أرسلت دينا سعيد (29 سنة، Teaching Assistant، كندا) تقول:
في الآونة الأخيرة حدثت أكثر من مشكلة بل لنقل مصيبة لأكثر من واحدة من صديقاتي ومعارفي، وقد دفعتني هذه المشاكل لأن أفكر كثيرا في العلاقة بين الرجل والمرأة وماذا يريد الرجل بالتحديد؟ وسأختار ثلاث مشكلات هنا لأسردها حتى أوضح لكم وجهة نظري:
المشكلة الأولى: فتاة، طبيبة، متزوجة من طبيب ولديهم ابن وهما متقاربان في السن والمستوى الاجتماعي وفي كل شيء، استيقظت من النوم يوما لتجد زوجها يخبرها بأنه سيتزوج فتاة لم تحصل إلا على دبلوم تجارة وتعمل بائعة في أحد المحلات، كما أنها أكبر منه بخمس سنوات ولا تعادل واحد على عشرة من زوجته في الجمال. لماذا؟ أحبها. هل قصرت في شيء؟ لا فقط أحبها. طيب ماذا أفعل حتى أرضيك؟ لا شيء أنا أحبها ولا أستطيع العيش بدونها، قالت ربما كانت مجرد "نزوة" وهو في النهاية زوجي وأبو ابني فماذا يمكنني أن أفعل؟ وظلت لعام كامل تحاول بشتى الطرق إقصاءه عن قراره، وهو ما زال على إصراره أن يتزوج بالأخرى، حتى وصلت لدرجة أن أغمي عليها وهى على سجادة الصلاة من كثرة البكاء وتم نقلها للمستشفى!!!
المشكلة الثانية: فتاة مخطوبة لشاب من أيام الجامعة تعرفه لتسع سنوات متصلة، وكل الناس يشيدون بأخلاقه وتدينه، فوجئت قبل الزواج بأسبوع أنه على علاقة زنا بامرأة متزوجة من خمس سنوات!!!
المشكلة الثالثة: فتاة متزوجة من زميلها بالدفعة والذي حفي أيام الجامعة طلبا لودها، وأرسل لها الواسطة بعد الأخرى حتى رضيت أن تتزوجه ولديهم الآن ابنة، اكتشفت أنه على علاقة بساقطة عمرها 45 سنة وأنه استأجر لها شقة مفروشة منذ ثمان سنوات (أي منذ أن كان في الثانوية العامة) وطوال فترة حبه لها وخطوبتهم ثم زواجهم لم يتوقف عن علاقته بها قط. ولا تسألوني عما حدث لهذه الزوجة، لأنها منذ أن عرفت بالأمر وهي في مستشفى نفسي تعانى من اكتئاب حاد!!!
العجيب جدا في هؤلاء الرجال الثلاثة وغيرهم من الحكايات أنهم جميعا يشهد لهم كل من عرفهم بالأخلاق والتدين، وأن منهم من كان يؤم الناس في الصلاة في الجامع، ومنهم من هو حافظ للقرآن، وهو ما يجعلك تتساءل: ما الأمر؟
فالموضوع ليس نزوة أو سقطة بل هي علاقات استمرت لسنوات، أي أن هؤلاء الرجال ينقصهم شيء لا يجدونه إلا عند تلك النساء.
ستقولون لي أن أصابع اليد الواحدة لا تتشابه، وليس كل الرجال هكذا؟ وسأقول لكم نعم قطعا ولكن كما قالت إحدى صديقاتي والتي شربت الأمرين من خيانة الرجال "لعلمك مفيش رجل لا يقع" ليس بالضرورة أن يقع لدرجة الزنا، ولكن أي رجل لابد سيخطئ في يوم من الأيام ويخون ولو خيانة معنوية، أنا طبعا لا أوافقها في ذلك، ولكنني فعلا أعتقد أن كل رجل يحتاج في حياته لأربع نساء يقمن بالأدوار التالية:
الأولى: زوجة، محترمة، بنت ناس، واجهة اجتماعية، تربى الأولاد، وحبذا لو كانت طباخة ماهرة.
الثانية: حبيبة، يرتاح على صدرها ويبكى ويكتب فيها أشعارا وتقوم بدور الأم في حياته التي تطبطب عليه وتحتويه.
الثالثة: صديقة، عاقلة جدا، مخها كبير، يستطيع أن يستشيرها في كل مشاكله وقد يستشيرها في مشاكله مع زوجته أو حبيبته، وغالبا هو لا يرى أنها أنثى أصلا ولكنها صديقة "جدعة" تفهمه ويرتاح للكلام معها.
الرابعة: عشيقة: وهى التي (يستمتع) بممارسة الجنس معها ومن الممكن أن يكون لا يحترمها ولا يحبها ولا يعتبرها صديقة قطعا.
ولكن أحيانا تنزل عروض (اثنين في واحد)، يعنى أحيانا يجد الرجل الزوجة والصديقة في عرض خاص، أو الحبيبة والعشيقة معا. وأحيانا في أيام التخفيضات يكون هناك عروض (ثلاثة في واحد) أيضا، ولكن من النادر جدا جدا أن يجد الرجل عرضا من نوع (أربعة في واحد)، وإذا وجده فغالبا ما يكون معيبا، عمره قصير، أو سبق استخدامه أو أشياء من هذا القبيل!!!
ستقولون لي إذن فهو دور الزوجة أن تقوم بلعب هذه الأدوار كلها مع زوجها وهي المقصرة إذا لم تستطع ذلك، وسأقول لكم مع اعترافي أن هناك بعض الزوجات المقصرات في حق أزواجهن، ولكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. فأحياناً تكون القدرات العقلية للزوجة أقل من زوجها بكثير ومهما حاولت فهي لن تستطيع أن تلعب دور الصديقة، وأحياناً تكون إمكانات الزوجة الجمالية ضعيفة فلا تستطيع أن تكون "هيفاء وهبي" التي يريدها زوجها، وأنا أرى العديد من صديقاتي اللاتي تشتكين من أنهن يبذلن أقصى ما في وسعهن فيعملن طباخة ومربية وخادمة وسائقة ومدرسة وزوجة، ورغم ذلك فإن أزواجهن لا يرضون لأن هناك دورا أو اثنين هن لا تستطعن أن تلعبنه. فأقول لهن "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" ألستن تعملن ما تستطعن فهل ستقتلن أنفسكن مثلا؟
إذن فجزء من المشكلة هو فيك عزيزي الرجل، فإذا كانت زوجتك تفعل كل ما بوسعها ولكنك ما زلت تفتقد دورا أو أكثرا من الأدوار السابقة، فنحن فعلا نقدر معاناتك، ولكننا نطلب منك العدل، فأنت لست توم كروز أو براد بيت حتى تحصل على زوجة كاملة متكاملة خالية من العيوب وصالحة للاستهلاك الآدمي حتى آخر يوم في عمرها. لابد سيدي أن تتقبل أن يكون بزوجتك عيوبا كما أن بك عيوبا. وإذا كنت تشعر أنك مبتلى بزوجتك لعدم استطاعتها أن تقوم بكل هذه الأدوار، فإنك لست وحدك المبتلى في هذا الكون، فهناك من حرمه الله نعمة النظر، وهناك من حرمه الله نعمة الولد، وهناك وهناك فاصبر على ما ابتلاك الله به"...... عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" (النساء:19).
ولترتب سيدي الفاضل قبل الإقدام على الزواج أولوياتك. وحدد ما هي الأشياء التي لا تتنازل عنها في زوجتك؟ وما هي الأشياء التي من الأفضل أن تكون موجودة؟ ولا تخدع نفسك حتى لا تظلم نفسك وتظلم من ترتبط بها. وإذا اخترت زوجة وأنت تعرف مثلا أنها غبية ولكنك فضلتها لجمالها مثلا، فلا تلمها بعد ذلك على غبائها فأنت من اخترت، وإذا اخترت زوجة ليست "نانسي عجرم" ولكنك فضلتها لدينها وعقلها فلا تلمها بعد ذلك أنها ليست نانسي عجرم. أنت صاحب الاختيار وطالما أنك اخترت فارض بما قسمه الله لك، وإن شاء الله سيعوضك الله في الجنة بالحور العين جزاءاً على صبرك علينا.
أما صديقتي البنوتة فإنني أهمس لك بأنك إذا وجدت رجلاً يعتبرك صديقته ويحكى لك ويستشيرك فلا تتوقعي أنه يحبك، أو أنه سوف يتزوجك، لا وألف لا فهذا شيء وهذا شيء آخر عند الرجال، وإذا وجدت من يخبرك أنه يحبك ويذوب فيك عشقاً وهياماً، فلا تتوقعي أيضا أن يتزوجك، فهذا شيء وهذا شيء آخر، أما إذا تقدم لك أحدهم للزواج فلا تتوقعي أن يعتبرك صديقة وحبيبة وعشيقة، بل إنه قد يكون في حياته امرأة أو أكثر يقمن بهذه الأدوار، ولكنه قرر أن يتزوجك أنت لحكمة لا يعلمها إلا الله وحده. ستقولين لي ولكن هذه شيزوفيرنيا!! سأقول لك هكذا هم الرجال يا حبيبتي، فنحن غالبا من نحبه، هو من نفضفض معه، وهو من نحارب الدنيا من أجل أن نتزوجه، هو من نستمتع بحياتنا الزوجية معه، وننجب أطفالاً منه. ولكنهم ليسوا مثلنا وإذا كان لا يعجبك هذا فمعذرة، هذا هو الصنف الموجود في السوق إلا من رحم ربي، ودعيك من كلام الأفلام والأغاني، ولا تتعبي نفسك، واقفلي على قلبك حتى يوم زفافك حتى لا تتعبي كما تعبت الكثيرات من قبلك.
25/12/2009
عزيزتي "دينا"، أشكرك لرسالتك، وحقيقة فكرت كثيرا قبل أن أكتب تعليقي عليها، وليس سبب ذلك اندهاشي مما حكيته في رسالتك الطويلة ولكن بسبب، اندهاشي من المنطق الذي صرنا نتخيل أنه يحكمنا.
لذا احترت من أين أبدأ؟ فمنطقك عزيزتي قد يبدو مقبولاً "للأسف" عند الكثيرات وربما أعذرك في ذلك مع هذه التجارب المؤلمة التي احتككت بها عن قرب، غير أني أرى الأمور غير ما وصفت ولي مع رسالتك عدة محطات.
المحطة الأولى: وجدتك عزيزتي تسوقين الحكايات للتدليل على أن ما تقولينه "أمر واقع"، وشعرت عندما كنت أقرأ سطورك الطويلة أنني أريد أن أقول لك: "لو أردت حكايات من نوعية ما حكيت لسردت لك غيرها الكثير"، نعم يا صديقتي، فحينما نتخيل أن منطق "ماذا أريد" هو المنطق الوحيد الذي يحكم حياتنا (رجالا كنا أو نساءا بالمناسبة وسأتناول هذا لاحقا) ربما يصبح منطقك مفهوما ومقبولا في تفسير "أخطاء" الآخرين، فحينما يتخيل "الإنسان" (سواءا كان رجلاً أو امرأة) أن ضابطه الوحيد ومحركه في الحياة، هو رغباته واحتياجاته، ربما أقبل أن تصفي الصورة بهذه القتامة التي ترينها.
وحينما يختفي كل ضابط من دين أو خلق أو ضمير، أو حتى فهم لمعنى الحياة، وحينما ينسى الإنسان أنه لن يستطيع أن "يحصل على كل شيء" عندها سأسألك عزيزتي ولماذا يكتفي ذلك الرجل الذي تصفينه بأربعة نساءٍ فقط؟ فلماذا لا تصبح العشيقة، عشيقات، والصديقة صديقات؟
وإذا كانت الاختيارات مفتوحة كما تصورين فلماذا لا يحلم كل رجل في الدنيا أن "يجرب" كل نساء الدنيا؟
الأمر عزيزتي ليس رجالا ونساءاً بقدر فهم "الإنسان" أن تصرفاته كلها تحكمها ضوابط المحاسبة والمسئولية عن نفسه وعمن حوله وعمن يشاركونه الحياة، فأنت لم تنتبهي في حديثك أن هذا الرجل الذي تصفينه كان يخون ويمارس الزنا مع "امرأة" بل وربما قلت أنها "زوجة تخون زوجها" هي أيضا لم تجد إلا منطق رغباتها ومنطق اللذة ليحكما تصرفاتها. فلولا واقع مجتمعاتنا وصعوبات الزواج لوجدت الكثيرات اللاتي يتبعن نفس المنطق، لكن ظاهر الأمر يوحي بأن هذه الاختيارات متاحة للرجال فقط دون النساء.
وربما أعدل على كلمات صديقتك التي قالت لك: "أنه مفيش راجل مش بيقع" لأقول لك، لا الصحيح هو أنه لا يوجد "إنسان" معصوم من الخطأ، لكن وقوعه أو عدم وقوعه في الخطأ هو قراره واختياره وحده.
المحطة الثانية: كنت أقرأ كلماتك ووصفك للرجال وأراك تتحدثين بلغة منكسرة وكأننا من بنات حواء نقف في فاترينة عرض لتلبية "طلبات الجماهير"، بل وشعرت أنك تصفين "شهريار" المتكئ على وسائد من ريش النعام وتعرض عليه "الجواري" ليختار من بينهن ما يشاء!!!!!!، بل وتطالبين الجواري بالتفهم أنه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"!!!!!!!!!!!!!! بل وتقولين على استحياء لشهريار (الذي تصفينه) أن يصبر "فالمؤمن مبتلى"!!!!! (وحقيقة لم أستطع أن أشعر أنك تقولينها من باب الدعابة أو السخرية) وتصورين الحياة الزوجية تصويرا أبعد ما يكون عن معاني الزواج والأسرة. وهو نموذج آخر لمنطق مقلوب حول معاني الزواج وأشكال العلاقات بين الزوجين، فتصورينها سائقة، طباخة، خادمة، مربية، ثم تعتذرين عن التقصير!!!!!!!!! وتحسبين أن ذلك لأن صديقاتك "مغلوبات على أمرهن" ونصيبهم كده، وتعودين مرة أخرى من غير قصد -ورغم محاولاتك لأن تكوني محايدة- لإرجاع الأمر أن "هؤلاء هم الرجال". وبالتأكيد ليس هذا هو المكان ولا السياق الذي سأحدثك فيه عن واجبات الزوجة وأدوارها.
المحطة الثالثة: ثم رأيتك تتعجبين عزيزتي من أن كل تلك النماذج التي وصفتها "يشهد لها بالأخلاق والتدين"!!!!!!! وتدللين على هذا التدين بأن أحدهم كان يحفظ القرآن!!!!!، والإجابة يا صديقتي أجابها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بوضوح وحسم حينما جاءه الرجل يقول سأفعل كذا وكذا فكانت إجابته الواضحة صلى الله عليه وسلم "أفلح إن صدق" وجاءه الصحابي يقول "أصبحت مؤمنا حقا" فقال له بوضوح "إن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك؟"، التدين والأخلاق عزيزتي ممارسة وليست أشكالا وادعاءات، فرب حامل للقرآن والقرآن يلعنه، وكما تطلبين من الرجل أن يكون صادقاً مع نفسه عند الاختيار، على الفتاة أيضا أن تكون واضحة مع نفسها فيما تبحث عنه وما تريده، لكن المفاهيم المشوشة حول طرق ومعايير الاختيار، ومعاني "الخلق والدين" مع سريان مبدأ (هو حد لاقي) الذي تطلبين من البنات أن تستسلمن له تجعلها تورط نفسها في اختيارات كتلك التي تحكين عنها ثم تظل النساء تتباكى على حالها وتقول "ما هم الرجالة كلهم كده" ونصيبنا كده.
لكنني أؤمن يا عزيزتي أن كل شيء في الحياة حتى السعادة (بعد توفيق الله) هي.... قرار واختيار.
غير أنني في النهاية لابد أن أقول لك يا صديقتي، ترفقي بنفسك وبرفيقاتك من بنات حواء، فالحياة أنظف وأجمل من هذه التجارب السيئة التي تعودنا أن نتحدث عنها، والاختيارات أوسع بكثير من هذه الدوائر المغلقة التي تعودنا بغير قصد أن نحكم إغلاقها على أنفسنا، وهناك من النماذج الإيجابية الناجحة الكثير والتي تستحق أن نحكي عنها ونفخر بها.
تحياتي.
اقرأ أيضاً:
التطور الطبيعي للرجل / يوميات ولاء: عن (رجل وامرأة) ...سألوني 3 / سيكولوجية الرجل