وأغلقت الصفحة الأخيرة في حياة العقيد معمر القذافي، وفتحت صفحة جديدة في تاريخ ليبيا العظيمة التي ما عرفها العالم كله إلا بمعمر الذي بنى فيها وعمر، فبالرغم من جميع أخطاء هذا الإنسان أولا والعقيد ثانيا، إلا أنه يستحق كل التقدير والاحترام والترحم عليه، وعدم التنكيل بجسده "كما أوصانا ديننا الإسلامي" حيث أن إكرام الميت دفنه، وليس جره وإهانته وضربه وهو ميت.
أيها الشعب الليبي الحر… والحرية هنا ليست من أجل ثورتكم المجيدة، بل لأنكم أصحاب كفاح منذ قديم الزمان وأصحاب نخوة وكرامة، أحفاد المختار رواد الكفاح المسلح، احذروا من ما هو قادم فالآتي ليس بسهل كما ترون والقذافي ليس هو مشكلتكم كما تظنون، فما يحدث حولكم ليس سوى مسرحية هزلية من بطولة حلف الناتو وتمثيلكم، وإخراج الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل أن يحتلوكم ويسوقوكم كالبعير ما بقي من عمركم، بحجة أنهم قد خلصوكم من الطاغية، فوالله الذي لا إله إلا هو سوف تحسدون أنفسكم على أيام معمر وتندبون حظكم على ما أنتم فيه من بعده.
إن ما جرى في ثورتكم ليس كما في أي ثورة أخرى، والتدخل السافر في شؤونكم مرتب له مسبقاً بهدف السيطرة على مواردكم وحياتكم ونفطكم وأرضكم وحتى عقولكم، ولو اطلعتم على مسلسل الأحداث لوجدتم ما أعنيه، ولسوف تبهرون من حجم الكذبة الكبيرة التي أنتم فيها وقد وضعتم في موقف لا تحمد عقباه، والأدلة كثيرة على ما أقول.
ولو دققتم بالأحداث جيداً لوجدتم أن حلف "الناتو" كان باستطاعته أن يقتل معمر القذافي من أول طلعة جوية نفذها وقد أتيحت له الفرصة مراراً وتكراراً فلماذا لم يبادر ويخلصكم من ما أنتم فيه من عذاب، ولكن هذا الحلف البغيض قد قصد أن يغرقكم في القتال ويشتتكم وينهك قدراتكم من جهة، ومن جهة أخرى لكي تبقوا متعلقين به محتاجين له لا تستغنون عنه، فبذلك يعتبر هو المخلص لكم من جبروت معمر القذافي، وفعلاً هذا ما حصل على الأرض، ولكن ما هو قادم أعظم بكثير.
إن هذا الخطة "الجهنمية" التي اتبعتها القوى العظمى ليست بجديدة فهي طبقت في العديد من الدول وخصوصاً في عالمنا الثالث، حيث يفتعلون المشكلة ويزيدون من تأجيجها وسكب البنزين عليها بمساعيهم "الحثيثة" كما يدعون، لرأب الصدع وبعد فترة يجعلون العامة تأتي مترجية إياهم بتخليصهم من هذا الجحيم، فيأتي الفارس الغربي من بعيد وكأنه "المهدي المنتظر" لتحريرهم من الظلم ونشر الديمقراطية الكاذبة، وفرض السيطرة الكاملة على هذه الشعوب "الغلبانة" لتأتي وزيرة الخارجية الأمريكية فيصفقوا لها وينحنوا لها إجلالاً وإكباراً من أجل هذا النصر الذي حققته هي وحلفائها، كما حدث في العراق والسودان وأخيراً وليس آخراً في ليبيا.