قد جئتُ في نشوةِ الوجدانِ والفكر
أنسابُ حـباً وفي أشواقـيِ أجني
أُدنيهِ روحـي ووجداني يحـدثـه
ومنبعي لصفاءِ الشـعـرِ لا يـسـري
ما كنتُ أحـسبُ أنَّ البـدرَ مكـتمـلٌ
والحسنَ مشـتمل لمَّـا دنـا يغري
عاينتُ فيه جمـالا فيا لَروعته !
والوجهُ يا لهفي أندى من الزهرِ !
أمضي سهام عيونِ الحب فانـطلقتْ
بوقعها لفؤادي فـي ذُرى النصـرِ
آنستُ شوقاً لعلـي أقتفـي أثـراً
إلا فصرتُ لذاك اللـفظ فـي الأسـرِ
صرختُ مهـلاً ، وأشــواقٌ تعذبنـي
وما ظننتُ حـياةَ الود فـي القـهـر
يقولً قيدي : ألفتَ الشـوقَ مبتـسماً
ونلتَـهُ أمـلاً فـي رقـةِ الشـعـر
هل قد أفـادكَ أن لا زمتَـهُ زمنـاً
وكان وصلكما حيناً من الـدهـرِ ؟
لكانَ خيراً بمـا تلـقـاه مـن ألـمٍ
وعبـرةٌ بجفـونِ العيـنِ كالنهـرِ
لطفتَ في عالم الوجـدان مزدهراً
سماركَ القلب حتى مـطلع الفـجر
صرخت مهلاً ، أقولُ الآن مهجتنـا
في قبضة الأسرِ إرغاماً على العـسر
لو كنتُ أعلـمُ أن الحـبَ يقتلنـي
لما عشقت ولا أسـكنتُـه صدري
ولا رسوتُ سفينا فـي شواطئه
ولا غرقتُ هواناً في دجـى الـقهـرِ
أُعيذُ قلبـاً لأنـي لست مرتحـلاً
لولا الحنينُ وفاءً في الهوى العذري
لما لقيتُ حيـاةً ضيق فسحت لها
وعيقَ باسـمها عن نسمة القصـرِ
* * *
يا من طوى صفحة الأيامِ في عجـلٍ
سجلْ شموخكَ بالأشـعـارِ والنـثـرِ
هنـا أتيناكم حـبـاً نودعـكـم
يا دفعة الخير في الآمـالِ والذخـرِ
نكللُ الصـدرَ فُـلاً باسـمـاً وبه
طيفٌ من الودّ محفوف مع الـدرِ
ومن عبير زهورِ الروضِ باسمة
إكليل ودّ ٍ على الترحيبِ والشكـرِ
إنَّ الوداعَ فنـاءُ الـروحِ يشملـهُ
ذل الفراقِ ومـن تلقاهُ لا تدري
هَمٌ يجوسُ وعين القلـبِ باكية
وأنةٌ وحنـيـن فـي لظـى الـجمر
لا تحسبون رحيلاً توصـفونَ بـه
أنَّا قساة قلـوب الحـبِ والخيـرِ
هي الحياة رحيل لا مقـامَ بهـا
أمواجها نَفَسٌ في المـدِ والجـزرِ
وأنتـمُ الأمـل الـباقي لأمتـنـا
سلاحكـمْ قيـمٌ بالليـن والزجـرِ
فاثـقفوا الـقلـبَ علمـاً زانـهُ أدبٌ
وجادهُ قلـمٌ فـي رونـقِ الـسطـرِ
بالمجد ترقى علـواً فـي تقدمكـم
وبالوفاءِ جـمالاً زِيـدَ فـي القدرِ
مَن قـدمَ العلـمَ أزهـاراً يزينُهـا
خُلقـاً يقدمـه فـي غايةِ البـشر
فهـو المعلـمُ لا إنقاص يتبعـهُ
وهو الجدير بهذا القطـفِ والبـذرِ
أُنهي قصيدي بما قد جاء مطلعـهُ
قد جئتُ في نشوةِ الوجدان والفكرِ
واقرأ أيضاً:
لا يُسترشدُ النصرُ / كتبتُ جواب الهوى / ممزق الوجدان / اقتدار واعتذار / أنخْتُ قصائدي