لا أعرف كيف أكون زوجة.. ولا أعرف كيف أكون أمًا..
بل أظنني لا أريد أن أكون زوجة ولا أريد أن أكون أمًا.. لا أريد أن أصير زوجة لرجل لا يحبني إلا لجمالي وقوامي.. لا أرغب في أن أصير جارية.. أريد أن أظل حرة.. بلا قيود حديدية أو حتى ذهبية! فإن الرجل يريد أن يكون متسلطًا، معتدًا برأيه، ولا يحب أن يُسمع رأي أحدٌ سواه وألاّ يظهر في المجتمع غيره..
أردتُ رجلاً يحبني ويفهمني، رجلٌ أكون له الصديقة والأخت والأم والخليلة.. لا أن أكون الخليلة والعشيقة والجارية والخادمة، ثم أم الأولاد الذين لا يعرف عنهم أي شيء ولا عن تربيتهم.. لا أريد أن أكون الطاهية وعاملة التنظيف، فأتعب وأذبل وأشقى، ولا يرغب زوجي بعد ذلك في النظر إلى وجهي الذي ظهرت عليه علامات الشيخوخة المبكرة.. فيتركني ويتزوج من أخرى تبدو بجانبه أصغر مني بعد أن زاد التعب من عمري وبدوت كأمه لا زوجته الأصغر منه وحبيبته!
لا أريد رجلاً همّه الأكبر في الحياة هو البيت النظيف –لا يعرف كيف– وطبق طعام جيد –لا يهمه من صنعه– وأخيرًا.. جسد جارية في الليل، لا يعرف عن مشاعرها وآلامها أي شيء.. وفي الصباح يذهب إلى عمله ومنه إلى أصحابه والبقاء معهم حتى ميعاده اليومي مع البيت!!
لا أريد رجلاً إذا طالبته بالجلوس مع أبنائه، يتحجج بأنه يخرج ليطعمنا جميعًا وليس لتضييع وقته بالجلوس معنا! لا أريد أن أصير أمًا لطفل لا أعرف بماذا أجيبه عندما يسألني كيف يصبح رجلاً مثاليًا في المستقبل؟، في حين أنه لا يرى ذلك في والده.. ولا أريد أن أكون أمًا لطفلة ينبغي عليّ أن أعلمها كيف تتقبل أن كونها جارية –أقصد زوجة– في المستقبل... المشرق!
أردت رجلاً يحبني ويفهمني، رجلٌ يحب أن يسمع رأيي الخاص في أي شيء يخصنا معًا، ويحب أن أكون زوجته التي يحبها ويقدرها، أن يعتبرني امرأة لا مثيل لها.. امرأة لا تثيره فقط بجمالها، وإنما أيضًا بأفكارها وبحسن تقديرها للأمور، أردته رجلاً يكون لي الصديق والأخ والزوج والأب والحبيب والابن المدلل، أردت أن ننجب أطفالاً نعلمهم كيف يكونوا صالحين نافعين.. أن ننجب أبًا فاضلاً وأمًا يفخر أبناؤها بها.
كل ما حلمت به يومًا أتنازل عنه الآن.. فلم أعد أرغب بأن أكون زوجة ولا أم.. فأما والوضع هكذا.. وحيث أنه لا يوجد في هذا الزمن أو أي زمن آخر، رجلاً يمكنه أن يتغاضى عن كوني مجرد امرأة.. جسد بلا عقل.. فلا أريد أن أعيش في هذا المجتمع الذي ينظر لي ولغيري من النساء على أننا مجرد ماكينات للتنظيف والطهي والسعادة والعمل على إنجاب الأطفال..
أنا لست ماكينة بلا مشاعر ولا جارية بلا إرادة.. ولن أكون كذلك. لن أتحول إلى مجرد امرأة عجوز في سن صغيرة بسبب احتراقي لأنير الطريق لمن لا يهتم، لن أصبح أمًا لطفل لا أب له سوى المال الذي ينفقه عليه والاسم الذي يحمله.
حاكموني إذا أردتم ذلك.. ولكن لا تحكموا عليّ بهذه الميتة البشعة، لا تدفنوني حيّة وتقتلوا زهرتي وفرحتي في هذه الصورة الكئيبة.. أنا إنسان قبل أن أكون مجرد امرأة.. أملك من المشاعر مثل ما تملكون.. وأفكر مثلكم.. لي أسلوبي في الحياة، لي أحلامي.. التي تنازلت عنها بسبب حكمكم الظالم عليّ وعلى من هنّ مثلي.. فإن لم تقبلوني بكل هذا دعوني وشأني..
وإن الموت وحيدة عذراء أفضل عندي من الموت باسم زوجة مهنتها: جارية.. لا يشعر بها أحد ولا يريد ولا يهتم.. فقط اتركوني لأموت في سلام..
واقرأ أيضا
من قبلة في الفيه قد خرج المغول / هلامية / النهاية (4) / كل له همهُ الفريد / القرار / الفانوس العفريت ـ الحلم / مدهن لو السغب / الدورة / اللعنة / أندم / ترنيمة سكران بحبك