أحداث إمبابة مؤشر كبير على أن الأمور ربما تكون مقبلة على اشتعال في مصر ما لم تعالج النزاعات الطائفية على أسس سليمة.. حينما تصل الأمور إلى السلاح، وأساليب القنص، واعتلاء أسطح المباني لإطلاق النار على المارة، ليثبت كل طرف أنه الأقوى، فمن الضروري أن تلجأ الدولة إلى أساليب رادعة.
إن ما يجري من هذه الأحداث المتتابعة بات يمثل تهديدًا حقيقيًا لسمعة هذا البلد العريق، ونسيجه الوطني، ووحدة أبنائه، ما يستلزم وقفة صارمة من الجميع.
مصر أمامها الكثير والكثير من التحديات، وهي تحديات ثقيلة لا تخفى على أحد، وأيضا يحيط بها الكثير والكثير من الأخطار، وهي أخطار جسيمة، تؤثر حتما على حاضرها ومستقبلها وأمنها وموضعها بين الأمم، وهو ما يستوجب علينا ضرورة الشعور بهذه المسؤولية الكبيرة تجاهها.
ليس معقولا أن نتخلى عن كل قضايانا المصيرية ليتفرغ كل منا للآخر، ولم يعد مقبولا أن نستيقظ كل يوم على حادث طائفي جديد، تُزهق فيه الأرواح بين الجانبين، في ظل هذا الاحتقان والتجييش الحاصل بين الشركاء.
أغلى ما يملكه المصريون وحدتهم، فيها سر قوتهم وسر بقائهم، وإذ لم يعد سرًا تلك الرغبة لدى بعض الأطراف الخارجية في النيل منها فمن الضروري أن يعي أبناء هذا الوطن خطورة ما يراد لهم، ومن الضروري أيضا أن يكونوا حريصين على تفويت الفرصة على هؤلاء المتربصين، وأن يظهروا من أنفسهم اهتماما حقيقيا باستقرار وطنهم وسلامته.
لا يمكن لأحد أن يتصور أن تنتهي يوما ما أخبار الراغبين في دخول الإسلام أو حتى المرتدين عنه، وهو ما يستوجب إيجاد صيغ قانونية فاصلة وحلول قاطعة للتعامل مع هؤلاء بعيدا عن المسكنات، وجلسات الصلح، وتطييب الخواطر.
إذ لم يعد مقبولا اختطاف النساء أو اللجوء لقتلهن وذبح أبنائهن، ولا أن تتحول الكنائس والأديرة إلى معتقلات تدار بعيدًا عن سلطة الدولة، ولا أن يطبق القساوسة ما يرونه عادلا بأيديهم.
وإذا كنت أعتقد جازما أن اتهام السلفيين بكل ما يقع من حوادث هنا وهناك تسطيح متعمد للأمور، يُخل بالوقوف على حقيقة أسبابها، ويُشوش على محاولة فهمها، فمن الأهمية بمكان أن يتوقف هؤلاء عن كل ما قد يؤدي إلى مزيد من الشحن، ويستتبع ردود أفعال، وأن يكتفوا بالإجراءات القانونية تجاه ما يعتقدون أنه حق يطالبون به.
وحيث لا يمكنني تجاهل دور العابثين والغوغاء من الطرفين، أرى واجبًا على العقلاء أن يهبوا لنجدة هذا البلد بأن يأخذوا على أيديهم حتى لا تغرق السفينة بالمصريين..
مخطأ من يظن أن الأوضاع في مصر يمكن أن تتحمل مثل هذا الشرخ بين أبنائها، خاصة وهي التي لم تتعاف بعد من معركة الثورة وما استلزمته من تضحيات، ولها عدو متربص يترقبها على الحدود، وأكثر منه خطأ من يتصور أن المصريين يمكن أن يقبلوا مثل هذا العبث بأمن بلادهم، من أي جهة.