المنظر الآن: قاعة محكمة ويجلس القضاة وممثل الادعاء، ويقف داخل القفص (حبل المشنقة).
الحاجب (بصوت عال): القضية رقم واحد، اسم المتهم (حبل المشنقة).
القاضي لحبل المشنقة: ما هو قولك في التهم المنسوبة إليك؟
حبل المشنقة: وما هي تلك التهم؟
القاضي: عصيانك وثورتك وعدم قيامك بواجبك تجاه الوطن، وتقاعسك عن شرف القيام بعملك على أكمل وجه.
حبل المشنقة بسخرية مريرة: شرف؟ أي شرف وأي واجب وأي وطن الذي يكون واجبي تجاهه أن أقتل؟ لعنة الله على هذا الوطن.. لقد قتلت كثيرًا يا سيدي كثيرًا وأنا أعتقد أنني أقوم بواجبي تجاه هذا المخبول الظالم المدعو الوطن, أنا رمز الموت, أقتل دون أن أعرف لماذا, أقتل بمجرد الأمر..
القاضي: وما سبب هذا التحول المفاجئ؟
حبل المشنقة: سأقص عليك.. كالعادة في أحد الأيام كنت استعد بشغف ليوم عمل جديد وكنت استعد للمعدوم الأول، وجاء.. وحين رأيته شعرت بقشعريرة تسري في أليافي, لقد بدا كالبدر بابتسامته وكأنه مقبل على عروسه, قوي الشكيمة يخطو إليّ بمفرده وهذه قلما تجدها يا سيدي..
قدميه تدق الأرض دقًا, يملأ وجهه الرضا والغبطة, اعتلى المنصة فتزلزلت أسفل قدمه, ووضعني بنفسه في عنقه, شعرت براحة تجاه وكأنني في حضن أبي وتمتم وقال (اللهم أنت ربي وأنا عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت, اللهم إنك تعلم أنني أبغي وجهك الكريم، اللهم إنك تعلم أنني لا يرضيني سوى هذه الخاتمة, اللهم إنك تعلم أني لا أخاف الموت في سبيلك, وإنك لتعلم أنها أمنيتي الوحيدة واللهم إني أشعر الآن بملائكتك يحفون حولي أرى أجنحتهم البيضاء, اللهم إني أرى الآن منزلي في الجنة أرى زوجتي أرى أولادي الذين حرمت منهم, أرى أمي التي تركتها وقد ابيضت عينها من الدمع, أرى أخوتي في الله الذين سبقوني إليك).
وهنا قاطعه صوت أمر التنفيذ (نفـــِّــذ) ولكنني ترددت كثيرًا حتى نهرني بقوة عامل المشنقة (عشماوي) وسبني, أغلقت عيني وضغطت على رقبته وبكيـــــــــت كما لم أبك من قبل واختلطت دموعي بقطرات من دمه وماء وضوئه الذي كان يقطر على لحيته ووجهه, وسقطت على خيوطي وكأنها قطرات من الجحيم.. وسقط وهو لا يزال يبتسم, لا يزال منير الوجه, مات جسده ولكن بقيت روحه تحوم في المكان تستطيع أن تراها راضية مطمئنة.
القاضي: ولكنه الواجب..
إذًا حكمت المحكمة بإعدام المدعو (حبل المشنقة ) بتهمة امتلاك قلب عرف طريق الرحمة أثناء قيامه بواجبه تجاه الوطن.
واقرأ أيضاً:
إرهابي / يهوذا العاشق / المنقذ / الخيانه / بقى لي كثير / كمان قرب / حب يعني / قلوب سوده