أخي المعالج النفسي... تذكّـر أخذ أجرك كاملاً غير منقوص!!!
بدايةً ما من شكٍ أن الكثير ممن يعمل في علاج الأمراض النفسية قد قرأ أو سمع عن الموضوع الذي أود أن أستعرضه الآن، ولكنه مجرد تذكيرٍ لكم ولنفسي، لابد أن ينفع المقتنعين فيه والمؤمنين به.
أخي المعالج النفسي:
حيّاكم الله أولاً وهنيئاً لك هذا العمل الراقي.... أما بعد؛
قد ينسينا روتين العمل اليومي سمو ورفعة العمل مع النفس. فإن أصابتنا "آفة التعود" فقد أضعنا لذة تمثل جمال ورقي هذا العمل مع ما فيه من الصعوبة والتحديات.
إن الهدف من هذا الموضوع هو ترقية عملنا وتنقيته وتحصيل الأجر الكامل، والأجر الكامل المقصود هو الأجر المادي المعروف والأجر المعنوي المنسي، فعدم استشعار القيمة المعنوية العالية من معالجة الأمراض النفسية يعتبر خسارة وغبن لكل من يعمل في علاج الأمراض النفسية.
العمل النفسي ماذا يعني؟
- يعني أن تكون مادة عملك هي "النفس البشرية"، تلك التحفة المتقنة المعقدة
وفيها ومنها تكون حرفتك
- يعني أنك تشارك الأنبياء والرسل والمصلحين في نفس العمل وذات الحرفة!!
فهدفك مشترك مع تلك الفئات الأرقى، ألا وهو صحة هذه النفس من خلال تصحيح ما فيها من فكرٍ أو شعورٍ أو سلوكٍ، لتحيى حياةً طيبةً في الدنيا والآخرة.
- يعني أن تكتشف النفس أولاً سائحاً في طبيعتها المعقدة الساحرة الخطرة، ثم تستعمل فنّك لتؤثر فيها وتصقل بنائها، مهذباً أفكارها بقوة وإيجابية فكرك، مروّضاً هياج مشاعرها بطمأنينة وسمو مشاعرك، معالجاً بالنتيجة أسباب شقائها وسقمها.
أخي المعالج النفسي تذكر أنك لست مجرد بيّاعٍ لأفكار إيجابية أو واعظٌ على منبر أو مدرّباً لرياضات نفسية...
إنك تعالج أصعب وآلم الأمراض التي تصيب الإنسان، فلا يوجد ألم يدفع الإنسان إلى تفضيل الموت على الحياة مثل الألم النفسي
كفى بك داءا أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكنَّ أمانيا
والأجر المعنوي من العمل في علاج النفس هو أن تتذكّـر...
1- تذكّــر أنك تفرّج الهموم وتنفّس الكروب
ومن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً مِنْ كرب الدُّنيا، نفَّس اللَّه عنه كربةً مِنْ كرب يوم القيامة... واللَّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
2- تذكّــر أنك ممن يُعلّم الناس الخير
فإن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلّون على معلم الناس الخير.
3- تذكّــر فضل إدخال السعادة على قلب مسلم وقلب كل الناس
فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم. ومن أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله ثواباً دون الجنة.
4- تذكّــر أن تأليف القلوب والإصلاح بين الأزواج، أو بين الأولاد وأبويهم
هي أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة
5- تذكّــر أن إحياء نفسٍ واحدة كانت تحت نير القلق والهمّ والكآبة كإحياء كل البشرية.
6- تذكّــر أن هداية نفسٍ واحدةٍ لجادة الصحة النفسية خيرٌ لك من أعظم وأنفس ما يملكه بشر من النعم والأملاك.
7- تذكّــر أن هناك أخاً أنقذته من دوامة همٍّ وكرب ببضع كلماتٍ همستها في أذنه – قد تكون نسيت متى قلتها وكيف قلتها وهل قلتها – أخذ بها فتغيرت حياته، كم وكم سيذكرك في كل موقف يرجو لك الخير فيه، أو سيدعو لك في كل وقت يعلم أنه وقتٌ لإجابة الدعوة...
وفي الختام؛
أخي المعالج النفسي هنيئاً لنفسك وروحك هذا الأجر إن وضعته في حسبانك...
واقرأ أيضًا:
وصمة المرض النفسي : ليست من عندنا! / المسلسلات النفسية ووصمة المرض النفسي / اعتذار إلى أساتذتي المرضى الطيبين / الطب النفسي الكيميائي
التعليق: هذه الكلمات تنم عن إنسان مرهف ومخلص ويبتغي وجه الله ومستعد يدفع من جيبه لبعض المحتاجين من المرضى.
أحيي رغبتك السامية ودفاعك عن المهنة الشريفة والتي هي أصعب المهن على الأقل في نظري.
الكاتب معالج نفسي حاصل على ماجستير صحّة نفسية وقد عملت لأكثر من ثلاثين عاماً في مجال التمريض العام والتمريض النفسي والتدريس والتدريب.