حين استقبلتنا مدائن العشق والعشاق... وانفتحت كل الأبواب الموصدة، وتناسينا أنفسنا ونسينا سطور المأساة... حين تلاشت كل خيالات الاستفهام بدربي، وأقبلت على الدنيا بكل الحرمان القابع في أعماق كياني.. حين دبت الحياة في أوصال القلب المقهور، ونبض بالحب الطاهر كيوم هبوطه للدنيا عريانا.. جئت أنت... ممسكا بسياط الحب بين يديك لتلهب ظهري، وتبذر بذرة التساؤل في الوجدان ليصرخ قائلا، وماذا بعد؟؟
أعرف أن روحي تحن إلى لقائك، وجسدي توهج شعلة، وفكري حام على خطاك، أنك عمقًت فيَ الوعي آلاف المراحل، كما عمقَت فيَ الحب وأجريت الجداول.. ويوم أن خاطبتني (بعمري المتبقي) عرفت أنك بلسم القلب الكبير، وبلسم الجسد الأسير، ولكن التساؤل لا زال تساؤل، وماذا بعد؟؟
والتساؤل لا يزال يكبر، بنمو جنوني، أشبه بالنمو المجنون لخلية سرطانية في مراحل المرض المتأخرة، عرفت أن السؤال منطقي، فهل الإجابة منطقية؟
هل حقا أنني قادرة على اجتياز الصحاري المقفرة؟؟ هل حقا أني قادرة على تناسي المكان والزمان؟ على المنح، كل المنح؟؟
حقيقة دنيتي الثالثة; بعد الموت والميلاد، رغم جبال الشوق التي تعتصر صدري، وتلال الحب التي تختلج بقلبي، ورغبة عناقك التي تجتاحني، فضلا عن هامة كبريائي، وثقتي في الله ونفسي، إلا أنني أحس أنه قاب قوسين أو أدنى، من زلزال جبار سوف يدمر كل ذلك، فأكاد أشارف على الجنون، وآه منا أشد قسوة تلك العقلانية التي تكتنفها الجنون!!!
لأدرك بعد كل هذا، أنني ككل المخلوقات، مخلوق هزيل ضعيف، لا أملك من أمر نفسي وقلبي وأمري شيء، وتبقى الذكرى نتعلم فيها من كل الأشياء، ما دمنا ضيوف في دنيا، نرحل وقتما الرب يشاء، لست من رواد النصائح، ولا قديسة، ولكن الجدوى، أن نتقبل كل القصة، كما هي، ولنتعلم من قصتنا،من خطايانا، من شفافيتنا، ولسوف نموت ككل الأشياء...
واقرأ أيضا:
مذكرات مغتربة: الأوطان ليست واحدة / مذكرات طفلة: يوم موتي / شيء من الحب / الحب ليس فارسا أسطوري / امرأة بدون رأس / مسكونة بجني أنا!!!/ رنين الهاتف