-1-
حين قالت له إنها حامل، أقسم بالله العظيم ثلاثاً أنه "ليس له دعوة"، وأن الأرزاق بيد الله، وأنه عائد إلى ليبيا بعد ثلاثة أسابيع، وكان قد عاد منذ أيام في إجازة قصيرة بعد سبعة أشهر، وأضاف أن عليها هي أن تتصرف بمعرفتها، قالت: أتصرف في ماذا؟ قال: في كل شيء.
-2-
حضرت أمها في نفس الليلة ومعها أغلب الطلبات التي طلبتها بحجة الوحم، وقالت لها للمرة الثالثة والثلاثين (تقريباً) أن أباها مات محسوراً على أخيها الذي ذهب إلى إيطاليا ولم يرسل أبيضاً أو أسوداً، مع أن خطاباته بخط يده تقول إنهه مازال حيّاً، رجحت الأخت أنه تزوج "خوجاية" فوافقت الأم دون تردد، وتمنّت أن تشبه ابنته أمها، ثم قالت إنها لا يهمها أن يأتي لتراه قبل أن تموت، وإنما كل ما يهمها هو أن يرجع سالماً غانماً ويؤدي فريضة الحج هو وزوجته، قالت ابنتها: "ومن أدرانا أنها أسلمت؟" قالت: الأم "ليس مهماً، تؤدي الفريضة ثم تسلم أو لا تسلم فيما بعد، فالله غفور رحيم"!.
-3-
أذّن المؤذن لصلاة الفجر، وحين ردد أن "الصلاة خيرٌ من النوم"، همس زوجها وهو ينقلب إلى جنبه الثاني أنه "ليس متأكداً"، وحين سألته "لست متأكداً من ماذا"؟ كان قد استغرق ثانية في النوم، وحين أعادت السؤال عليه في الصباح، قالل لها أنه ليس متأكداً من أنه ابنه، لأنه حسبها ووجد أنه كان وقتها في ليبيا، ومع ذلك فكل شيء جائز، فقد سمع أساطير عمّا يحدث بين الناس وبعضها من خلال ما يسمى رسائل "البتاع" الذي اسمه "النت"، فما المانع أن يحدث مثل ذلك بالرسائل العادية، "هو الذي قال"، فاطمأنت الحامل ولم تعقـّب.
-4-
ذهبت المرأة تفتح الباب للطارق، فوجدت جارتها تسأل عن ابنها ذي الثلاثة عشر عاماً، لأنه خرج منذ ليلة أمس ولم يعد، وحين سألتها: وما الذي أسكتها حتى الآن؟ قالت إنها لم تسكت وأبلغت القسم، وأن الحكومة هي التي سكتت، أماا هي فقد راحت تسأل الجيران بيتاً بيتاً!.
-5-
قال الرئيس في التليفزيون ووجهه يشرق طيبة وحناناً: أنه قرر أن يزيد اهتمامه بالكادحين، سألت المرأة زوجها "كادحين يعني ماذا"؟، فقال لها: "يعني؛ نحن"، قالت، و"يزيد اهتمامه" يعني ماذا؟ قال لها: "الله أعلم!"
-6-
عادت الجارة تطرق الباب في الصباح ووجهها مشرق بالفرحة، فعلمت المرأة أنها قد عثرت على ابنها، فباركت لها، وقبـّلتها، فقالت الجارة إن ابنها قد عاد بنقود كثيرة، وأنها لم تسأله "من أين" خوفاً على شعوره، وأيضاً خافت أن يـُرجعها، أوو يدّعي ذلك، فقبـّلتها المرأة الحامل من جديد فرحة بذكائها، فقالت الجارة إنها سألت شيخ المسجد إن كانت هذه النقود حلالاً أم حراماً، فقال لها إنها إن أعطته نصفها، يعني للمسجد، على شرط: "في السر"، فإنها حلال قطعاً، فعرفت أنها حلال ولم تعطه قرشاً واحداً، فقبـّلتها الحامل للمرة الثالثة، ودعت لها أن يتقبل الله، فدعت لها الأخرى أن تقوم بالسلامة!.
-7-
وضعت المرأة الحامل بنتاً، وأسمتها "خديجة"، قالت لها أمها إنه اسم مبروك، يليق على زوجة أخيها أيضاً إن هي أسلمت، إلا أن جارة أخرى تعمل في سوبر ماركت قريب وتشاهد التليفزيون مدداً أطول، نبهتهما أن هذا هو اسم زوجة ابن الرئيس أيضاً فانزعجت الوالدة وأمها، ونظرت كل منهما للأخرى، ثم إن المرأة التي كانت حاملاً أخذت بعد ذلك فوراً تحكم إغلاق النوافذ كل ليلة عدة مرات وهي تتلفت، ولم تتوقف أبداً، وحين عاد زوجها، وعلم بما حدث انزعج أكثر وراح يعيد التأكد من إغلاق النوافذ بعد زوجته كل ليلة، ثم إنه راح يؤنب زوجته خائفاً وهو يكرر بصوت مرتعش:
"هل جننت يا امرأة؟ هل يعجبك هذا؟ كان ما لنا نحن بالسياسة؟"
قالت المرأة وقد أخرجت ثديها ترضع ابنتها: "سياسة يعني ماذا؟"
قال لها: "إيش عرّفني!!!؟؟".
*********
وبعد...
(هذه قصة قصيرة: من نسج الخيال100%، وأي تشابه جزئي أو كلي مع أي واقع هو محض مصادفة).
نشرت في الدستور بتاريخ 29-7-2009
واقرأ أيضاً:
جنون / ذَوَبَـان! / عبث الفرشاة! / قِـطَّـةٌ،،/ آخر العمى / جوع / أحتاج عينيك / لو مرةً