حدثت معي قصة وأحببت أن أقصها عليكم لعل فيها تسلية ومعنى ووالله إنها قصة واقعية ليست للمبالغة الإعلامية.
كنت منذ شهور في مخيم للشباب في فايد وكنا ننزل في إحدى القرى، وفي يوم من أيام المخيم كنا نستعد لبدء محاضرة جديدة غير أني شعرت بنعاس شديد لم أستطع مقاومته، ورغم أن قواعد المخيم كانت تمنع من التخلف عن المحاضرات إلا أنني أخبرت زميلتي في الغرفة أنني سأذهب قليلا إلى الغرفة ثم أعود، وكان المبنى الذي نأخذ فيه المحاضرات ونتناول فيه الطعام يبعد بمسافة ليست قريبة من مبنى الغرف وكنا قد حجزنا المبنى كله لحسابنا تقريبا.
المهم ذهبت للغرفة، ودخلت ثم وضعت المفتاح وهاتفي الجوال على الطاولة بعد أن أغلقت الباب على نفسي من الداخل ثم دخلت إلى الحمام، وأغلقت بابه؛
ثم تذكرت أمرا... أن باب الحمام ببساطة:
لا يفتح من الداخل
كان مقبض الباب تقريبا منفصلا تماما عن اللسان الذي يغلق الباب.
لم أتوتر ولم أفزع وحاولت تحريك المقبض عدة مرات فلم يجد ذلك، طرقت الباب بشدة علّ أحد يسمعني عشرات المرات حتى أصيبت يداي بالخدر، ولكن لا نتيجة.... ناديت بصوت عالٍ أنني في الغرفة ومحبوسة؛
لا إجابة
وتذكرت كل ما شاهدته من أفلام الأكشن الأجنبية فحاولت الخروج من النافذة (من الدور الثالث) وجعلت أحاول فتح الباب باستخدام مشبك الشعر وهكذا، لكنني اكتشفت أنني لست في هوليوود.... وكنت أضحك مع صديقاتي وأنا أروي لهن القصة فقلت: وكنت أراهم في المسلسلات المصرية يضربون الباب بكتفهم فينفتح الباب على مصراعيه، فابتعدت عن الباب واندفعت أحاول ضربه بكتفي و.................................. انخلع كتفي ولم يفتح الباب.
قلت لنفسي لا تقلقي، انتظري قليلا ولابد أن يمر أحد فيسمعك.
كنت متأكدة أن الأمر سيحل، فرفيقتي في الغرفة ستأتي ولابد، أو سيسمعني أحد ولابد.
فجلست أنتظر وأدعو الله، لكن كنت على يقين أن الأمر سيحل
لكن وبعد ساعة وعشرة دقائق وعشرات أو ربما مئات الطرقات على الباب بكلتا يدي، والمحاولات المستميتة لتحريك مقبض الباب أو هزه، لكنني وجدته غير مرتبط إطلاقا بلسان الباب، وبدأت أنتبه أن الحل ليس أكيداً بهذه البساطة، فبعد المحاضرة سيكون الغداء، وبعده جولة على البحر ثم محاضرة، والكل ملتزم بالبرنامج أي أن الأمر قد يستمر إلى الليل ولن يقلق أحد فسيتوقعون أنني فضلت الجلوس في الغرفة....
كما أن هناك أمر آخر؛ زميلتي في الغرفة لن تحضر إلى الغرفة قبل أن تتأكد أنني موجودة بها لأفتح لها وبالتالي ستتصل بهاتفي وحينما لن يرد قد تحسبني نائمة أو غير موجودة وتذهب إلى غرفة أي من صديقاتنا كيلا تزعجني، بل إن هناك أمر آخر؛
لقد أغلقت الباب بالمفتاح من الداخل، والفندق متواضع لدرجة أنهم حينما أرادوا أن تقوم خدمة الغرف بتنظيفها طلبوا منا المفاتيح لأنه ليس لديهم مفتاحا بديلا للغرف وهو ما تعجبنا له، إذن حتى لو تنبهوا للأمر لن يكون فتح الباب سهلا، وسأنتظر حتى يأخذ أحد سيارة ويحضر النجار من الإسماعيلية لفتح الباب فالفندق غير محاط بأي مرافق (طبعا كان لدي وقت طويل لاستعراض كل الأفكار والخيالات في هذا الجو الشاعري)، وبدأ القلق والتوتر يتصاعدان في نفسي؛
هل سأظل محبوسة في الحمام إلى الليل؟!
وبعد أن كنت متيقنة من وجود الأسباب بدأت هذه الأسباب تنقطع بالتدريج
وكنت متيقنة أن الحل الذي سينقذني الله به هو أحد اختيارين إما أن يسمعني أحد أو أن يحضر أحد للغرفة، وليس هناك أية احتمالات أخرى..
وفي لحظة انقطعت أمامي الأسباب تماما
ناديته
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
وأقسم بالله يا سادة حركت مقبض الباب مرة واحدة فإذا بالباب ينساب في هدوء، لم يفتح حتى بالشكل التقليدي الذي تعودنا عليه، بل انفتح بهدوء غريب وكأن أحدا قد فتحه، وأنا لست ممن يوهمون أنفسهم أو يبالغون.
احتمال لم يخطر ببالي على الإطلاق، لم يكن عندي أدنى أمل أن ينفتح الباب بلا أسباب.
وخرجت وأنا أشعر بشعور غريب، ليس الشكر والامتنان لله عز وجل فقط، بل برغبة عارمة في أن أتوب في تلك اللحظة.
ووقعت ساجدة أشكره عز وجل وأستغفره.
ومن وقتها علمت أنه ليس لي أن أحسب كيف سيخرجني الله من أي كرب، فنظرتي شديدة السذاجة والضيق، وتعمق شعوري بقوله تعالى: "أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ"(يس:81)
الطريف أنهم بعد ذلك كلما غبت، تفقدوني في................... الحمامات
ومن يومها،
ورغم كل ما بي من سوء ومن شدة أخطائي،
لكن قلبي،
مليء بالأمل والثقة
في العليم
الودود
الرحيم
القريب
البصير
الكريم
تحياتي
اقرأ أيضاً:
خواطر الرحلة: المَلِك / في يوم السادس من أكتوبر / في يوم وقفة الحجيج / رجل وأربع نساء