كان حوارا لطيفا مع والدي الحبيب (حفظه الله) حول موضوع معين قلت له في نهايته: "هل تعرف يا أبي ما الفارق في ظني بيننا وبينهم؟ هو أننا نتوقف عند الضروريات، أما هم فينظرون إلى التحسينات".
ورغم أن الموضوع الذي كنا نتحدث فيه لا يهم القارئ في شيء، إلا أن هذه العبارة جعلتني أتوقف عندها طويلا. إنها نقطة أراها أساسية وجوهرية إذا أردنا المقارنة بين تفكيرنا في مسألة أو أمر (ولا أعني التعميم وإنما أتحدث عن الشائع) وبين تفكير الغرب المتقدم، وعلاقة ذلك بما وصلوا إليه في حياتهم من تقدم، وبين ما نحاول (صادقين) أحيانا الوصول إليه دون نتيجة مرضية؟
وأحسب أن اتجاهات التفكير وسقف الطموحات ومنتهى الأمل تحدد أو "تحد" كثيرا من النتائج المرجوة.
لاحظوها معي:
نحن: نتوقف عند استيفاء الضرورة! فمادام هذا القلم مثلا يعمل، فلا تهم التفاصيل حول نوع الخط ودرجته وسهولة الكتابة وخلافه.
وفي المقابل نراهم حينما يفكرون في تصنيع أنبوبة مرهم مثلا أو قطرة علاج، نجده لا يغفل احتياجا دقيقا (قد يراه البعض مضحكا نظريا، لكن أهميته والفارق الحقيقي يظهر عند استيفاء ذلك الاحتياج)، ألا وهو: "كيف سنفتح أنبوبة المرهم أو عبوة القطرة؟؟؟
سؤال يبدو ساذجا!!!!
عندنا: فلتفتحيه بأي شيء، أمر لا يحتاج إلى ذكاء متوقد!!!!!!!!!!!!!
لكن عنده: احترم ذلك الاحتياج، واعتبره نقطة مهمة يجب التوقف عندها، واستيفاؤها... حسنا، ليكن الحل في الغطاء، بروز مدبب قطره أصغر من قطر فتحة الأنبوبة لن يؤثر على الشكل الخارجي للأنبوبة، وسيفي بالغرض المطلوب ولن يرفع من تكلفة العبوة شيئا يذكر.
لست من المفتونين بالحضارة الغربية، رغم اعترافي بأن لها مزايا لا ينكر أي منصف وجودها لكنني فقط أضرب مثالا صغيرا على اتجاهات التفكير ومستوى الطموح.
مثال آخر: كنت أعمل في قسم التحاليل الطبية بكلية الطب، وأقيم مؤتمر تابع للقسم يستضيف خبراء أجانب وطلب مني الحضور، تخيلوا يا سادة: مؤتمر، خبراء، أوراق عمل، ويوم كامل من أيام المؤتمر تخصص لمناقشة "ملائمة نظام المعمل لراحة الطبيب الذي يعمل به" فجعلوا يناقشون شكل الكرسي الذي يجب أن يجلس عليه الطبيب عند قيامه بالعمل، وكيف يكون شكل الميكروسكوب الذي يتعامل معه الطبيب بحيث تكون انحناءات الميكروسكوب مناسبة لكيلا تؤثر على فقرات الطبيب وخلافه.
عندنا: "ناس فاضية"!
عندهم: تحسينات تجعل منتجهم، وأداءهم دائما في الصدارة.
إن عدم إغفالهم للأمور التي قد تبدو صغيرة جعل أداءهم متميزا بشكل يلحظه من جرب العمل في وجود التحسينات ثم طلب منه العمل في جو يراعي فقط الضروريات، ما هي ضروريات العمل؟؟ مثلا: طبيب (لا تهم التفاصيل)، وميكروسكوب، وأصباغ، وكرسي، وأوراق وكفى.
كنا في محاضرة علمية حول الاستنساخ واستخدام الخلايا لتحويلها إلى نوع آخر من الخلايا بحيث يتم زرعها في العضو المريض لتحل محل الخلايا التالفة. موضوع علمي بحت، معقد، جديد نسبيا، وكان المسئول عن عرضه اثنين من الأطباء، أحدهما استعان بشبكة المعلومات الإلكترونية، فوجد موضوعا مصورا على شكل رسوم متحركة، تصور الفكرة العلمية بدقة شديدة، وفي نفس الوقت تحمل الكثير من الدعابة، أو على الأقل التلطيف لجو الموضوع الجاد.
وتم عرض الفيلم، فوجدت الاهتمام والتركيز بل والسعادة على وجوه الحاضرين الذين لم يكونوا طلابا في فترة المراهقة، وإنما أساتذة تعودوا قراءة الكتب المطولة، والمجلات العلمية، والحديث المعقد، والرموز المتداخلة. بل ولم تكن تمر شريحة عرض دون سؤال أو تعليق أو نقاش أو حتى دعابة.
وقبل أن أعرض خواطري حول هذا الأمر أنقل الصورة الأخرى؛ الطبيب الثاني، والذي كان يعرض الجزء التطبيقي للموضوع، والذي هو من باب أولى أكثر علاقة بالحياة العملية، وأولى بأن يكون أكثر تشويقا للحضور، إلا أنني شخصيا فاتني الكثير من الجزء المعروض، كما أنني لاحظت أن التعليقات قد خفتت، وبدأ النظر إلى الساعات والتثاؤب و......
ومع اعتبار قدرات الطبيبين الإلقائية أو الخطابية، والتي لم أر أنها كانت العامل الأكبر في هذا الموقف فقدراتهم كانت متقاربة، إلا أنني لفت انتباهي أمر آخر فبينما عرض الطبيب الثاني مادته -التي تحمل مضمونا علميا مشوقا- على شكل سطور متراصة خلف بعضها يفصل بينها أحيانا صور ثابتة لا تتحرك، أي أنه استوفى ضروريات تقديم مادة علمية، إلا أن الطبيب الأول حاز الإعجاب الأكبر والاهتمام الأعلى.
لماذا؟؟؟ لأنهم حينما تناولوا حتى الموضوعات العلمية الجامدة لم يغفلوا التحسينات (وأعني بها ما هو غير الضروريات التي لا يستقيم العمل إلا بها) فلم يكن الهدف فقط إيصال المعلومة للمستقبل، بل كيف يوصلها بأكبر شكل ممكن وبشكل لا ينسى من ذهن المستقبل بسهولة، فلم يشغلهم جمود المادة العلمية وتعقيد فكرتها عن التركيز على الجانب الإنساني للمتلقي أيا كانت درجته العلمية، وأيا كان عمره.
طموحه يقول ما هو أفضل ما يمكن الوصول إليه؟
لكن طموحنا: هل تم تأدية الحاجة الضرورية الملحة وهي تقديم المعلومة العلمية بغض النظر عن الجهد الذي يحتاجه المستمع لتجميع المعلومات الضخمة في ذهنه فهذا شأنه؟؟!!!!!
بل إن أحد الأسباب الرئيسية لكتابتي هذا الموضوع أن أحد الطبيبين السابقين عرض كمدخل لكلامه عبارة لم أجده توقف عندها كثيرا، رغم إن الانبهار الذي رأيته بفكرة الموضوع العلمية وغرابة الفكرة بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها مرجعه لطريقة التفكير ومستوى الطموح الذي فسرته عبارة في المقدمة التي عرضها الطبيب حين قال "بدأ التفكير في استخدام هذه الخلايا لتحويلها إلى خلايا أخرى حينما وجدوا أنه حوالي 300,000 أمريكي يجرون عمليات شفط الدهون سنويا، أي أننا نخسر سنويا بلايين الخلايا بدون فائدة فلماذا لا نستخدم نفس الخلية التي نرميها هذه في تصنيع خلية كبد مثلا تنقذ مريض فشل كبدي أو خلايا مفرزة للأنسولين ترحم مريض السكر المزمن من معاناة سنوات؟؟؟
رجاءا فكروا قليلا في اتجاهات التفكير وسقف الطموح.
لذا ربما كانت هذه إجابة تساؤلي الذي أطرحه منذ زمن وهو: لماذا حينما نقدم عملا فنيا مثلا على شكل مسرحية أو فيلم حول موضوع معين، ولتكن قضية فلسطين أو العراق، نجهد أنفسنا كثيرا للتعبير عن الانفعال، وكسب تعاطف المشاهد؟، بينما نجد فيلما أجنبيا واحدا يملؤه برود الشخصية الغربية (إن قارناها بالشخصية العربية المفعمة بالانفعالات) وتسير أحداثه في هدوء، ومع ذلك يجذب انتباه آلاف المشاهدين على اختلاف المشارب والثقافات والأعمار، إنها التحسينات، فبينما يكون هدفنا الأوحد هو الضروريات: توصيل رسالة معينة عادة ما تكون الخطابة أو الكلام المباشر هو المحور الأساسي في إيصالها، نجده يدرس جيدا وباهتمام ووعي انفعالات النفس البشرية وتأثير الألوان والإضاءة والأصوات والمواقف والعبارات عليها ليصل بالمشاهد إلى قمة الانفعال بالفكرة دون ضجيج، وليخرج مشيدا بالفيلم الأجنبي، وأدعوكم إن استهواكم الموضوع أن تبحثوا في الأفلام الغربية المعادية للإسلام والمسلمين ثم تروا تأثيرها ومواقف المشاهد العربي منها خاصة غير المتحيز وأعني بهم الشباب من عمر 13- 23 والذين وجدت منهم من كان غاضبا من هذه النظرة المعادية للمسلمين لكنه لم يستطع إنكار كيف استطاع الفيلم ورغما عنه كسب تعاطفه مع الموقف الذي يراه الفيلم لولا أنه يعلم أنها أكاذيب.
أيضا إنها التحسينات أو النظر إلى دقائق الأمور وجزئياتها ومعرفة تأثير أمور تبدو بسيطة لكن وجودها يصنع فارقا شديد الضخامة في النتيجة التي نحصلها.
وربما عارض الكثيرون حديثي هذا وظنوه افتتانا بالغرب وانخداعا به، أو ربما ذهب فريق آخر إلى القول بأننا في مجال البحث العلمي مازلنا في وضع لا يسمح بالنظر إلى التحسينات إن كانت الضروريات غير مستوفاة وأن الأمر تتدخل فيه الإمكانات المادية والتقنية بشكل كبير. لكنني أتحدث عن اتجاهات في التفكير ومستوى طموح، ولأن اتجاه التفكير عادة لا ينفصل عند الإنسان في كل تصرفاته فتعالوا لنراه –أعني موضوع الضروريات والتحسينات- كيف ينسحب على حياتنا كلها.
ربما ستكون أمثلتي في أغلبها تحمل الشق النفسي نظرا لاهتمامي واحتكاكي بهذا الجانب ورؤيتي لمدى التأثير الذي يحدثه هذا الجانب.
مثلا أطفالنا والمدارس: هدف الأم عندنا "أن يتم عمل الواجب المدرسي كاملا"، وهو أيضا هدف المعلمة الأوحد، يستوي في ذلك إن كان الطفل قد كتب هذا الواجب تحت تهديد العصا، أو وهو يغالب النوم الساعة الواحدة ليلا، أو والأم تمسك بيده أو حتى لو كتبته الأم بنفسها، بل إنني رأيت أحدى الأمهات تسهر الليل تقص وتلصق في صور كان واجب الطفل أن يجمعها لتكوين شكل معين!!!
فالواجب المدرسي من الضروريات، وما عداه (الذي هو أصل الضروريات) هي مجرد تحسينات يقوم بها من يملك فراغا من وقت أو جهد أو يملك صفاء ذهن (وماعندوش مشاكل)!!!
أما أن يكتسب الطفل القدرة على الكتابة، أو الإبداع أو الابتكار، أو أن يحاول التفكير فيما يكتبه ويتعلمه فلا وقت لذلك (احنا ورانا مليون حاجة) برغم أنني واثقة من أنه إذا أصبحت الدرجات المدرسية يوما تعتمد على هذا التقييم لوجدنا الوقت والمال والجهد والذهن الصافي (لأن هذا مستقبل الولد = ضروريات).
الأم ابنها مشاغب، عصبي، تبول لا إرادي لكنه الأول على الفصل في المدرسة، وليس به آلام تجعلنا نهرع لعلاجها، إذن كل الأمور التالية تحسينات لا معنى لها.
المشاغب: تؤدبه العصا، والعصبي: نتركه يخبط رأسه في الحائط، أما التبول اللاإرادي فكل الأطفال يحدث معهم ذلك وسينتهي مع الوقت .
أما عندهم: فالأمر مختلف، فناهيك عن الاهتمام بالمشاكل، لكن حتى مع عدم وجود مشكلة يكون اتجاه التفكير يتساءل عن ما هو أفضل ما يمكن الوصول إليه؟ لماذا يتوقف أداء ابني عند 98% لماذا ليس 100% ولا أعني بالطبع الدرجات المدرسية.
كثير من البيوت تمتلئ بالمرضى النفسيين، ولا أقول فقط المشاكل النفسية العادية، لكن من حولهم لا يرون الأمر مشكلة تستحق الاهتمام (ما هم عايشين زي كل الناس ما هي عايشة) قليل من الضيق المتكرر!!! كلنا نتضايق، الكثير من البكاء!! وما المعنى؟؟ صعوبة في ممارسة الحياة اليومية والتعامل مع الآخرين!!!! المهم أنهم في النهاية يمارسون الحياة (ولا تهم نوعية الممارسة ولا فاعليتها) ويتعاملون مع الآخرين (بغض النظر عن شكل التعامل وصورته).
طفل عدواني!! لا تكبروا الأمور إنه مجرد طفل قليل الأدب .
لكن أن يكون الطموح مع الطفل مثلا أنه متميز كيف يمكن أن يصل إلى
أقصى درجات التميز، أو أن يكون الطفل (أو حتى الشخص البالغ) يواجه مشكلة كبرت أو صغرت تؤثر (ناهيك عن كونها تعيق) على تميز أدائه في الحياة فنفكر كيف التعامل معها للحصول على أقصى نتيجة مرجوة؟
لكن القانون يقول مادامت هذه الأمور لا تؤثر (بشكل شديد الوضوح) على الحياة وخاصة الدرجات المدرسية والنظام اليومي، فلا معنى لها، إنها تحسينات (رفاهية غربية لا تحتملها شعوبنا المطحونة).
رأيت إحدى الأمهات تنهر طفلها لاستخدامه أقلام التلوين في غير واجب الرسم الذي أعطته لهم المعلمة، واتهمته بالتخريب وأن مخه ينصب على اللعب فقط وتضييع الوقت، وسألت بهدوء: وما الفكرة من التلوين الذي تعطيه لهم المعلمة، قالت الأم: أحمال تضعها المدارس فوق كاهلنا بلا معنى!!!!!
منطق هذه الأم يوضح فكرة الضروريات والتحسينات بشكل كبير، فتحصيل الطفل الدرجات المدرسية ضروريات، سيعتمد عليها فيما بعد الكلية التي سيدخلها، وبالتالي الوظيفة التي سيحتلها، وبالتالي مركزه المالي والاجتماعي الذي سيحترمه الناس أو لا يحترمونه بناءا عليه، وإن كانت فتاة فسيعتمد عليه مركز ومستوى العريس الذي سيتقدم لها .
ويمكنكم أن تلاحظوا هذه الأفكار في كل جوانب حياتنا؛ العلاقات الزوجية، العمل، العلاقات الاجتماعية،.....إلخ.
وسألت نفسي وأسألكم: من الأولى بالاهتمام بهذه الدقائق والتفصيلات نحن أم هم؟ وما الدافع لديهم ولدينا للنظر إلى هذه التحسينات؟
هم: يبحثون عنها لرفاهية الإنسان الذي اعتبروه مركز الكون، وأساسه.
لكن نحن، ألا يوجد لدينا دافع مهم لأن يكون طموحنا دائما أن لا يكون هناك نقص مهما بلغت دقته؟ ألا يوجد ما يدفعنا لذلك رغم ما نجده من صعوبات نتيجة لواقع مجتمعاتنا؟
ربما ستذهلكم الإجابة: إن ديننا يا سادة الذي نتعبد لله بتطبيق أحكامه، لم يغفل يوما هذه التحسينات، بل اعتبرها أساسا من أساسياته.
انظروا معي:
ابتداءا من تحدي الله تعالى الكافرين بخلقه المعجز فقال جل وعلا: "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ (4)" تبارك. وقوله تعالى "أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6)" ق.
ما أهمية زيناها في الآية؟
وما هي الفروج؟ إنها الفتحات التي وإن وجدت لن تقلل من وجود هذا البناء الضخم؛ السماء، لكن تعالى الله عن النقص علوا كبيرا.
لكن شاهدي هنا هو أمر آخر: ألا ترون معي أن الآيات السابقة تدعونا ليس فقط للنظر، وإنما لتدقيق النظر، والتركيز على التفصيلات والجزئيات.
نعم يا سادة إن هذا هو منهج تفكير المسلم في كل حياته, فنظره الدقيق في ملكوت الله جعله يهتدي إلى خالقه ويطمئن قلبه للمنهج الرباني فيتخذه منهاج حياته.
بل إن التحسينات تملأ شريعتنا (إن اعتبرناها تحسينات):
انظروا لقوله صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة" ما الفكرة؟ وما الهدف؟ وماذا تجدي الابتسامة؟ وكيف تعتبر صدقة كما لو اقتطع الإنسان من ماله للفقراء؟ وهل ترقى الابتسامة في تأثيرها في نفس مستقبلها إلى تأثير المال في نفس الفقير المحتاج؟
لن يموت الناس بالتأكيد إن لم نبتسم في وجوههم، لكن الأكيد أن تبسمك في وجه أخيك سيكون له أثر كبير لذا ارتقى فاعتبر صدقة.
وما هو السلام الذي هو تحية المسلمين في الدنيا والآخرة؟ بل والذي كان إلقاؤه سنة ورده واجبا؟ ما معناه وما مفهومه؟ أم سنظل نتوقف عند الأداء دون التفكير في المقاصد؟
ولماذا نجد آيات في القرآن -الذي لم ترد فيه تفاصيل الصلاة التي هي العهد بيننا وبين الكافرين- أقول لماذا نجد فيه آيات تتحدث عن النجوى وآدابها؟
بل لا حظوا التعبير القرآني الدقيق "ليحزن الذين آمنوا"، لن تنتهي حياة المؤمنين إن لم يتأدبوا بآداب النجوى، لكنه الإحسان منه جل وعلا.
وما المعنى أن يكون علاج قسوة القلب أن تمسح على رأس يتيم؟؟!!
راجعوا يا سادتي المراجع الغربية الكبرى في علم النفس، وعلم اللغويات العصبية لتذهلوا من دقة الإجابة؟
بل إن الأمر أشد وضوحا عندما يعلنها صلى الله عليه وسلم فيقول:
"إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة".
الإحسان وليس الإتقان فقط. فقد يكون العمل متقنا لكنه غير محسن، قد يكون الطعام لذيذا جدا لكن طريقة العرض...!
بل إنني لا أنسى تعليق الأستاذ محمد قطب على هذا الحديث في كتابه الرائع (قبسات من الرسول صلى الله عليه وسلم) وكيف أنه صلى الله عليه وسلم أعطى مثالا للإحسان بالقتل والذبح. وما الفائدة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن نحسن قتل أو ذبح شخص أو شيء ستنتهي حياته بعد لحظات؟ وما الفارق الذي سيجنيه ذلك المقتول أو المذبوح إن أحسنا أو لم نحسن؟.
نحن يا سادة مأمورون بأن يكون عندنا أحسن نظام إعدام في العالم!! فكيف سادتي بأنظمة التعليم والتربية والتعامل والعلاقات وغيرها؟؟؟؟؟
ما هذه الدقة التي يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بها مثالا على العدل بين الأبناء فيأمرنا بأن... نساوي بينهم في القبلة والهدية!!!!!!
وما الكارثة التي ستحدث لطفلي إن قبلت أخاه ولم أقبله؟ وما حجم الضرر الذي سيحدث إن أهديت واحدا قلما رخيص الثمن وأهملت الآخر؟؟؟
سادتي الأفاضل هكذا ارتبطت المشاهد في ذهني وتقاربت، وأعلم أن الأمر تدخل فيه عوامل كثيرة لكنني بمقالي هذا ربما أردت فتح باب للحوار والنقاش حول الفكرة، فجزى الله خيرا كل من قرأ هذا المقال فأضاف إليه ولكاتبته تعليقا أو تعديلا أو نقدا أو فكرة.
تم بحمد الله وفضله
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه (الضروريات) ولا يزال............. (التحسينات) حتى يصل إلى درجة الربانية يقول للشيء كن فيكون.
اقرأ أيضاً:
الفيلم / أولادنا في رمضان1 / ليلة في العناية المركزة