خـبر العصافير في أول الأمر
أن جميلاً
شديد سواد الـثيابِ
شديد بياض الـفؤادِ
على شعره من غبار الرحـيل الكثير
يحـطك في زمـن الـيـتمِ
في زمـنٍ للفراغ الـطويلِ
يخصب في سنوات الجـفافِ
يفـتّح أبوابك المغلقاتِ
يرش عطاياهْ
خبّرتكِ العصافيرُ أني أنا آخر الأنبياءِ
وأجملهم
ليس قوليَ كذبًا
ولا في يميني كتابٌ
يُنَبّيء عن زمن ٍ لا يكونْ
خبّرتك العصافير ُ
أنك أنت التي اختارها اللهْ
كي أجرب فيها نبوّتيَ المصطفاة
وأخطّطها في عروقي
وأمشي
أذيع على الناس سرّي
أحدد خارطة الكفر
بين أبي لهبٍ وأبي جهلْ
أحرقها بهما
وتظلين بين عروقي
وأمشي
وأنتِ
كما أنت
كافرةٌ برفيف العصافيرِ
غير مصدّقةٍ بكلام العصافيرِ
ضيّقةٌ بغناء العصافيرِ
لا تبصرين افتراح الفدادين
حين تغني العصافيرُ
خبّرتك العصافيرُ
أنك أنت التي اختارها الله
كي أجرِّبَ فيها نبوّتيَ المصطفاةَ
وقال ليَ :
اكتب
قلت :
لا أستطيع
ضمّني
ثم صبّ الكلام الإلهيَّ في جثتي
قلت :
لا أستطيع
هزّني هزّة كالزلازلِ
أحسست ساعتها
أنه كان يوم النشور
قلت :
يا رب لا أستطيع
فخيّرني بين نفيي عن الكون
وحدي
وبين تسلخ جلديَ
فاخترت أن أكتب اسمك
علمني الله
أن أكتب اسمكِ .
....... ....... .......
نون ٌ... دال ٌ... ياءْ
كافرةٌ بكلام الشعراءْ
نونٌ ... دالٌ ... ياءْ
أعشقها يا ربي
لكن نبيا آخر جاء
لم تبعثْه
كذابٌ يا ربي
لكــنَّ حبيبتيَ الكذَّابةَ
صدقت الناس الجهلاء
نونٌ ... دالٌ ... ياءْ
لما قلتَ ليَ اكتب
خفتك يا ربي
فجريت إليها
عريانا
إلا من رعشة أطرافي
ووحيدا
إلا من أشباح ٍ
تتقافز حول خطايَ
تضلل تطوافي
يتسلق جلدي الذعرُ
كثعبانٍ
يتلوّى من أخمص قدميّ
إلى مفرق شعري
ناديت عليها
لتزمّلني
فأشاحت عني
وأدارت عينيها للمخلوقات الأخرى
في طرقات اللهِ
ودثَّرني الناسُ الغرباءْ
نونٌ ... دالٌ ... ياءْ .
....... ....... .......
بعدها
أنا هاجرت يا امرأة
لا تصدق قول العصافيرِ
كان الذي في سريري عدوّي
يضلِّلني
لا يـضلِّلُهم
فاستدلُّوا على ناقتي في الفيافي
ليس لي صاحبٌ
أو دليلٌ
وليس على مددِ البيد غارٌ
على بابه ينسج العنكبوت حكاياهُ
كي أتخفَّى
ووحدي
حاصروني
قرأت لهم ما تيسر لي من قصائد
تمتمت بالكلم الغامض
وأقمت أمامهمُ ألفَ سَدٍ
ومن خلفهم ألفَ سدٍ
وبينهمُ ألفَ سدٍ
رششت عيونهمُ بتفاعيل شعري
نثرت تعازيم سِر َّ نبوتيَ المصطفاة
فأغشيتهم
فهمُ لا يرونْ
واقتربتُ حدودَ المدينةِ
لم يكُ في سورها نفَر ٌ ينصرون
يقولون
إني طلعت على دورهم شجرا يترقّص
أو قمرا
يتبصَّصُ
أخرجتهم من ديارهمُ
ومنحت عطاياىَ
آخيت بين المدينةِ
والشجر العاطفيّْ .
....... ....... .......
دمك الآن أسقطه من دمي
قطرةً
قطرةً
وأقول الكلام الذي أنتِ كذَّبتِ فيه العصافيرَ
في سنوات الجفافِ
وسقَّطتُ من مقلتيكِ هواهُ
ومن ناهديكِ شذاهُ
ومن خطوِك المتسرّعِ
سِكَّته المستحمة في خفقات ضياهُ
أقولُ
وأنت
كما أنتِ
يقصدك الأدعياءُ
وتبتسمين
يحاولك الكافرون
وترضين
ما زلت تصطحبين الهواء المزيَّفَ
تقتطعين من الوقت أضيقَهُ
ومن المطرح المتباعد أكذبه
ومن الشجر المتطاولِ
ما خرَّبته رياح الخريفِ
وما هجرته العصافيرُ
ما زلتِ
كافرةً
بالعصافير
السمّاح عبدالله
واقرأ أيضا :
حَالْ / سرقة / مَا أَضْيَعَكْ / مَتَى يَأْتِي الْجَيْشُ الْعَرَبِيُّ ؟ / ثُلَاثَاءَاتُ عَابِرِ سَبِيلْ(5) / خَرِيفِيَّةْ / غَرَامْ