أرسل محمد دعدورة (25 سنة، طالب بكلية الهندسة، مصر) يقول: ضحايا النوايا الحسنة
السلام عليكم هذا يوضح أن الأمة عندها بالكامل مشكلة وهي الإلمام بثقافة الماضي وانتظار المستقبل وأحيانا توقع التشاؤم فيه وتترك الحاضر ولا يعمل فيه ناهيك عن تفعيل التشاؤم وخلط الأمور من قبل الجميع وأيضا تفعيل لكلمة أننا لا نتفق مع أن الحقيقة المرة هي أننا لا نستوضح الأمور فكل يريد رأيه فقط أن يتفق على أنه الأصح، لم يتعلم أن الاختيار للصواب خير من تنفيذ الرأي من وجهة نظري وخبرتي البسيطة في التعامل مع الناس والأقران وهذا خطأ تربوي والله أعلم على خلفية التعصب القبلي والكروي الذي تعاني منة الدول العربية.
إن المشكلة الحقيقة التي نعاني منها هي عدم التطبيق فنحن بفضل الله نملك العلم ولكن بلا تطبيق وهذا طبيعي فندرس بلغة غيرنا ونقوم بعمل الأبحاث التطبيقية لهم من ضمن المشكلات أيضا الإحباط الذي أصاب الجميع أناشدكم في برامجكم التلفزيونية بث روح العزيمة للشباب بأنه يقدر والحد من ظاهرة شيخ الجمعة الذي لا يعرف عن الدين إلا الآخرةP
والله الموفق وآسف للكلام المقتضب نظرا للامتحانات
ادعوا الله لي بالتوفيق
20/5/2009
الأخ الكريم:
منذ زمن لم نتبادل الرسائل والرأي رغم أنني أعتز بمتابعتك لما أكتب، ولإعادة ترتيب ما نتداوله معا تبعا لإدراكك الذي يهمني الإطلاع عليه، كونك من سن أصغر، ودوائر حركة مختلفة عما أدور فيه!!
أطلب منك كما طلبت مرارا أن تتأكد من تصحيح أخطاء الإملاء والأسلوب قبل أن تدفع برسالتك إلينا، ولا يوجد أي مبرر للعجلة، ولا أي مبرر لعدم التدقيق، وهو ما أحرص على تذكير طاقم مجانين به من آن لآخر تلافيا لأخطاء ساذجة تظهر فيما ينزل لي من إجابات أو مدونات نتيجة لعدم التدقيق!!!
لا أتفق معك أن أمتنا لديها إلمام بثقافة الماضي، فما لدينا من الماضي مثل ما لدينا من الحاضر أو المستقبل: مجرد أيقونات وصور وأشكال، فتسمع من يقول لك مثلا أن الحرص على النقاب واجب لأنه لباس أمهات المؤمنين، وبزيادة متر أو أقل في القماش تحصل المسلمة عل أيقونة أمهات المؤمنين، ولو أن عشرة بالمائة من حائزات هذه الأيقونة تخلقن بالأخلاق، وتحلين بالوعي والفقه وبعض التطبيق لما كان حالنا وحالهن كما نرى!!
قل مثل ذلك في اللحية أو تقصير الثوب أو ارتداء العمامة أو الحرص على الأشكال أيا كانت، ولست أنا ضد الأشكال، وأهمية الحفاظ عليها، بل أرصد هنا أنها لدينا صارت بديلا سهلا ومريحا جدا عن الحقائق والمضامين والوعي والثقافة سواءا في الماضي، أو غيره!!
ومثل ذلك واقع في شأن الحداثة والتكنولوجيا، أو غير ذلك فما عندنا منها هو مجرد كليشيهات وأيقونات دون حقيقة احترام العلم، أو ممارسة البحث، أو نزاهة التدقيق، أو بلورة الرأي، أو تداول التصويب والمراجعات، وتسديد الخطأ، والتعاون على البر بأنواعه!!
نحن نردد فقط كلاما جميلا عن أصول الإسلام، ودعائم نهضته، وأخلاق أتباعه في تحري الحق، وإلزام النفس بنتائج هذا التحري الدءوب النزيه، أما في الممارسة فالتعصب القائم على الجهل، وضيق الأفق، والخلط بين الأمور هو سيد الموقف!! وأعتذر منك مرة أخرى حين أختلف معك في قولك بأننا نملك العلم، وينقصنا التطبيق، والحقيقة أننا ندعي العلم، ونحشد أيقوناته ومظاهره وإكسسواراته، لأن العلم الحقيقي تظهر له أعراض ونتائج غير ما لدينا تماما، بل إن آفة من أخطر آفات حياتنا أننا شبه موقفين بأننا نعلم، وبالتالي أوقفنا كل عمليات الاستيضاح والمراجعة، وطلب المعلومة الصحيحة، والحوار المؤدي للاختيار الأصوب، وبالتالي فإن التمسك الأعمى بالرأي لدينا إنما هو مؤسس على جهلنا العميق بجهلنا!!
وما دمنا نجهل تماما أننا جهلاء، بل نعتقد تماما أننا نملك العلم كما تعتقد أنت، ونخلط بين إكسسوارات العلم وأيقوناته، وكليشيهات المتعالمين التي يتلوها على أسماعنا نفر ممن يمتلكون بعض القشور، ومن لا يعرفون من الدين إلا بعض الكلام عن الآخرة، ولا يعرفون من الفقه غير ترديد ما حفظوا من نصوص الكتاب والسنة، وآخرون لا يعرفون من العلوم كلها إلا شوية كلام سطحي وبالشبه!!
حين يكون هذا هو الجو العام والمحيط الذي نسبح فيه فلا عجب أننا نغرق في أخاديد بلا قيعان حتى إذا قلنا هذا لنبدأ غيره ينبري لك من يعتبر هذا هجوما ـ ولا أدري على من؟! ـ وتعميما وإحباطا وألفاظا نابية!!!
أنا من أنصار المصارحة بما لدينا فليس هناك من فرصة ولا وقت لتزويق الكلام، والواقع منهار تماما للأسف الشديد، ولكنني حين أقرر هذا وأفصل في تضاريسه أكرر دائما أن من يرفضون هذا ليسوا قلة معزولة، ولا ضعيفة، وأننا نستطيع فعل الكثير، وأن التغيير ممكن، لأنه لو لم يكن الأمر كذلك لبحثت عن شيء آخر أقضي فيه وقتي غير إزعاج الناس بما لا يحبون!!
وأكرر دون ملل أن لدينا بدايات طيبة جدا وواعدة لكن بما لا ينفي أن الواقع منهار من نواحٍ كثيرة، ولكن الإنسان فينا غالبا ما يرفض هذا ويغضب، ونجاحنا يكمن في التخطيط والترشيد لهذا الغضب والرفض وتحويله إلى أجندة عمل، وهذا ما أحاوله هنا وهناك وفي مواضع أخرى، وبصور شتى، والله الموفق.
واقرأ أيضًا:
على باب الله: الأمة هي الحل/ على باب الله: فصل: في قولهم من لا شيخ له، فالشيطان شيخه