كنا في المركز الإسلامي في نيويورك، وعرفنا أن محاضرة قد أعدت لقس دخل في الإسلام وأصبح اسمه: توفيق إدريس، وسيقدم محاضرة بعنوان: "رحلتي من المسيحية للإسلام" ودعينا لحضورها، وعرفت أن توفيق إدريس الأيرلندي الأصل كان قسا مسيحيا في بريطانيا ثم اعتنق الإسلام منذ 10 سنوات وانتقل للحياة في الإسكندرية بمصر (وابتسمت لثقافتي العالية فأنا أعيش في مصر ولم أسمع عنه بينما بلغت شهرته أن استضافته الجاليات المسلمة عبر العالم) ولم تتح لي فرصة حضور المحاضرة كاملة فقد اضطررنا للمغادرة قبل انتهائها لارتباطنا بموعد السيارة التي تقلنا، غير أن الجزء الذي حضرته أثار معاني غالية أحببت أن أسجلها:
* في بداية المحاضرة قال: قبل أن أتحدث في موضوع المحاضرة أريد أن أنبه أن من يجلس هنا وينتظر أن يسمعني أعيب في المسيحية أو أسب فيها أو في أهلها فهو يجلس في المكان الخطأ، وذلك لعدة أسباب:
أولا: لأنني (والحديث له) لا أرى أمر إسلامي تحولا من طريق لطريق فقد كنت قسا مسيحيا تعمقت في دراسة المسيحية، لذا أرى أنه طريق مستقيم انتقلت فيه من نقطة لنقطة أكثر تقدما، أو لنقل أنني كنت طفلا حينما كنت مسيحيا ثم كبرت وأصبحت أكثر نضجا فصرت مسلما، فأنا أراهم جميعا خط مستقيم واحد الإسلام هو نهايته.
ثانيا: لأنه لا يصح أبدا أن يسب الإنسان ماضيه، مهما كان هذا الماضي بل ومهما كان الإنسان سيئا فيه، فالله تعالى جعل الإسلام يجب ما قبله ليمحو الجزء السيئ من الماضي غير أنك لابد أن تظل تحب تلك التجربة التي وصلت بك إلى ما أنت الآن عليه من الهداية، فلو لم يكن ذلك الماضي لما كان حاضرك الجميل هذا موجودا، فحتى من كان مغرقا في ذنوب ثم من الله عليه بالهداية لابد أن يحمد ربه حتى على ماضيه السيئ الذي دفعه للشعور بالذنب والبحث عن طريق النور، بالتأكيد يكره الذنوب والآثام لكنه لا يلغي فترة من حياته فهذه الفترة بالتأكيد هي جزء لا يتجزأ من قصة حياته التي انتهت به إلى طريق الهداية؛
وإياك أن تكون قد أحببت أناسا في ذلك الماضي ثم بعد أن تغير تفكيرك أو قناعاتك تبدأ بالسباب فيهم ، هل تعرف لماذا؟ لأنك بذلك ستكون شخصا لا يعرف كيف يحب، ربما تكره أخطاءهم، وربما لا تحب حياتهم لكن ستظل تحبهم ربما على الأقل لأنهم كانوا من السوء حتى دفعوك للبحث عن طريق الهداية.
احذر بعد أن تترك آخرين أن تذكر أخطاءهم فالله تعالى يقول: ولا تنسوا الفضل بينكم، بل تذكرهم دائما بأجمل شيء فيهم، وتذكر أفضالهم عليك وأنهم يوما أحبوك رغم عيوبهم، فان لم تفعل فاعلم انك من الأشخاص الذين لا يملكون القدرة على الحب الحقيقي فمن يحب أحدا من الصعب أن يسئ إليه حتى لو اختلف معه، فهم سيظلون جزءا من ماضيك، وهل رأيت رسول الله وهو يحب عمه أبو طالب الذي أحبه ورعاه، ورأيته يتألم من أجله وهو يرفض الإسلام لكنه ظل يحبه حتى بعد أن مات على الكفر فسمى المسلمون عام وفاته عام الحزن، عام حزن للمسلمين بسبب وفاة كافر!!!!!! هل تصدقون؟
واقرأ أيضاً:
خواطر الرحلة / صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم