أرسلت "دانة سلمان" من الكويت، طالبة ماجستير، مسلمة مشاركة في الشراء الانفعالي والشراء القهري:
عزيزي أ.د. وائل أبو هندي المحترم،
لاحظت اهتمامك بموضوع الشراء الاندفاعي والشراء القهري كما أنني عثرت لك على العديد من المقالات التي تتحدث بهم عن هذين الموضوعين، فكنت أود منك أن تتكرم بإبداء الرأي ومساعدتي من خلال ترشيح أسماء كتب وعناوين دراسات باللغة العربية أو الإنجليزية (يفضل العربي) تشرح هذين الموضوعين وتفرق بينهما، فأنا طالبة أحضر لإعداد رسالة الماجستير في تخصص علم النفس ولدي اهتمام في موضوع الشراء الاندفاعي Impulsive Buying والشراء القهري Compulsive Buying، وإذا كان لديك أي اقتراحات بخصوص العوامل التي يمكنني ربطها بهذا الموضوع، وهل هناك أي مقاييس عربية كانت أو أجنبية قننت وطبقت على أي مجتمع من المجتمعات العربية؟؟
وسأكون شاكرة لك في حال الرد.
لك مني خالص التقدير والاحترام
دانة
15/10/2010
كما أرسلت بنت عُمان، طالبة 17 سنة، مسلمة تقول: شكر
السلام عليكم.
تحية طيبة من مجانين السلطنة إلى موقع مجانين..... في البداية أنا أشكر: أ.د وائل أبو هندي على مقالته ((((إدمان الشراء أو التسوق أم الشراء القهري؟)))) لأنني استفدت من مقالته في مشروع التخرج حقي الذي هو بعنوان
((إدمان التسوق)) وأطلب من كل العاملين على هذا الموقع أن يتحفوني بأفكارهم لكي أدرجها في مشروعي لأنني لم أسلمه بعد.
ِِشكراً جزيلاًِِ
15/10/2010
الابنة الفاضلة "دانة سلمان" والفاضلة "بنت عمان" أهلا وسهلا بكما على مجانين، يبدو يوم 15 أكتوبر 2010 يوم حظ لمقالنا عن إدمان الشراء أو الشراء القهري فأن تكتب لنا "دانة" من الكويت و"بنت عمان" من عمان في يوم واحد هو أمر لافت للنظر وجدير بالانتباه والاهتمام...... لكنني رغم ذلك -ولأعذار مللت من تكرارها وأسأل الله ألا يطول اضطراري لتكرارها- تأخرت في التعليق على هاتين المشاركتين رغم كونهما تفتحان موضوعا كنا عرضناه على مجانين سنة 2008 بحيث كنا أول موقع عربي تكتب فيه مقالات علمية عن هذا الموضوع الجدير بالاهتمام.
الفرق بين الشراء القهري Compulsive Buying والشراء الاندفاعي المرضي Morbid Impulsive Buying هو الفرق بين وجهين مختلفين لعملة واحدة أحدهما يشعر فيه المريض بكرب وضيق شديدين مصحوبين بالرغبة في شراء شيء معين ولا يريح المريض منهما إلا فعل الشراء بالضبط كما ينتج الفعل القهري عن الفكرة الوسواسية وربما نجد لدى الشخص أفكارا مثل أنه لابد من إكمال المجموعة أو الألوان المختلفة من سلعة ما، وبالتالي فإن الشراء هنا يعتبر وسيلة للتعامل مع الضيق والكرب وهذا هو الشراء القهري، وأما الشراء الاندفاعي فيعني أن المريض لا يستطيع مقاومة الرغبة في الشراء فيندفع دون حساب للفائدة والتكلفة وهذا الشكل من أشكال الشراء يسمى شراء اندفاعيا إلا أنه لا يأخذ الصبغة المرضية حتى يتكرر بشكل مزعج وضار، وهذا هو ما يحدث في كثير من الحالات حيث يتكرر هذا السلوك ليصل إلى الشراء الاندفاعي المرضي وهنا يندم الشخص بعد كل نوبة شراء على تهوره واندفاعه في الشراء ويشعر بالذنب، وكما ذكرت من قبل فإن من المفيد للفهم أن نتخيل متصلا معرفيا سلوكيا لنشاط الشراء الاندفاعي يتصف بالخلل في إدارة الذات Deficient Self-Regulation ، ويمتد المتصل من سلوك الشراء الاندفاعي الطبيعي في جهة إلى سلوك الشراء الاندفاعي المرضي (الإدماني القهري) في الجهة الأخرى من المتصل، وما يحدث في بعض الأشخاص هو أنهم ينتقلون على هذا المتصل من الشراء الاندفاعي الطبيعي في البداية إلى الشراء الاندفاعي المتكرر Repetitive Impulsive Buying وصولا إلى والشراء الاندفاعي المرضي Morbid Impulsive Buying أو الشراء القهري Compulsive Buying ، ويحدث في بعض الأشخاص أن تتحول أعراض الشخص من نوبات شراء اندفاعي Impulsive Buying Binges حادة إلى سلوك شراء قهري مزمن ومستمر Chronic Compulsive Buying .
فعندما يندفع الشخص مرةً أو مراتٍ في شراء شيء أو أشياء تحت تأثير أنه منتج جديد أو متطور أو تحت تأثير خواص حسية معينة في المنتج وفي بيئة المتجر بشكله الحديث -حيث كل شيء يشجع على الشراء، بما في ذلك عروض التخفيضات والخصومات والجوائز-، عندما يحدث ذلك ويرتبط بنتائج إيجابية أو مكاسب للشخص سواءً فيما يتعلق بالمنتج الذي يلبي احتياجاته أو يجلب له تعبيرات الاستحسان من الأشخاص ذوي الدلالة للشخص أو يرتبط بتحسن حالته النفسية أو حتى إشعاره بالنشوة في بعض الأحيان، فإن الشخص بالتالي يكرر عملية الشراء ليحصل على تلك النتائج الإيجابية، وبالتدريج فإن ما يمكن أن يحدث لكثيرين هو أن المحفزات الإيجابية المتعلقة بالشراء تلهي الشخص أثناء الشراء عن الانتباه لعواقبه السلبية، وبالتدريج أيضًا يتحول الحافزُ من الرغبةِ في شِراء منتَج معيّن إلى الرَغْبة في عمليةِ الشراء نفسها، وهذا ما نستطيع ملاحظته في أطفالنا لا بل ومراهقينا وربما بعض الراشدين وأشرحها ببساطة لكل أب أو كل أم ألم تلاحظا أنه كثيرا عندما يطلب منك ابنك الصغير أو ابنتك نقودا فتسأل لماذا؟ يكون الرد: (لأشتري!) هكذا مفتوحة دون تحديد للشيء المراد فإن خطأ إدراكيا ومعرفيا كبيرا قد حدث نتيجته هي أن ابنك أو ابنتك يشتري ليشتري وليس فقط لأنه يحتاج منفعة ما مما يشتريه.
يبدو يا "دانة" أنك لم تعثري إلا على أول مقال في سلسلة مقالاتنا عن الشراء القهري أو إدمان الشراء فقد فصلنا كل ما تسألين عنه تقريبا هنا على مجانين منذ النصف الأول من العام 2008 باللغة العربية فبينا كيف أن الشراء القهري أو إدمان الشراء يعتبر واحدا من أشكال الإدمان السلوكي Behavioral Addictions التي بدأت تتبلور المفاهيم بشأنها في العقدين الأخيرين وذكرنا تعريف ومعايير تشخيص اضطراب الشراء القهري، ووصفنا معدلات انتشار الشراء القهري ومن هم المرضى به؟ وكل ذلك في الجزء الأول من مقالة:
إدمان الشراء مرض أم عرض أم رد فعل؟؟1
كذلك فصلنا الصورة المرضية لاضطراب الشراء القهري Compulsive Buying Disorder عارضين أعراضه وعلاماتِه، وشرحنا ما نستطيع تسميته بدورة الشراء القهريِ Compulsive Buying Cycle بمراحلها الأربعة في الجزء الثاني من نفس المقالة:
إدمان الشراء مرض أم عرض أم رد فعل؟؟2
ثم فصلنا في شرح التواكب المرضي بين اضطراب الشراء القهري Compulsive Buying Disorder وبين أيٍّ من الاضطرابات النفسية Psychiatric Comorbidity وأشرنا إلى أن كون كل حالات الشراء القهري تكون مواكبة لاضطراب نفسي واحد آخر على الأقل حتى أنه يجوز التساؤل هل هناك حالات إدمان شراء أو شراء قهري صافية؟ أي في أشخاص ليست لديهم أي اضطرابات نفسية أخرى مواكبة؟ أم أن الشراء القهري دائما يوجد في مناخ نفسي معتل؟....... وتجدين يا "دانة" تفصيلا أكثر لذلك في الجزء الثالث من نفس المقالة:
إدمان الشراء مرض أم عرض أم رد فعل؟؟3
ثم شرحنا أساليب وطرق العلاج والمواجهة في الممارسة الطبنفسية الغربية ووضعنا ما يمثل حجر أساس لبرنامج علاجي وقائي لمشكلة الشراء المنفلت أو إدمان الشراء بحيث يصلح في مجتمعاتنا في مقالين متتاليين هما:
الشراء القهري هل من علاج؟!
الشراء القهري هل من علاج يناسبنا؟
تسألين هل هناك مقاييس عربية وأقول لك للأسف لم أسمع بذلك... قد تكون هناك ترجمات لبعض المقاييس الغربية ولعل بعضها قُنن في المجتمع العربي ولكن التواصل العلمي الأكاديمي مقطوع بين الجامعات العربية وبين مراكز البحث العربية (إن كانت هناك مراكز بحث حقيقية) مثلما هو -فيما عدا التواصل لمكافحة الإرهاب- مقطوع بين الحكومات العربية.
أنصحك يا "دانة": أنصح "بنت عمان" وغيركما من الباحثين العرب والباحثات بالحرص على التواصل مع بعضكم البعض ولعل الإنترنت جعلت الأمر أسهل كثيرا ولاسيما أن مراسلات شبكة للعلوم النفسية العربية -التي يديرها الأخ الدكتور جمال تركي من تونس- قد جعلت مسألة التواصل هذه سهلة فيمكنك بعد الاشتراك أن تتلقي سيلا متواصلا من الأخبار العلمية والاجتماعية فيما يخص العاملين العرب في مجال العلوم النفسية بما في ذلك إمكانية التواصل بين المهتمين بأمر بحثي ما.... وفي النهاية أقول لك يا "بنت عمان" شكرا لك وتحية مباركة منا لكل "مجانين السلطنة" واعذريني تأخرت كثيرا وأنت سلمت موضوعك بالتوفيق يا ابنتي... وأهلا بكم جميعا على مجانين.
اقرأ أيضًا:
هل تشجع التجارة الإليكترونية الشراء القهري؟ / إدمان الإنترنت .. داءٌ له دواء / إدمان الجنس / إدمان الأكل مشاركة