر أن ابنك هذا يقول: جعلوني مجرما!!!!!!!
جربت ذلك كثيرا، قليل من التقبل للأخطاء وقليل من حسن الظن والكثير من محاولات الفهم قد تغير تصوراتنا عن كثير ممن يحيطون بنا، وقد نلمح نقطة النور بين سحائب سوداء كثيفة تحجبها.
بل إننا نفعل أحيانا ما هو أقسى من ذلك بكثير فحتى بعد أن يتغير الشخص ويعدل من سلوكه يظل يدفع ثمن أخطائه مدى الحياة، ونظل نذكره بها ليل نهار وكأننا نسد كل أبواب التغيير ونصر أن يكون طريقه الوحيد إلى.... سلة المهملات.
ولو تأملنا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم وفي رواية: خير لك مما طلعت عليه الشمس). لرأينا هذا المفهوم يتجلى بوضوح، والهداية معنى واسع يشمل كل جوانب حياتنا.
ولا أنسى حبيبنا صلى الله عليه وسلم وهو يبكي حينما مرت جنازة لنصراني (أو يهودي) أمامه فقيل له أنه غير مسلم فقال صلى الله عليه وسلم (أليست نفسا تساق إلى النار؟).
ولو حاولنا أن نفعل ذلك سنذهل من حجم النتائج التي سنجنيها.
ترى هل سنبحث عن نقطة النور أم سنلقي الآخرين غير عابئين في....... سلة المهملات؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
مع تحياتي
12-4-2006
واقرأ أيضاً:
أولادنا في رمضان1 / التحسينات