مرحبا بكم قرائي الأعزاء، منذ فترة وفكرة كتابة ذكرياتي حول رحلتي إلى الأمم المتحدة تلح علي، غير أني كنت لا أجد صفاء الذهن الكافي لذلك، واليوم قررت أن أحاول كتابة تلك الذكريات، ومع أنني عادة لا أحتفظ بالمواقف والأحداث في ذاكرتي طويلا غير أن أحداثا ومواقف تنحفر في ذاكرتي فلا تزول، إنها الأحداث التي ترتبط في عقلي بمعنى وقيمة وعبرة.....
البداية.... حينما كنت في المرحلة الثانوية كان الحديث حول ما يجري للمسلمين في العالم كثيرا ما يلفت انتباهي، ويشغلني التفكير فيه، وأذكر أن إحدى صديقات والدتي الغاليات كانت تشرح لنا بعض الآيات ثم تحدثت عن كيد اليهود وغدرهم بالمسلمين، وفي خلال حديثها قالت: "إنهم يطبخون الخطط للمسلمين" فوجدتني أقول لها باندفاع: طيب ليه احنا المسلمين كمان مش بنطبخ؟، ومازالت تداعبني بهذه الكلمة كثيرا، وتحكيها على سبيل الدعابة في مواقف مختلفة، لكن الأمر كان يؤرقني بالفعل، لماذا قبلنا دور المفعول به؟ وكنت أفكر.... كيف السبيل للتأثير في العالم كما يفعلون، فكنت أقول لنفسي ربما إذا أصبحت سفيرة في أمريكا (وكانت تمثل عندي القوة العظمى) أو ربما إذا دخلت الكونجرس (وللأمانة لم أكن أعرف ما هو الكونجرس لكنني كنت أسمع اسمه مرتبطا بالقرارات والأحداث العالمية)، وبفضل الله وحده كانت درجاتي المدرسية تنبئ بمجموع عال في الثانوية العامة، غير أنني كنت حائرة فلست أريد دخول الطب أو الصيدلة أو الهندسة (كما يفعل المتفوقون في بلادي) لكنني لا أعرف ما هي الكلية التي يدخلون بها الكونجرس.
وكانت كلية دار العلوم اختياري الأول لشعوري أنها تلتقي قليلا مع حبي لدراسة اللغة والدين، غير أن جميع من حولي اعتبروها دعابة طريفة غير قابلة للتنفيذ. وعليه نسيت تماما أمر "الكونجرس" واندمجت في حياتي اليومية، ثم وجدتني يا سادة تطأ قدمي مبنى الأمم المتحدة وقتها عادت إلي ذكريات المرحلة الثانوية، لأعجب من حكمة الله وقدره وتصريفه للأمور فصرت أتمتم "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير...".
في الطائرة...... معذرة إن كانت ذكرياتي متفرقة متناثرة، فكما قلت لكم أنه عادة لا يتبقى في ذهني من الأحداث إلا مواقف متناثرة، منها قصتي مع الطائرة في أول رحلة إلى الأمم المتحدة، فقد كنت متوترة بشدة رغم أني معتادة على ركوب الطائرات بحكم إقامتي خارج مصر لسنوات طويلة، بل وكنت أحب كثيرا ركوب الطائرة منذ صغري وكانت رحلة نحلم بها أنا وأخواتي حينما كنا صغارا.
غير أنني كنت قلقة جدا في هذه المرة، وعبثا حاولت النوم رغم أننا ظللنا نعمل في الليلة السابقة للسفر حتى وقت متأخر ولم ننل قسطا كافيا من النوم. والرحلة من القاهرة وحتى مدينة نيويورك تتجاوز العشر ساعات ، أي أن أمامي وقت طويل جدا سأقضي معظمه جالسة على الكرسي.
وشعرت أن عقارب الساعة قد توقفت عن الدوران، واستغرقت رفيقتي في الرحلة في نوم عميق وتركتني أغالب توتري فلم أكن أعرف كيف ستمر الأيام القادمة، وكانت تجربة جديدة علي بكل المقاييس.
حاولت مشاهدة ما يعرض على شاشة التلفاز فلم أجد إلا مسلسل الرسوم المتحركة "بكار"، لكن سماعات الكرسي لم تعمل، فأشرت لمضيفة الطائرة لتحاول مساعدتي، فوجدتها تحدثني بلغة نستخدمها عادة عند الحديث مع الأطفال وعبارات من قبيل "يا حبيبتي" وخلافه، ومن وقتها صارت تعاملني وكأنني طفلة تجلس بجانب والدتها، فإن سألت عن نوعية الطعام الذي نريده رأيتها توجه السؤال لرفيقتي ولا تنتظر مني إجابة بل تعتبر أن "والدتي" فقط هي صاحبة القرار، وهو ما صرنا نتندر به طوال الرحلة، وأشغلني كثيرا عن توتري طوال الرحلة.
الآن أنا أقف عند بوابة الأمم المتحدة لتبدأ الحكاية.... وإلى الجزء الثاني من مغامراتي في هيئة الأمم.
ويتبع>>>>> : مغامرات في هيئة الأمم (2)
اقرأ أيضاً:
خواطر حول الرحلة / تجربة 2003 / رجل وأربع نساء