السلام عليكم دكتورنا الفاضل؛
بعد أن قرأت مدونتكم: (التي تسُرُّه إذا نظر! مَن وبمَ؟)، طافت بي أفكار كثيرة، رأيت من خلالها ـ رغم ضعف بصيرتي ـ أنه لا يمكن تصحيح المعارف المتعلقة بالزواج وحدها، دون تصحيح المعارف كافة، كالمعارف المتعلقة بالمأكل والمشرب والملبس، وجميع نواحي الحياة على اختلافها.
فإذا ما أعدنا تأهيل الشاب والشابة ـ على حد سواء ـ في الأمور التي تسبق دخولهما في مدرسة الارتباط، فإننا سنجد أن المعارف المتعلقة بالجنس التي تنشدونها وينشدها كل ذي عقل تمشي في مسارها الصحيح.
تمشي في مسارها الصحيح؟!
أجل، لكنها لن تكون على أتم حال، وسوف تمشي وتتعثر، وتحتاج إلى من يمسك بيدها، لكن الذي سيقوم بالإمساك بيدها سيجد أثر إمساكه هذا بإذن الله.
كيف لشاب ـ أو شابة ـ لا يفهمان في كل أمور الحياة إلا الملذات الحسية، أن ينضبطا بما تفضلتم به من معان سامية وذوق عالٍ، وحس نفسي راقٍ، وهما يعلمان ـ كما أن جميعنا يعلم ـ أن أعلى درجات اللذة ـ التي لا يفهمان سواها ـ ترتبط بالجنس؟!!
ولنعد إلى الوراء قليلًا لنرى أنه كيف لفتًى أو فتاة، أن يفهما في شبابهما الذوقيات النفسية الرائعة التي تجمّل حياتنا، وقد كانا فريسة الإعلام الذي يركّز في كل تفاصيله الدقيقة على الأمور الحسية حصرًا، ويتقصد تهميش المعاني النفسية والروحية، حتى طال الأمور الدينية نفسها، فأصبح أحدهم يتساءل: ما فائدة الذهاب للمسجد النبوي، والثواب فيه أقل من المسجد الحرام؟ غافلًا عن معنى الحب والوفاء في زيارته تلك!!
كيف لنفس غضة طرية، تحمل بيدٍ براءة الطفولة، وبيدها الأخرى تحمل صفحات فارغة تبحث عن من يملأ سطورها، فلا تجد إلا من يعبث بقلمه الأثيم عليها، تراه يمسك قلمه بخبث، يرسم به خطوطًا شوهاء في تلك الصفحة النظيفة، يذهب به ويجيء، مرة يكتب طولًا ومرة أخرى يكتب عرضًا، ويبقى يميل ويميل في إطار تلك الصفحة، حتى يملأها بأسوأ ما يمكن أن تُملأ به؟!!
أنعتب على هذه النماذج، وقد نسينا قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه))؟
أيظن أحدنا عندما يسمع هذا الحديث، أن الأمر مرتبط بتعليم دين العبادات والعقائد فحسب؟
ألا يعلم الواحد منا أن تقويم السلوك والأفعال والأفكار، هو من صميم ما ينطق به هذا الحديث وأشباهه؟
على كل لا عتب، فقد أصبح الآباء والأمهات يهملان كلا الجانبين (الديني والمعرفي) على حد سواء، ربما توخيًا للعدل وتركًا للظلم والإجحاف!!
نداء إلى كل زوار هذا الموقع: هذه الذوقيات التي حدثكم عنها الدكتور وائل، والتي ترتبط بالنفس الإنسانية، وبالروح أيضًا، مرتبطة بكل تفاصيل حياتكم، لا بالحياة الزوجية وحسب، وهي أسمى ما يحصل عليه الإنسان في هذه الحياة، والذي يوفق إليها قد حظي بأجمل ما في هذه الحياة، وكلما توجهتم بإرادتكم نحوها، كلما اقتربتم من السعادة الحقيقية التي تتمنوها، وكلما ابتعدتم عنها ابتعدتم من السعادة!
فكما أن جسدكم يُنتن عندما تفارقه أرواحكم، فإن حياتكم ستُنتن عندما تنسون المعنى وتلجؤون دومًا إلى الحس.
هيا معًا لحياة متوازنة، نرعى فيها الروح والجسد، نفهم فيها اللذات المعنوية كفهمنا للذات المادية، ونَثبُت على هذا، لننقله إلى أطفالنا بصورة جلية متألقة.
واقرأ أيضًا:
فن اختيار شريك الحياة (1-5)