نتعرف.... نحب.... نفترق ننسى ولكن هذا الرجل لم ينسى...... حين تعرف بها تذكر الأسطورة القديمة التي تقول أن الله قد خلق الرجل والمرأة في جسد واحد ثم فصلهما ومضى كل واحد فيهما في الحياة يبحث عن نصفه الآخر.... حين رآها أيقن أنه قد وجد نصفه الآخر وأن السماء قد أهدت إليه أحلى نجومها...... كل هذا الحب ولم تسمح له الظروف بمعرفتها فترة طويلة: مرت في حياته كالشهاب الملون بألوان الحياة قبل أن ترحل بعيدا كنجمة.
قد ننسى امرأة أحبتنا ذات يوم وعبرت حياتنا كشهاب سريع- ولكننا أبد لا ننسى امرأة أحببناها فتجاهلتنا...... نظل نبحث عنها العمر كله..... حتى نجدها...... فإذا وجدناها...... صحيح..... إذا وجدناها ما الذي يحدث؟
وفجأة..... قبل أن يبدأ أي شيء..... انتهى كل شيء، كنا تواعدنا وصوتك غاب وناداني العمر الماضي، وأما على حالي سكرت الباب، لقيتك بيني وبين حالي، ظلت هكذا بينه وبين حاله سنوات وسنوات...... تزوج أنجب.... ولكنها ظلت في خاطره تزوره في أحلامه من حين إلى آخر..... يتحدث معها..... ثم يصحو من نومه ليجد الوسادة مبللة بدموعه....
كانت كلمة لو موجودة دائما على باله..... كان يعزو كل تعثر في حياته إلى غياب النفس.... والنفس غائبة لأنها غير موجودة...... كان يلتمس لها الأعذار..... ويلوم نفسه أنه لم يكن أكثر إصراراً.... أكثر شجاعة.... أكثر اقتحاما كان يؤرخ لحياته بيوم فراقهما: مرحلة ما قبلها ومرحلة ما بعدها..... تزوج لأنه كان لابد أن يتزوج.... لم لم تكن زوجته إنسانة سيئة.... ولكنها باختصار لم تكن هي.
أحيانا كان يتصور أن الدنيا لابد وأن يحدث فيها ما يحدث عادة في الأفلام: يلتفت فيجدها فجأة أمامه..... في مصادفة رآها مليون مرة فبالأفلام.... ولكن ما بال فيلم حياته يمضي هكذا مملا رتيبا..... ترقى في عمله لأن دوره في الترقي كان يحين: معلم.... معلم أول.... وكيل مدرسة..... ثم ها هو الآن ناظر المدرسة.... يدق عليه جرس المكتب.....
- من يا حاج محروس؟
- ولي أمر الطالبة المشاغبة
- أهلا وسهلا ً
وحين رفع عينيه عن الأوراق.... لم يصدق...... عشرين سنة لم تأخذ ملامحه فيها أبدا شكل الدهشة جمدت على اللامبالاة والضيق: كانت هي.....!
كتب عنها في مذكراته: يا منية النفس الخالدة ويا توأم الروح في كل زمان ومكان... مهما بعدت ومهما نأيت... فاذكريني، وحين التقاها مرة ثانية: اللقاء الثاني، حين ركب سيارته وأدار الراديو كان عبد الوهاب ينشد في الراديو: أنا من ضيع في الأوهام عمره.
واقرأ أيضا
حكاية علي وإنجي/ بطوط