" واد يا زكي..... زكي... إنت يازفت يا اللي اسمك زكي"
هكذا علا صوت المعلم عكاشة صاحب جزارة عكاشة الشهيرة بالحارة وهو ينادي على صبيه زكي
- أيوه يا معلم.. أيوه أنا أهو...خير في حاجة؟؟
- ياواد إنت لسانك طويل كده ليه؟ اللي يسمعك يقول إن أنا اللي باشتغل عندك
- لأ العفو... العفو يا معلم أنا اللي خدامك يا سيدي........ عايز إيه بقى؟
- ياواد اتعدل في الكلام بقولك...... ما علينا ما انت حتجيب التربية منين؟........ إمشي انجر غيرلي الشيشة ديه
- ومالها الشيشة ديه؟؟
- وانت مالك يا واد انت؟ إمشى انجر غيرها والسلام
- حاضر يا سيدي
ذهب زكي ليغير الشيشة وتلكع كعادته وعاد بعد حوالي نصف الساعة رغم أن القهوة في نهاية الشارع فوجد المعلم على باب الجزارة في انتظاره
- ما على مهلك يا خويا...... مستعجل كده ليه؟.. ما لسة بدري كنت قعدتلك ساعتين تلاتة كمان...... براحتك خالص
- بلاش تريئة يا معلم القهوة كانت زحمة........ وبعدين إنت ناسي المشوار ولا إيه؟
- مشوار؟؟ مشوار إيه يا روح أمك؟.. دي القهوة آخر الشارع...... اتنيل دخلها جوه... واقف ظبط الشغل قبل ما الزباين تيجي
خرجت ضحكة السخرية من زكي على الرغم منه وهو يقول:
- زباين؟؟ زباين إيه يا معلم؟.. ده إحنا بقالنا شهر مبعناش3 كيلو لحمة على بعض.. اللي يجي عايز كرشة واللي عايز عضم واللي عايز حتة شغته وفين وفين لما يجي حد يطلب نص كيلو لحمة
- زباين فقر بقى تقول إيه؟ ياما نفسي ياواد يا زكي كده أخلع من الحارة ديه وأفتحلي جزارة كده في حته راقية والحجز عندي يكون بالأونترنت
- الإيه يا معلم؟؟ الأونترنت حته واحدة؟ دا انت متابع آخر أحداثيات التكنولجيا أهو
- أمال يا واد إنت فاكر عشان انت واخد الإعدادية حتفهم أكتر مني؟
- لأ العفو يا معلم.... بس على فكرة اسمه الإنترنت مش الأونترنت
- فرقت يعني من حرف؟؟.. أنا بس أخش فصول "نحو الأمية" وأبقى أجدع من متخرجين الجامعة اللي شايفين نفسهم دول
- يا معلم قولتلك ميت مرة اسمها "محو الأمية" مش "نحو الأمية".... "نحو الأمية" دي يعني في اتجاه الأمية... وانت زي ما بتقول عايز تمحيها مش تمشي في طريقها
- هو انت كل شوية حتقعد تصلحلي في كلامي... أهو ده اللي انت فالح فيه...... لسان عا الفاضي
- الحق يا معلم...... زبون يا معلم
تقدم الزبون نحو زكي وسأله وهو ينظر إليه في حذر: كيلو اللحمة عندكوا بكام"
- إتنين وتلاتين جنيه
- إيه؟ إيه؟ كام؟ إتنين وتلاتين جنيه؟ ليه؟ ده أنا آخر مرة كلتها كان كيلو اللحمة بجنيه
- ياه بأه آخر مرة كلتها أيام ما كان الكيلو بجنيه.. ده انت قديم قوي... ده من أيام ثورة يوليو تقريبًا
- آه ما أنا من أيامها وأنا نباتي
جاءه صوت المعلم من الداخل وهو يقول في تهكم:وإيه اللي خلاك ترجعلها تاني.. إيه؟ تكونش اشتقتلها؟؟؟؟؟؟؟
- لا اشتقتلها إيه؟... ده أنا نسيت طعمها و مش عايز أفتكره... لكن تقول إيه بقى فراغة عين.... أم العيال قال إيه نفسها في كيلو لحمة.... بتقول إن أنا بخيل.. غبية مبتفهمش.. ما أنا بوفركل ده ليها ولعيالها.. بس تقول إيه بقى؟
- وإيه اللي خلاك ترضغ لرغباتها المرة دي يعني
- ترضخ يا معلمي.. ترضخ
- بس يا واد انسد انت...... ها قولنا بقى إيه اللي خلاك توافق المرة دي؟
- أصلها... أصلها.. نفسها فيها أوي المرة دي وهي عزيزة عليا..... عشرة عمر بقى
- بقى كده؟؟ ماشى يا سيدي مش حأسألك عا السبب الحقيقي..... دلوقتي حتشتري ولا لأ؟
- لا حاشتري... بس خليها نص كيلو.... أنا أصلي مبحبش اللحمة.... بتعملي حموضة... ولا أقولك خليه ربع كيلو.... وهي يعني حتاكل أد إيه؟
- أقطعلوا ربع كيلو يا زكي
- آه بس اتوصى
- من عينيا هو احنا عندنا أغلى منك؟؟... ده انت من ريحة الثورة
ضحك المعلم عندما سمع تهكم زكى وعاد إلى شرب الشيشة
انتهى زكي من الزبون بعد أن دفع الثمان جنيهات التي أخرجها الرجل وكأنه يقطع جزء من جسده ونظر إليهم في حسرة وهو يعطيهم لزكي فخشي زكي أن يقول له الكلمة الشهيرة "ما تخلي" فتضيع أجرة اللحمة واكتفى بأن يبتسم في وجهه وتوجه لمعلمه وأعطاه المعلوم وهو يقول: عندك حق يا معلم لازم ننتقل لحته راقية والحجز فعلاً لازم يكون بالإنترنت
واقرأ أيضًا:
عشرون عاماً ... مضتْ/ إني ألف أكرهك../ إليك يامن كنت يومًا حبيبي../ آه لو يصمتون/ صوت الباب/ دم الشهيد../ الجمال / موعد من غير ميعاد ولكن.....