الماء والنساء ماء المرأة في الإرجاز (نشوة الجماع)
* أرسلت فراولة الشرق (26 سنة، طالبة، السعودية) تقول:
السلام عليكم؛
أولاً: أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع المميز في عرضه للمشاكل ورده عليها بأسلوب متدرج مقنع واضح، وأقول للأستاذ الدكتور وائل هندي كان ردك رائعا ًرائعاً رائعاً جدا ًفي هذه المسألة، وواضح فجزاك الله خيراً.
وبصراحة أعجبني آخر سطرين عندما تكلمت عن الفقهاء وخاصةً السابقين لأننا وللأسف أحياناً لا نأخذ بآرائهم في عين الاعتبار بحجة أن العلم تطور وبدأ يكشف ما لم يكونوا يرونه، ولا أخفيك أنني أحسست بفخر وعزة ونشوة انتصار لديني وأنا أقرأ سطورك فجزاك الله خيراً وأعانك ووفقك لما يحبه ويرضاه
مع السلامة
فشكراً لك وشكراً للقائمين على هذا الموقع مرةً أخرى
29/9/2010
أهلا وسهلا أشكرك يا "فراولة الشرق" شكرا جزيلا وأسأل الله أن يعطيك أحسن مما دعوت لي به، ليس فقط على إطرائك الطيب لموقع مجانين ولي وإنما لأنك ألقيت الضوء وجددت الذكر لهذا المقال الذي قد يكون أرشيفيا بالنسبة لكثيرين من قراء مجانين القدامى وقد يكون غير معروف أصلا لكثيرين من قراء مجانين المحدثين، فهو تاريخي أو أرشفي للبعض ومجهول للبعض الآخر، لكنه والحق يقال باقٍ دائما في ذاكرتي ودائما يحرك تفكيري، فأنا ما حييت لا أنسى صدمتي ودهشتي وزلزلة نفسي وخزيَ عقلي مما كان عليه موقفي من نص من ديني هو حديث لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم عن ماء المرأة فكان أول رد فعل هو التشكيك في صحة الحديث فلما عرفت أنه صحيح قلت لعل الرسول صلى الله عليه وسلم يقصد شيئا آخر غير المني فلا مني للمرأة كما قال العلم..... وكنت وقتها مغترا بما ظننت أنه العلم المستنير الموضوعي المحايد حتى وصل بي الحال إلى استنكار ما قيل لي أنه "موصوف في كتب الفقه يا دكتور أشياء مثل التي في كتب الطب عندكم"... كيف لا يخزيني ما حدث من استنكاري وسخريتي من حديث أساتذة العلوم الإسلامية عن مقارنات في كتب الفقه بين ماء الرجل وماء المرأة ودعوتي إلى تنقية كتب الفقه مما لم يعد يصلح لأنه ينافي ما اكتشفه لنا العلم.....
وبعيدا عن تفاصيل ما بينته في ذلك المقال أصف هنا أكثر من بعض مما تداعى إلى ذهني وبدأت التفكير على أساسه وأنا أحاول رسم طريقٍ يناسبني اليوم كطبيب مسلم أن أسير فيه ممهدا لغيري ربما أو مجرد ميسر للطريق أو مشكلا إضاءة في جوار الطريق -أيا يجعل الله دوري وإسهامي-....
مثلا كيف يجب أن تكون العلاقة بين نص ديني أو تفسيره وبين معطيات العلم وكيف يكون الموقف لو تعارضا؟ وهل على معطيات ديننا ونتاج فقهائنا أن تثبت أنها موافقة للعلم؟ أم أن على العلم أن يثبت أنه موافق لهما؟ أسئلة كثيرة دارت وتدور في ذهني.
بسبب حديث ماء المرأة هذا تعلمت أن على العلم أن يثبت موافقته لما جاء به الدين وليس العكس بالنسبة لديني على الأقل، وأن نتاج فقهائنا في كثير من جوانبه مضيء ولابد أن يُقرأ وأن يستقرأ وأن نحتفي به لا أن نزدريه باعتباره من كتابات الأقدمين، تعلمت أنني كباحث علمي مسلم يصح لي أن أنطلق مما أفهمه من النصوص وأستقرئ مادة دراستي باحثا في ضوء ذلك الفهم، وقد تأملت يوما مع صديقي أحمد ابن عبد الله وتأمل معي حكاية ماء المرأة ثم قال بعد تأمل أرأيت يا وائل كانوا ينطلقون من الآية أو الحديث فيفكرون تفكيرا علميا ويبحثون بحثا علميا؟ قلت رأيت يا أحمد ورحت أقارن موقفنا أنا وهو وغيرنا من الأطباء من تعارض قول ماستر وجونسون مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بموقف فقهاء المسلمين من أرسطو بموقف فقهاء المسلمين ممن كانوا يسمونه المعلم الأوحد وهو أرسطو اليوناني حين وقفوا في نفس موقفنا من ماء المرأة..... وشعرنا بكثير من الخجل،...
ينطلق الباحث المسلم من ثوابت إذن ثم يبحث في الكون أو هكذا يجب أن يكون وليس على الدين أن يثبت أنه يوافق العلم وإنما العكس هو الصحيح في أحيان كثيرة بمعنى أن البحث العلمي يجب أن يظل في إطار خلقي ينظمه الدين ولا يصح خرقه، وتمنيت أنا وصديقي كثيرا أن ننطلق من آية قرآنية أو حديث نبوي نأخذ منها مفهوما ما ثم نجري البحث العلمي على عينة الدراسة تمنينا في نقاط بحث نفسية كثيرة أن نفعل... أو بالأحرى أن نسجل ما أصبحنا نستخدمه في علاج مرضانا لكننا حتى الآن للأسف لم نفعل.... أو لم نكتب بشكل علمي إلا قليلا متناثرا.
كنت وما أزال متأثرا بقصة حديث ماء المرأة ومتأملا فيها ومستلهما منها مثلا وأنا أجعل لعق الأصابع بعد الأكل - أو تلعيقها- قبل غسلها أو قبل مسحها بالمنديل جزءًا من المرحلة الأولى من برنامج جدد علاقتك بأكلك وجسدك.... لأن أمر سيد الخلق صلى الله عليه وسلم واضح في الحديث الذي رواه جابر رضى الله وصححه مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه؛ فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم..... وهناك غير ذلك في هذه القضية مذكور في مقالي: مفهوم الأكل وآدابهُ في الإسلام
وبالمناسبة يا "فراولة الشرق" فإن موضوع مقذوف المرأة أو ماء المرأة Female Ejaculate أو منيّ المرأة Female Ejaculation ما يزال موضع اختلاف علميا وحتى الآن ما زال هناك من ينكرونه وهناك من يشكون في وجوده ومن يصرون على أنه موجود لكنهم مختلفون في مصدره أو تركيبه، وما يزال تكوينه الفيزيائي والكيميائي أمرا صعب الدراسة ومصدره التشريحي أيضًا موضع دراسة وبحث واختلاف.... ومما يزيد البحث في مني المرأة تعقيدا أن كميته وربما تركيبه يختلف ليس فقط بين أنثى وأنثى وإنما في الأنثى نفسها حسب الوقت المعين في الدورة الشهرية، وحسب حالتها المزاجية وغير ذلك مما أرى أن موقف الطبيب المسلم إزاءه يجب أن يكون مختلفا عن موقف غيره........ وفي النهاية أقول أن حديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عن ماء المرأة هو حديث معجز....... وكنهه العلمي مصدرا وتركيبا ووظيفة ما يزال كله غير مفهوم.
وأرى كذلك أن الحديث النبوي الشريف الذي يشير فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى دور ماء المرأة في تكوين الجنين (وأنا هنا أفهم ماء المرأة ليس على أنه البييضة الأنثوية مثلما هو الفهم الشائع وإنما أفهمه على أنه ماء المرأة المعني في هذا المقال) إذ يقول صلى الله عليه وسلم في جزء من حديث صحيح لأنس رضي الله عنه"..... وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ...." صدق صلى الله عليه وسلم –رواه البخاري ومسلم-، هذا الحديث يجب أن يفهم بصورة أشمل وأن يكون نقطة ارتكاز لأبحاث علماء مسلمين، وعلينا في نفس الوقت أن نحسن تقدير الأمور وأن نتحاشى قدر استطاعتنا عيوب تراث وممارسة الإعجاز العلمي في القرآن أو السنة النبوية المطهرة.
وفي النهاية أشكرك يا "فراولة الشرق" على هذه المشاركة الطيبة وأعتذر لتأخري في التعليق عليها فسامحيني.
واقرأ أيضًا:
الماء والنساء: إفرازات المهبل والمبال! / هل؟ وهل؟ عن الماء والنساء! / الماء والنساء : الجنس والزواج / ماء الرجل: المني والمذي والودي / ماء المرأة في الإرجاز : حقيقة أم مجاز ؟!
التعليق: أتفق مع سيادتك تماما يا دكتور وائل فمنذ سنين طويلة وأنا أندهش من مسألة الإعجاز العلمي في القراّن الكريم، وما أثارته من ضجة كبيرة وكيف أن الباحثين فى هذا المجال يسعدون كثيرا إذا ما تطابقت نتائج البحث العلمي مع آية أو أكثر وردت فى القراّن، بل يذهب بعضهم إلى تأويل الآيات لتتماشى مع نتائج البحث إلى الحد الذي جعل أحدهم يحاول التوفيق بين العدد الذري، والرقم الكتلي لذرة الحديد، وعدد آيات وكلمات وحروف سورة الحديد وكأنهم بهذا يعتمدون على نتائج البحث العلمي في إثبات صحة الدين كنت أندهش جدا كيف لا ينتبه أحدهم أو أنه يغفل عن عمد القضية المنطقية البسيطة التي تشير إلى أنه :- لا يمكن لنا قياس الثابت على المتغير وفققك الله يا دكتور وائل وسدد خطاك وأعانك على تحقيق حلمك، وجعله نورا لك فى قبرك إلا أنني أعاتبك على أن النشر حاليا ليس متاحا لي في موقعك )))