البداية
رحلة خوف وترقب... أبكي فراق أمي وبلدي الهادئة.....
أستقبل في بيت الأقارب من العرب المغتربين.
أبناء بلغة إنجليزية سليمة وبرود.... إنجليزي أيضا!!!
شيء من الانكسار تسلل إلى نفسي ... هل هو طعم الغربة؟
الإنجليزية
لفتت انتباهي... لم ترحب بي كواجب عليها كأختها الكبرى
سمراء بلون الصعيد ولا تبارح شاشة الكمبيوتر.....
والمسيحية؟؟
هادئة وديعة تحييني دائما على حجابي.... فأستغرب!!
جلسنا في حلقة دراسية فسألتني زميلتي التيوانية "أين تسكنين؟"
أشرت إلى مكان قريب"بيتي ملحق بهذه الكنيسة المزعجة"...... تستفهم بعينيها فأخبرها "تدق أجراسها في كل ساعة بمنتهى الإزعاج!!"
وخزتني نظرة الأم في عينيها... ردت "لا تقصد الكنيسة إزعاج الناس....بل مناداتهم للصلاة!!" وتقع عيناي على الصليب المدلى من عنقها...
ألهذا الحد!!!! لا أعرف كيف أعيش مع الآخر وأحترم رموز دينه؟؟؟
إلهي.... ألهذا الحد اعتقدت أن طريقي هو الوحيد في الحياة؟ كم علي أن أتعلم!!
زهرة في القلب
هدأ الخوف... قررت أن أتقبل وأحب وأتعلم
أحمل ابتسامة وقلبا وحيدا..... أدخل مجتمع المغتربين من العرب
أشاهد أتعرف... أحكي وأكسب
تتفتح زهرة في قلبي ويقع حاجز بيني وبين الأخت الكبرى، ترى فيَّ أختها وصديقتها وأرى فيها ذلك
أحتاجها في غربتي... وتحتاجني في غربتها
لكن ما بال الإنجليزية الصغيرة؟؟ لا زالت متحفظة..
شريكتي في الأرق
أجلس على عتبة السلم ليلا أقرأ .. هي أيضا لا تنام .. تلاحظني من بعيد
في ليلة اقتربت..... تحدثنا إلى أن أنست جانبي
أطلعتني على سرها الخطير!!!
يا صغيرتي...... ليس بالخطير لكن من يستمع في مجتمع يؤمن بالعمل..... الدائم!!
من يهدئ من روعك؟ كيف تفهمين تغيراتك وتستوعبين؟؟
الاكتشاف
ذكية... لا ترد على أمها بنعم بل بكلمة لماذا!!!
ترسم وتسمع موسيقى من نوع خاص.... مطربها المفضل رجل عصابات قتل ثأرا !!!!
تكتب شعرا لا يقرأه غيرها لقوته وجرأته.... ورفيقها الكمبيوتر
تسألني فتعلمني
"أشعر بأني غريبة عن هذا الكتاب!!" لسعتني همساتها وأنا أقرأ القرآن ليلا
"كيف تدرسينه في مدرستك الاسلامية؟".... فجعتني!
صرخت فيها المعلمة "العربية" واصفة قراءتها المتلجلجة بأسوأ ما سمعت
وضعته بين يديها... تتأتئ وتحاول
ولكن هل تعلمين؟ عند ربك أنت أفضل من غيرك فلك أجران!!
تحدثنا بالإنجليزية حول المعاني وأحكام التجويد.
تغادرني بابتسامة....
كم مثلك من فتيات بأغطية على رؤوس تملؤها التساؤلات... والظمأ!!
من يعطيك من وقته؟
"ما الطهارة في الوضوء؟....لست مقتنعة!!" تفاجئنا ونحن نتوضأ
أمنع أختها التي همت بنهرها
أجبتها بما أعرف من أحاديث عن الوضوء كطهارة ليس فقط لنجاسة الجسد بل أيضا من الذنوب
أفكر!
هل أوفيكِ حقك يا صغيرة؟ تربيت في مجتمع غربي على حرية النقاش.... ولكن هل تعلمين؟
ما جاء هذا الدين الا ثورة على الضلال والجمود الذي انتشر بحد "هكذا كان الآباء وهكذا صرنا!!"
كيف ترين إسلامك؟
همست في أذني: "أصبحت أحب الوضوء!!"
تنسل من بيننا إلى الكمبيوتر وشؤونها الخاصة.. تحلم بالجامعة.... تحلم بالتحرر!!!
وأرحل!!
أعود إلى أمي محملة بالحب.... تصحبني ثلاث أسر صديقة من المسلمين المغتربين إلى المطار
أحاطوني بحنان واهتمام
ذكرتهم ببداياتهم.... وغربتهم
حتى آخر لحظة يا شقية!!
نذهب إلى محل الكتب لشراء كتاب للطائرة
تضعه في يدي هامسة "أثار اهتمامي...ما رأيك؟"
كتاب يروي تاريخ الأديان ولكن بكره مقصود!!!
أشفقت عليها
"ابدئي ولكن بمكانك ودينك وتاريخك...اعرفي أين تقفين دون تحيز أو تطرف ثم اعرفي ما يقول الآخرون.... فكري.. ستعرفين طريقك"
حدثت نفسي "وأنت... هل عرفت نفسك بما يكفي؟ هل فهمت دينك باعتدال؟"...... وأتعلم
جلست في طائرتي... أبكي وأكتب!!
By: Hana from Manchester
واقرأ أيضا :
ذكريات ومشاهد من الحرب / الكرستالة / أبيات غزل... / النرجسية المميتة أحد أهم سمات الديكتاتور