مهمة مستحيلة.. هكذا كان يراها صديقي قبل ماتش مصر والجزائر بساعات قلائل. لكنه بعد المباراة وجد نفسه في الشارع، ورغم منصبه المرموق لم يجد حساسية في أن يسير وسط الشباب ليحكي لي ما شاهده عن مصر لما بتفرح.. قال لي صديقي إنه اكتشف أن المصريين عادة لا يبتسمون ولكن شباب هذا البلد عندما يبتسمون فإن لهم ابتسامة مصرية رائقة تجعل وجوههم في غاية الجمال والروعة وأن الابتسامة المصرية ابتسامة فريدة من نوعها لأنها لا تعبر عن السعادة فقط ولكنها ابتسامة تفيض سماحة وتعكس صفاء في القلوب وطيبة في العيون...
وقال لي إن المصريين لهم سر فرغم الأعداد المهولة فإنك تشعر فورا كأنهم يعرفون بعضهم بعضا كأن كل هذه الآلاف المؤلفة مع تنوع طبقاتها قد ولدت لأب واحد وأم واحدة وأنهم أكلوا جميعا من ذات طبق الفول بالزيت والليمون. والمثير للتأمل أنه رغم خروج الناس في الشوارع بهذا العدد الهائل فإنك لا تجد سيارة أمن مركزي واحدة، مجرد عسكري مرور وضابط صغير السن وعلى وجهه ابتسامة عريضة. أولاد وبنات في عمر الشباب وفي سن المراهقة يرفعون علم مصر بكل حماس ويبدعون في التعبير عن فرحتهم بخفة ظل صناعة مصرية خالصة ويهتفون باسم مصر وليس باسم هذا أو ذاك.. أعداد هائلة من الأعلام خلقت كرنفالا من الأبيض والأسود والأحمر على مدد الشوف...
قال لي صديقي شبان مصر شكلهم جميل فعلا وبناتها زي القمر. اختلط هذا بذاك ومع ذلك لم أر مشهد تحرش واحد ولم أسمع كلمة نابية واحدة رغم تنوع الطبقات الهائل والأعجب من كل هذا وذاك أن شبان هذا البلد ظهروا وكأنهم يحافظون على أخواتهن البنات .في الشارع حالة أمان كامل تبدو على وجوه بنات مصر رغم كل الهوجة والهيصة. وسألت صديقي لماذا نزلت إلى الشارع من الأساس؟ فأجاب "نزلت لكي أرى المصريين وهم يفرحون ولأرى كيف يفرحون، ورغم أن الحدث هو مباراة كرة قدم لكن الفرحة مشروعة لأن الفرحة دائما مشروعة مهما كانت أسبابها" وقال لي أيضا: نزلت لكي أتدفأ بالمصريين، نزلت بعيون ترصد وبعقل يفكر ولكني عدت بقلب يرقص وبابتسامة عريضة على الوجه وقال لي قلبي إن الحاكم الذي يعزل نفسه عن كل هذا الحب والدفء هو خاسر مهما كسب. وقال لي أخيرا إنه يتمنى أن يأتي يوم تتبادل فيه وزارة الداخلية مع هذا الشعب الرائع ابتسامات الأمان والمحبة والفرحة بمصر يوميا وعلى مدار الساعة، يا رب أحفظ لنا مصر يا رب احميها.
اقرأ أيضاً:
مؤتمر الدول الموقعة علي اتفاقية محاربة الفساد/ قرية المريس يا سيادة الرئيس