لُعْـبَةُ الزَّوجينِ !
(1)
طِـفْلانِ كنا أنتِ كنتِ جميـلَـةً
وأنا صديـقُـكِ أوَّلُ الفَصْلـيـنِ ؛
هلْ تذكرينَ الآنَ طِفلاً عابثًـا؟؟
وشرائطًـا مَـفْكوكَـةً وَيديْـنِ!
لما فكَكْتُ رِباطَ شَعـرِكِ خِـلـسَةً ؛
في حِصَّةِ "التكْسيرِ والجَمعينِ"!
فشَكَوْتِني لمُدَرِّسِ اللغةِ الذي
في الفصْلِ ضَيَّعَ منْ يدي ظُفريْنِ
كُسِرَتْ عصَاهُ علي يدي فأغَظْتُهُ
فأذابَ ثانيَـةً على الكَفَّينِ !!
ووقفْتِ أنتِ وصحتِ:قدْ سامَحْتُهُ
فنَظَرْتُ نحْوَكِ مُشْعَلَ العينين!
ورجَعتُ للكُرْسِي خلفَكِ واجِمًا
أبكي، وأخْفِي الدمعَ بالجَفْنينِ
حتى انتهى الدرسُ الأليمُ وجِئتِني
بِشَطـيرَةٍ كُبْرَى وَمَصَّاصَيْن!
ثمَّ اعْتَذرْتِ إلي يدي وَشْوَشْتها
وبَسِمتِ قلتِ: نصـيرُ كالأخَوَيْنِ
لكنني قَطَّبْتُ وجْهِيَ غاضِـبًـا!
ورفضْتُ إلا موقِـفَ الخِصْمَيـنِ
أو أنْ أفـُكَّ ضفائرَ الشَّـعْرِ التي؛
ذُقْتُ العذابَ لأجلِها ضِعْفَيْنِ
فَضَحِكْتِ قلتِ :تفكُّ لكنْ خلسَةً،
وتعُودُ تربِطُها على الجَنْبَـيْنِ
(2)
هلْ تذكُرينَ الآنَ دمعَ أصابِعٍ
ضاعتْ أظافِرُها على عَصَوَيـْن؟
ثمَّ اسْتُعِيدَتْ كلُّها بشطـيرَةٍ!
وضَفَـائرٍ نُثِرَتْ على كـتِفينِ؟
منْ يومِها كانتْ بدايَـةُ قِصَّةٍ ؛
وصَداقَـةٍ لمْ تُكْمِـلِ العاميْـنِ
طِفْلانِ كنا أنتِ كنتِ جميـلَـةً
وأنا صديقُـكِ أوَّلُ الفَصْلينِ
(3)
هلْ تذكُرينَ الآنَ لونَ حَـقـيبـتي؟
والحبْرَ والفِرْجالَ ذي اللونـيـنِ؟
هلْ تذكرينَ فَطيرَةً أحضَرْتِها
قَـسَّمْتِـها ما بيْنَنا نِصْفَيـنِ؟!
ودَنوْتُ أطْعِمُكِ الشطيرَةَ منْ يدي
لو قضْمَةً أرجوكِ أو ثِنْتَيْنِ!!
ففَهِمْتني ومَلأتِ وجهَكِ سُكَّرًا..
منها، منَ الشفتينِ للأذُنـيـنِ !!
هلْ تذكُرينَ القبْلَةَ الأولى التي؛
كانتْ لأمسَحَ سُكَّـرَ الخَدَّينِ؟
طِفْلانِ كنا أنتِ كنتِ جميلَةً
وأنا صديقُكِ أوَّلُ الفَصْلينِ
(4)
هل تذكرينَ وقد جلسنا وحْدَنا
يومًا بكلِّ براءَةِ الطـفْليـنِ ؛
رُحْنا نُخَمِّنُ مـا يكونُ وراءنـا
في البَيْتِ للأبَـويـنِ والأمَّــيـن؟
كانتْ خَيالاتٌ تدورُ برأسِـنا !!
وَتَـلَـذُّ للأذُنَيـنِ والشفَـتَيـنِ!
هل تذكرينَ تَصَوُّراتٍ يومها
شَبَّتْ فُضُولاً أرهَقَ الرأسـيـنِ
وتَـوَسُّــلاتٍ واتِّــفاقٍ بعْدَها
وتَواعُدٍ في ظـرْفِ أسبُوعَيْنِ
(5)
في فـسْحَةِ الإثْنَين كنا وحدنا ؛؛
في الفصْلِ نلعَبُ لعْبَةَ الزوجينِ
كُنا وَيا ما كانَ أفظعَ خوفِـنا
"لِصَّينِ وسْطَ الفصلِ مُرتجفـينِ"
كُنا وما كِدْنا نقارِبُ بعْضَنا
حتى تَـسَمَّرْنا كَمِسْماريــنِ!!
كانتْ مُدَرِّسَةُ العُلومِ بوَجْهِنا
وثِيابُنا كانتْ على القدَمينِ!!
{أللهِ يا ابْنَ الشَّيخِ أنتَ وههُنا}
وَتسَّاقَطَتْ صَفْعٍا علي الوجْهينِ
فَكَّتْ ربـاطَ خِمَارِها دبُّـوسَهُ!
وأنا وأنتِ نَـئِـنُّ مَشْلولَـيْـنِ !؛
وكـحَـيَّــةٍ غرَزَتْــهُ فيــنـا عَـشـــرةً ....
غَرَزَتْهُ في الـْ في الـْ في الـْ على العُرْيَيْنِ!
ثمَّ اشْتَكَتْني واشْتكَتْكِ وهَوَّلَتْ
وكَنِقمَةٍ دارتْ على البَيْتيـنِ !!
(6)
منْ يومِها لمْ أنسَ شيئًا مُطـلقًا
نُقَطُ الدماءِ ورِعْشَةُ الرِّجْليـن!!
منْ يومِها الآلامُ تشربُ منْ دمي
وأحِسُّ وحْدِيَ قسوَةَ الجرحيْنِ
لو مَرَّ في عيْني خِمارٌ ألْـتَوي!
وأحِسُّ بالدَّبُّـوسِ في الفَـخذيـنِ!
(7)
من يومها ما عدتِ أنتِ جميلةً
أو عُدتُ حتى آخِرَ الفـصْليـْنِ!
من يومِها قرَّرْتُ صعبًا سَرْمَـدًا:
أني أعيشُ لأطْـلُبَ الثَـأريـنِ!!
حتى أرى شرقَ الغباءِ مُحَرَّرا
منْ تاجِهِ الموروثِ ذي القرنينِ
منْ عقدَةِ الجنسِ الكبيرَةِ منْ يدٍ
في الليلِ تُرقِصُهُ علي حَبلينِ
منْ وهمِهِ المعفونِ من تَخْريفِهِ
منْ فِكرِهِ المأفونِ في الجِنسيْنِ
طاووس "أشعار طالب أحمر"
مايو-يونيو / 1986
واقرأ أيضًا:
ما أسوأ، ما أقسى! / مَنْكوشَةَ الشَّعْرِ ! / تعالي..تعالي! / عِندَ السقوطْ !