درسنا في الكتّاب
أن الماء الجاري طهور
وعرفنا في الجغرافيا أن النيل مذكر
وفحولته فيضان
يلقح ماء البحر ... فيلد الأسماك
ويرسب فوق الأرض الطمي
فتلد الزرع الأخضر والأزهار
هو إفريقيّ المنبع
سمرته حياة تتدفق
ما أحلى جريان النهر
من فوق الهضبة السمراء
قبل عصور الربط
قبل ظهور الأغوات
وقبل بناء السد وراء السد
***
ودرسنا في الأحياء
أن الماء الراكد يتعفن
والطحلب فوق السطح
لا يصلح إلا لغذاء البط
والورد النيلي الأجوف
لا يصلح خبزا للجوعى
واللون الأخضر فوق الماء الراكد
كسراب في الصحراء
***
ودرسنا في علم الطب
أن الدم الراكد يتجلط
والجلطة في الشريان التاجي
تخنق نبض القلب
وإذا وصلت للمخ
يتبعها خلل في النطق
وجمود في الفكر
وشلل في الأعضاء
وتبلد في الوجدان
والحصوة في مجرى الحالب تتكلس
تجعله يتقلص
تخنق مجرى البول
تتسمم كل الأعضاء
***
وقف التاريخ وحملق
خرج أبو الهول عن الصمت
نادى من أعلى الهضبة:
من قهر النهر الخالد فتجمد ؟!
من وضع السد وراء السد وراء السد ؟!
من طمس معالم إفريقيا بالدمِّ البارد والمتغطرس ؟!
من بدّل دعوات الكروان وصوت أذان الفجر
بالطبل الأجوف
من عطّل سير المركب
فتعفّن سمك الصياد ... ؟!
من منع نسيم العصر لحساب شركات التكييف ؟!
من منع كلام القلب
لحساب شركات المحمول ؟!
من منع مبايعة الأشراف
لحساب الغربان الفئران ... ؟!
***
غفر الله لمن نادى
باستمرار الاستقرار
واستقرار الاستمرار
والأمن الأبدي الكاذب .. لن يتحقق
سحقًا .. سحقًا .. للدرب الأسهل
والدرب الأقرب
والدرب الأسلم ...
فالحركة بركة
والسعي في أحشاء الزمن خلود
والقفز فوق قناة الخوف جسارة
والجري طهور
والطهر شطر الإيمان
د. محمد المهدى
واقرأ أيضاً:
قولي أحبك: / أحبكِ .... بدون حدود / أول الغيث قطرة / بعد سفك دماء الحرف / الجنون بالكتابة / جَـوازٌ لا يَـجُـوزُ! / ذَوَبَـان! / عبث الفرشاة! / عَـفْـوُكَ يا ألـلـهْ !