حكاوي القهاوي (4)
(21)
هناك فرق
الشعب الانجليزي شعب مش جدع مش بيقدسوا لهم بطل؛ مش زي ناس.. يركب بطلهم على أنفاسهم لما يفطس. صحيح شعب عن شعب يفرق!!! أيوه بنعرف في الندالة زيّهم، ممكن بطل عندنا يموت جعان.. ولا إنه ياخد حتة كُشْك تعبان، منه يُرزَق بدل ما يشحت!!! ما هو برضه بطل عن بطل يفرق. أصل الحكاية لما كان تشرشل رئيس، ورئيس عن رئيس يفرق. رغم انتصاره العظيم شعبه قاله كفايه، وكفاية عن كفاية تفرق. الراجل من شجاعته بقى في المعارضة، ومعارضة عن معارضة تفرق. بعدها رجع.. وتاني بقى الرئيس، ما هي ديمقراطية عن ديمقراطية تفرق!! كل ده حصلل زمان.. من أكتر من خمسين عام، أصل برضه زمن عن زمن يفرق. الحمد لله.. الحمد والشكر لك يا رب.. إنك ما خلقتنيش انجليزي أصلها كانت كتير ح تفرق.
(22)
من فضلك ممكن اشوف الرخصة؟
زمان كانت الدعارة مهنة مُصَرّح بها في البلاد، فكل مومس لها رخصة. وممكن بصفتك مواطن نظيف إنك تسأل المومس من دول عن رخصتها، وكمان تتأكد إنها صالحة للاستخدام الآدمي؛ يعني ولا مؤاخذة خالية من الأمراض وأنها بتقوم بعمل الكشف المستمر ومُوَقّع على ذلك من قِبَل الطبيب المختص. ولكن حدث بعد الثورة أن أُلغيت الرخصة، وبقوا الموامس من غير ترخيص والمهنة لمت اللي يسوى واللي ما يسواش.
زمان برضه كان لكثير من الموامس مواقف وطنية فعلى الرغم من بيع الجسد إلا أن الشرف الوطني لم يمس، فكثير من هؤلاء كان يقوم بإستدراج جنود الاحتلال إلى أكمنة للنيل منهم. ولكن الآن لا يوجد لدى هؤلاء شرف وطني، رغم ارتباطهم بأي حاجة فيها وطني، حتى لو كان اسمها ضد الوطني. فكثير منهم يبيع هذا الشرف بالزهيد من الثمن، بينما يقسمون بأغلظ الأيمان أنهم لم ولن يفرطوا في شرفهم في يوم من الأيام، وأنهم رعاة الفضيلة وحُماتها. لهذا كله فإنني أقترح أن يُطرَح مشروع قانون بمجلس النواب بعدم ممارسة الدعارة إلا لمن يعلن صراحة أنه كذلك؛ على أن تكتب المهنة في بطاقة الهوية حتى نعرف إلى من نتحدث، وأيضاً حتى لا تختلط الأنساب.
(23)
بالمقلوب
الهرم زي الجبل قاعدته أعرض منطقة فيه وقمته أصغر ما تكون، ممكن تكون القمة مجرد نقطة، وعلشان كده كل ما كانت قاعدة الهرم كبيرة، كل ما كان الهرم قوي ومستحيل ينهار. المجتمع زي الهرم، قمته طوبة واحدة اللي هي القائد، لما يحصل وينتشر الفساد في كل مستوى من مستويات الهرم من فوق لتحت، يعني شبكة الفساد تنتشر أفقياً ورأسياً، يبقى الكل فاسد، وفيه فاسد بمليون وفيه فاسد بعشرة جنيه، يعني زي ما بيقول المثل "كل برغوت على قد دمه". الكل وقتها حيكون حريص على أن يبقى الهرم على ما هو عليه؛ علشان يفضل يستفيد.
كل ده طبيعي ومفهوم، بس اللي مش طبيعي أن قمة الهرم تبقى هي في نفس الوقت قاعدته. يعني بقدرة قادر بدل ما الهرم يبقى راكز على قاعدة عريضة قوية تلاقى الهرم مقلوب وبقى راكز على طوبة واحدة أو شخص واحد. ده معناه إن بقاء الهرم مرهون ببقاء قمته، اللي بتحافظ للهرم على شكله وجوهره. لما يحصل كده الكل حي كون حريص على بقاء القمة أكتر من حرص القمة على بقاء نفسه. فلحظة انهيار القمة هي لحظة انهيار الهرم وتحوله لكومة من تراب.
الحل الوحيد لإنقاذ الهرم من الانهيار من وجهة نظرهم وأيضاً للحفاظ على مصالحهم والإبقاء على منظومة المصالح والفساد هو إن القمة تكون منهم فيهم. هنا فقط سيضمن كل الفاسدون أن الوضع باق على ما هو عليه وأن كل شيء مستقر. هذا هو معنى الاستقرار الذي يتحدثون عنه، وعلشان كده فيه نصوص أتغيرت ومش ح ترجع.
(24)
أبيض وأسود
من أصعب الأمور أن ترى الشيء إما أبيضاً أو أسوداً، فلا توجد لديك ألوان أخرى من ألوان الطيف أو لا توجد درجات أخرى لنفس اللون. فاللون الرمادي غير معروف عندك؛ فقط الأسود الداكن. إذا حدث لك هذا فأنت بحق في موقف لا تحسد عليه، بل أنت في أزمة وجود. فمثلاً ماذا يكون الحال لو كانت الدنيا لديك إما حاكماً أو محكوم... عبداً أو سيد... سجاناً أو مسجون. حتماً ستعيش حالة دائمة من الرعب تدفعك دفعاً للابتعاد عن أن تكون المحكوم أو العبد أو المسجون. ستكون في حالة من الرعب تجعلك تفعل أي شيء حتى تسعى وتتمسك بأن تكون أنت الحاكم.. السيد.. السجان. ستكونن حياتك كلها كابوس.. ستحتاج في كل لحظة إلى دليل حتى تتأكد وتطمئن أنك أنت بالفعل الحاكم والسيد والسجان.
قد يبدأ الدليل عند حدود طلب الطاعة والولاء، أو أن ترى الخوف في عين من حولك. وقد ينتهي إلى الاهانة والتنكيل والتعذيب. مكانتك وإحساسك بالقيمة وبأنك موجود سيرتبط فقط بوجود الضحية، إن لم تعذبها فأنت إذن في خطر. إن لم تعذبها فأنت غير موجود... إن لم تعذبها فأنت المحكوم ولست الحاكم.. أنت العبد ولست السيد.. أنت المسجون ولست السجان.
إن كنت من هؤلاء فستكون عبداً للكرسي وللسوط الذي تقبض عليه بيدك وللزي الرسمي الذي ترتديه. إن كنت من هؤلاء فأنت والمسجون تعيشون في سجن واحد وزنزانة واحدة، وكلاكما لا تعرفان معنى للحرية. إن كنت من هؤلاء فأنت أشد رعباً ممن تسجنه، لأن المسجون لم يعد لديه شيء يخسره. إن كنت من هؤلاء فأولى بك أن تهجر كرسيك.. أن تلقي بالسوط.. أن تخلع زيك الرسمي. ولكني أعلم كما أنت تعلم أنك أبداً لن تفعل.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>:: حكاوي القهاوي (6)
واقرأ أيضاً:
هيلن كيلر معجزة لن تتكرر / ولمَ لا؟ / حكاوي القهاوي