رَاوية ربَّة بيت مميزة، تبلغ من العمر 26عامًا، كانت موظفة مبيعات قبل أن تتزوج وتقرر أن تتفرغ لبيتها، خاصة بعد حملها.
منذ عدة شهور بدأت السيدة رَاوية في المبالغة بدرجة الاهتمام بالنظافة، مع تكرار غسل يديّها مرات عديدة، مع فكرة مزعجة وملحة بأنها قد تؤذي الجنين إذا لم تكن يديّها نظيفة تمامًا. تقول: أصبحت كإنسان آلي أنظف وأنظف وأنظف يديّ كثيرًا، وكأني فاقدة للسيطرة على نفسي.
ما هو فقدان الأمان؟
يُعد فقدان الأمان من المشاعر التي تنتاب الإنسان، ويهدف هذا الشعور لتوليد حالة من فقدان التوازن للجسم والعقل نتيجة القلق والشعور بالخطر والتهديد، بحيث يسعى الإنسان للبحث عن وسيلة للشعور بالأمان من خلال سلوكيات معينة.
ففقدان الأمان حالة انفعالية، يرافقها انفعال الجسم والعقل لإحساس بالخطر المتوقع دائمًا، نتيجة مواقف محددة، وسلوك قد يكون قهريًا يهدف لإعادة التوازن من خلال وسيلة ما لإعادة الشعور بالأمان وتقليل الشعور بالخطر والتهديد.
هل يعتبر الشعور بفقدان الأمان أمرًا سيئًا؟
كل إنسان من الممكن أن يشعر بفقدان الأمان في موقف معين، فلولا هذا الشعور ما ابتعد الناس عن المخاطر الصحية، وما قد يسبب لهم الأمراض أو العدوى، ولا حافظوا على حياتهم أو ممتلكاتهم، إلا أنَّ الشعور بفقدان الأمان غير المناسب يكون بشكل انفعال زائد عن ما يتطلبه الموقف، أو متكرر بشكل كبير بسبب مواقف لا تستحق ذلك، وتصبح فكرة البحث عن الأمان ملحة ووسواسيه، وينتج عنه سلوكيات قهرية، مما يعيق ممارسة الحياة الطبيعية للشخص بمستوى معين، وقد يسبب للشخص الإحراج بسبب قناعته بأنه يبالغ بردود فعله.
ما يرافق فقدان الأمان من آثار:
- الضيق الشديد والتوتر بسبب مواضيع لا تستحق ردة الفعل التي يقوم بها الشخص.
- تكرار عمل الأشياء أكثر من اللازم (الغسل، الفحص، التأكد، التردد...)
- تجنب الذهاب إلى أماكن أو مناسبات، أو تجنب عمل ما في البيت.
- بذل جهد كبير ومتعب بسبب السلوك القهري من تنظيف أو تأكد أو فحص.
- شعور الشخص بالإحراج لإدراكه في داخله أن ما يقوم به غير معقول ومبالغ به.
- التصرف بقسوة أحيانًا مع أفراد الأسرة إذا خالفوا القوانين الخاصة لمن يعاني من المشكلة.
مفاتيح الشعور بفقدان الأمان:
- توقع التعرض للأذى سواء الجسدي أو النفسي كالمرض.
- توقع الموت .
- الشعور بالتهديد وتوقع الخطر.
- الرغبة في الوصول للكمال.
- توقع الانتقاد أو اللوم.
ماذا يقول الفاقد للأمان لنفسه:
- أنا في وضع خطير.
- يبدو أن الأمور ستكون سيئة جدًا.
- لن أغامر في ترك الأمور بدون عمل (كالتنظيف الزائد).
- ستحدث كارثة فعليِّه.
- ماذا سيحدث لو تركت الأمور هكذا.
كيف أتخلص من إحساس فقدان الأمان؟
بما أن فقدان الأمان انفعال طبيعي فالهدف من علاج فقدان الأمان ليس التخلص منه تمامًا، إنما الهدف هو:
- تخفيف درجة الانفعال بسبب شعور فقدان الأمان.
- تقليل عدد تكرارات السلوك القهري الناتج عن شعور فقدان الأمان.
- تقليص مدة السلوكيات القهرية.
- زيادة الدافعية للمقاومة، ودعم الإرادة.
- القدرة على التحكم والسيطرة على أعراض فقدان الأمان والسلوكيات القهرية.
- العودة لممارسة نمط الحياة الاعتيادي دون أي تجنب بسبب الإحساس بفقدان الأمان أو السلوكيات القهرية.
معتقدات خاطئة حول الشعور بفقدان الأمان:
- يعتقد البعض ممن يعانون من هذه المشكلة أن عليهم عدم التحدث عن حقيقة الأمر حتى للمختصين بالمعالجة، لخوفهم أن يقول الأخصائي عنهم أنهم سخيفين، علمًا أنَّ ما يميز هذه المشكلة فعلا هو اقتناع الشخص الذي يعاني منها بأن الأمر لا يستحق كل هذه المبالغة بردة الفعل سواء بالتنظيف أو التأكد أو غير ذلك من السلوكيات القهرية.
- يعتقد أفراد أسرة الشخص الذي يعاني من هذه المشكلة بأنه يبالغ، ولكن الشخص يكون فعلاً فاقدًا للسيطرة على نفسه إلى حد ما، مع عدم توفر الإرادة اللازمة للتحكم بهذا الأمر.
- يقوم البعض من المعانين من هذه المشكلة بإجبار أولادهم على المبالغة بالتنظيف أو الحرص، علمًا أنَّ ذلك قد يتسبب بمعاناة الأطفال من المشكلة بشكل أكبر في المستقبل.
واقرأ أيضاً:
ما هو الغضب؟! / ما هو الخوف؟ / ما هو الحزن؟ / صناعة الهدر