في مربع ضيق... وقفت في عرض الطريق... المؤدى إلى الفراغ، السماء كانت حمراء، والأرض... كأنها ارتوت من براكين الكون لتوها.
ماتت الأشجار، وذبحت العصافير، وذبلت الورود. فأخذت أبكى...!
يا ألهي!.. أين أنا؟.. ماذا عساي أن أفعل؟.. ما هذا العالم؟
ها هو الفراغ ممتد أمامي بلا نهاية، وأنا لا أعرف في الاتجاهات… وليس معي أي شيء أو أحد يرشدني أو يهديني سواء السبيل…!
سأجرى هذا الاتصال... الأخير...! الله هنا... يعرف ويسمع ويرى..! بكيت ثانية!! لا أدرى ماذا أقول...! صمتُ تماماً... أرقب في حيرة... أرتجف في صمت.
تنهدت... ليس بي حاجة إلي الكلام الآن...! إنه يعلم السر وأخفى.. تأملت التشققات التي تملأ الأرض تحت قدمي. السماء تبكى... هذا اللون الأحمر الغريب... دموي... رهيب... ألا توجد شمس هنا؟؟؟ ولا قمر…؟؟
جالسته يوماً… وحاورته…..! أين هو الآن؟؟!!
القمر... ما هو الوقت؟! هل هناك زمن؟! يالله…!
أصرخ.. صرخة داخلية... تجتاح أنسجتي… وتمزق جلدي المحدود في قوة واندفاع، أتألم... هل هذا هو الألم؟!
لا أدرى…
لم أعد أدرى، هل هي القيامة؟! لماذا أنا وحدي إذاً؟ هل هو القبر؟!
هل به سماء؟! وأرض؟ وفراغ مثل الذي أراه أمامي الآن؟!
يا رب…!
هل بلغت ذنوبي عنان السماء؟!
شيء ما يتحرك تحت قدمي في قوة واندفاع شديد… حمم ملتهبة؟! تسير في الشقوق الأرضية… دموية بشكل رهيب… أذاب البقية الباقية من أعصابي.
ثم شدتني السماء إليها... بهذا البريق المصحوب بانفجار رهيب...
حسن... ها أنا افقد حاسة السمع...!
ماذا أيضاً؟! على أن أتصرف... على أن أجد طريقاً...! هل هو الموت؟!
لكنى أرى أتتنفس؟ وأسير… وأسمع…!!
يا إلهي…! أين أنا؟؟
حسن… لا إجابة على هذا السؤال...!
في الوقت الراهن على الأقل...!
على إذن أن أجد مخرجاً.. من هذا العالم الغريب الرهيب أينما كنت.. فهناك حتماً… الله… هناك حتماً... أجد مخرجا... هناك نهاية لكل هذا... إن لم يكن الجحيم...!
لا… أين النيران إذاً؟ أين زبانية جهنم… إنهم لم يأتوا بي هنا... من أجل هذا... لم يتقدم أحد ليعذبني...! إذن هذا ليس الجحيم...!
حسن...
يا رب... يا رب... يا رب... ما هذا؟! أحقاً ما أرى؟
يا إلهي…! رجل؟! هنا؟
يقترب في بط… في مهابة… وفي هدوء… ملتحٍ هو... يرتدى جلباباً... وجهه مريح... بشوش...متألق... لا أستبين ملامحه تماماً... فقط لو رأيته ثانية أعرفه...بإذن الله أفعل...
ملامحه لا تعطيه فوق الأربعين... لكن هيبته...أشعرتني أنه تعدى الستين بسنوات قليلة... يا إلهي...!
ما تلك الراحة المصاحبة لرؤيته؟! ما هذا الأمان والسلام النفسي الذي ملأني مع رؤيته؟! ما كل تلك الطمأنينة؟!
- من أنت؟
ـ.... (لم يجب)
- أين أنا؟
- ...(ابتسم)… ما أروعها ابتسامة…!
يا الله.. ابتسامته هذه... لا أصدق... اختفت السماء الدموية مع ابتسامته...! نور...لا يوصف...نور...اجتاح المشهد كله مع ابتسامته... ما أروع هذا ...!وما أعجبه...!
- اصعدي.
قالها ماداً يده... مشيراً إلى السماء التي أصبحت نورا خالصاً صافياً.
لم أفهم. يا ربي...! أنا أسمع؟!
عدت أسال:
- اصعد؟ إلى أين؟
كرر بصوته المهيب…وبتأكيد شديد:
- اصعدي.
حبل تدلى من السماء المنيرة. حبل عادى جداً... تقدمت ... وتأملت المشهد...
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قالها واستدار مغادراً في هدوء كما ظهر. أمسكت الحبل... والسؤال الملح في ذهني يتصاعد:
- ترى ماذا ينتظرني هناك، في العالم الجديد؟!
واقرأ أيضا
القدس... نزور؟ ولا ما نزورش؟ / حينما توصلنا الفلسفة إلى العبث! / في الماراااثون! / عن أي حب يتحدثون؟ / زى النهاردة.... سينما مختلف / حينما نسرق الجنس! / للرفيق الالكتروني وجوه كثيرة / حكايتي مع أول سيجارة / يوميات ولاء: أنا والضابط والمرأة العجوز! / يوميات ولاء: ليلة لا تنسى