لقد تناول العديد من الكتاب والمحللين واقعة اغتيال الشاب خالد سعيد من عدة جوانب، فمنهم من ردها إلى جبروت الأمن والنظام الحكومي في مصر والذي تشرب الفساد من كل أجهزته ولم يعد هناك من يردع أدواته وآلياته من رجل الأمن البسيط وحتى أعلى الدرجات وهذه للأسف حقيقة مؤلمه ولكنها الحقيقة.
فساد متنوع الأدواتوالأشكال من جبروت واضطهاد واستغلال للسلطات والاغتيال، المادي منه والمعنوي، والتستر على جرائم رواده وتلفيق التهم لمعارضيه. حتى أصبح كل جهاز في الدولة يدار على أنه عزبة خاصة، والمهيمن على كل إدارة في الدولة هو الآمر الناهي لا راد لكلمته ولا أمره صلح أو طلح.
والبعض الآخر رأى في اغتيال خالد سعيد دليلا على الخواء السياسي الذي تعيشه مصر وهي حقيقة مؤلمة أخرى وغير خافية بلا جدال. فلا يوجد في مصر الآن حزب سياسي أو حركة سياسيه، مهما كان انتماؤها، تستطيع أن تقود الشعب المصري للخلاص من التسلط والفزع الذي يعيشه الشارع المصري. ولذا حاول العديد أن يروج لحرك التغيير الجديدة التي ليس مجالها هنا وقد تحدثنا عنها من قبل.
والبعض الآخر تعرض لحياة خالد الشخصية وأسباب صدامه بأجهزة القمع وتلفيق محضر وفاته، فالبعض حاول أن يصفه بالبطل الذي رفض الخضوع لذل ومهانة أدوات الأمن المصري، والبعض تعدى عليه باتهامه بالانحراف وتعاطي المخدرات بل والاتجار فيها. وهذا ما لا يهمنا، فالأمر يخص خالد سعيد وأسرته. إن ما يخصنا كمصريين وآدميين هو ما أصاب خالد سعيد كإنسان وكيف نحفظ أبناءنا من أن يلاقوا ذات المصير.
فأي مواطن صالح أو طالح يجب أن تحفظ له كرامته، فلا يحق لأي أداة قمعية أن تتعدى عليه فالمفترض في رجال الأمن أنهم أدوات لتنفيذ القانون وليسوا بلطجية. إن المواطن أيا كان سلوكه أو أصله أو أسرته أو علمه أو لونه أو دينه فهو أولا إنسان يجب أن يحترم وأن تصان كرامته ولا يحق لأحد أيا كان أن يتعرض له باللفظ أو الفعل المهين، إلا إذا أردنا العيش في غابة ورضينا بانتهاك كرامتنا كل صباح ومساء وللأسف هذا هو الحال في مصر الآن.
إن الأصل في الأمور هو القانون، فلو أخطأ شخص أو أجرم يجب أن يقدم للقضاء ويحاكم وفق قانون وإجراءات عادلين، فإما أن يبرئ أو يدان بحكم القضاء بافتراض نزاهته، وليس كل من تحلى بلباس عسكري نصب نفسه وصيا على المجتمع.
لقد دفع خالد سعيد الإنسان حياته ثمنا لصمتنا ولخنوعنا، عن خوف تارة وعن جهل تارة أخرى، حتى سلمنا حقوقنا كآدميين لأدوات القمع. إن خالد سعيد هو شاهد على نذالة وجبن جيل بأكمله رضي بالذل فانتهكت حرمة أبنائه وبناته في كل أرض عربية من شرقه إلى غربه.
إن قصص التعذيب وإرسال المعارضين من كل أنحاء العالم للسجون العربية لتعذيبهم وأخذ أقوالهم بوسائل الإذلال المختلفة، ومشاركة رجال الأمن العرب في التحقيقات المخذلة التي تمت في سجن جواتانامو غير القانوني وما حدث في سجن أبو غريب بالعراق...... كل هذا ليس إلا سلسلة واحدة في منظومة الفساد والامتهان الذي أصيبت به نفوسنا فأصبحنا جميعا راضين بالذل فسلمنا أمرنا لجلادنا وليس الله كما يدعي البعض. فأيا كان دينك أو مبدئك أو خلقك فالكل يحرم عليك الصمت والخنوع والرضى بالذل.
ونتساءل لماذا هذا التخلف الذي نعيشه ولماذا فقدنا الحضارة ونحن بناتها. الأمر واضح وجلي، كنا أهل الحضارة حينما احترمنا الإنسان الذي خلقه لله وكرمه فوق كل المخلوقات.
إن الغابة التي يحكمها الأسد يسودها دوما العدل والحب والرحمة، أما الغابة التي يحكمها الذئاب فيسودها الظلم والفساد.
فهل يفيق الأسد النائم ويثور على الذئاب ليحق الحق ويسود العدل على أرض مصر وكل الأرض العربية؟
هذا السؤال لا يجيب عليه إلا الشعب، جموع الشعوب ولن يتحقق العدل إلا بتخلينا عن صمتنا، وإلا فلا تحزن لو كان التالي هو ابنك فأنت الذي سلمته بيديك للغدر والإهانة، ولا ألوم هنا والد خالد سعيد بل نحن كلنا الملومون، فدم الشهيد خالد سعيد في رقابنا وسوف نحاسب عليه جميعا في حياتنا الدنيا ويوم نلقى خالقنا.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
واقرأ أيضاً:
أغنية راب مصرية للشهيد خالد سعيد من حاتي مصر/ لو كان خالد ابن وزير.. كانت رأس العادلي تطير