أردت كتابة قصة جديدة بعد عودتي من الامتحان.. عبثا حاولت لكني كنت متأكدة من النتيجة قبل المحاولة.. فالكتابة والتفكير في القصة لا يحلوان إلا قبل الامتحان وليس بعده..
أمسكت قلمي الحبيب "فلفل" وأحضرت الأوراق لم أكتب سوى كلمة واحدة "عــن.."، لم أكد أكتب الكلمة حتى سمعت صوت أمي تناديني.. ذهبت وعدت بعد عشر دقائق فشاهدت العجب..
رأيت حرف ال"ع" ينفصل عن حرف ال "ن" وذهب كل منهما في اتجاه!! لم يكن هذا شيئا بالمقارنة مع ما حدث بعدها.. رأيت ال"ع" غاضبا ينظر إلي ويخبرني أنه لا يحب حرف ال"ن" وأنه لن يجتمع معه في أية كلمات.. ما سر هذه العصبية؟!
أحضرت ال"ن" أمامي ووضعته بجانب ال"ع".. وفهمت منهما المشكلة.. كل منهما يقول أنه أفضل من الآخر:
"ع": أنا أبدأ الكثير من الكلمات الجيدة مثل: عنب وعصير وعسل وعبير وعروس وعلا وعيد..
"ن" بتهكم..: ولماذا نسيت عفن وعبيد وعقرب؟؟!!
رد "ع" بحدة وقد بدأ صوته يعلو: أنظر أنت أولا لما تفعله ثم تعال وتهكم على.. ألست أنت موجودة في أول ال"نــــــــــار"؟؟
قال "ن" بخبث: نعم هذا حق ولكني موجود بمنتصف ال"جـــــــــنة".. بل أنني مشدد فيها.. يمكنك اعتبار أنني موجود مرتين في الجنة..
اشتد غيظ "ع".. الحق أن "ن" حجته قوية.. وقد أفحم رده ال"ع" لكنه كان يحاول التماسك وقال ل"ن" غاضبا: ثم ما الذي يدخلك داخلي؟؟ فأنا أنطق عين لم تتدخل فيما لا يعنيك؟؟؟؟
قال "ن" ببساطة: حسنا سأتركك وسأوصى أخي "ي" أن يتركك أيضا.. نظر إليه "ع" وقال معاتبا: أبهذه البساطة توافق على تركي؟؟ حسنا وأنا أيضا سأخسر صديقي "و" أن يتركك فتصبح "نــن" ثم انفجر في الضحك بعدما رأى ال"نون" في خيالة بدون "و"
بدأ "ن" ينفعل وقال يمكنني الاتفاق مع أخوتي جميعا "ب و ت و ث و ي" بمقاطعتك في جميع الكلمات.. قطع "ع" ضحكته وقال متحديا وأنا أيضا سأتفق مع أخوتي "ج و ح و خ و غ" على مقاطعتك.. كما تربطني علاقة جيدة مع ملك الحروف السيد "ض" طويل العمر.. ويمكنني أن أشكوك لجلالته في; غضب عليك وأنت تعرف غضبه..
اصفر وجه ال"ن" فالجميع هنا يجلون الملك ويخافونه. قال بصوت خفيض.. جلالة الملك..!! لكن هذا ظلم.. أنت من بدأ الخلاف.. ثم نظر إلى مستعطفا طالبا تدخلي.. قلت لما.. لا يمكنكما الخلاف وحرماني من الذي شيء ينتج عن اجتماعكما سويا.. نظر كل منهما إلى الآخر ثم نظرا إلى وعلى وجههما أعتى علامات الغباء.. قالا في صوت واحد: ماذا تقصدين؟؟!!!
قلت لما "النعناع" فكلاكما موجود به ومعكما حرف "ا" أظرف الحروف.. اغرورقت عيناهما بالدموع.. جرى كل منهما نحو الآخر.. واحتضنا بعضهما.. مما ذكرني بمشاهد الأفلام العربية القديمة.. وفي عقلي تعجبت من سذاجتهما..!!
أخذ الحرفان يركضان على الأوراق ثم صعدا على إبهامي الأيمن.. وأخذا يتقافزان عليه.. بدأ هذا يؤلمني.. انتبهت إلى شقيقتي الصغرى تمسك إبهامي وتضغط عليه وتقول لي: "هل نمت؟؟ إن أمي تناديك"
نظرت لها بذهول ثم للأوراق فوجدت الكلمة التي كتبها لم تزل موجودة.. الحرفان متلاصقان كما كتبتهما تماما... فهمت ما حدث.. كانت هذه هلاوس من عقل أضناه السهر والاستذكار..!!
واقرأ أيضا :
أنا والأخرى / عسى..يا عَسى! / تعالي..تعالي! / تقوى ! / كوفاد / من قصيدة لبغداد