قد تتفق معي أو تعارضني بشدة عندما تقرأ هذه الكلمات الأولى، أو تنعتني بالخارجة عن العقيدة والدين، والمعترضة على أشكال التدين وطقوسه ومراسمه، لكني وبكل بساطة لا أعارض النقاب فلي من الأقارب الكثير ومن الصديقات أيضا ترتديه، ولا أعارض اللحية التي يتتوج بها الكثير من عائلتي وأصدقاء العائلة أيضا، كل ما في الأمر هي سياسة اللحية في حد ذاتها والنقاب أيضا وأجدها في البعض المسيس والمنظم لا في كل أصحاب اللحية والنقاب وإنما هي سياسة، قد تراها وتتفق معي وقد لا تراها أصلا ولك كل الحق طبعا في ذلك، إنها حائط المنع من النقد والكلام، وهو ستار يحتجب به صاحبه وكل من أحاط نفسه بهذا الستار فله السمع والطاعة بلا مناقشة أو تخاطب أو حتى تصحيح، فلا يصح لك أن تتحدث في حقه ما دام من أصحاب هذا المذهب وهذا بالطبع داخل دائرته المماثلة، كان هناك مقطع فيديو مضحك على الفيس بوك، ودخل الجميع يضحك أو يعلق ساخرا على هذا المقطع الذي هو عن حق مقطع ساخر، لكن كان الصمت حادثا مع كلمات إحداهن وهي تنوه على جميع من علق أنه لا يجوز الضحك على هذا المقطع حيث أن به أشخاصا ملتحين، لهذا فقط، ليس لأن به أشخاصا كبارا، ليس لأن ما به قد يكون ساخرا لنا وجاد لغيرا، ليس لأن ما به خاص بأصحابه وليس لنا التهكم عليه بكلمة، وأن السخرية ليست من ديننا، لكن السبب اللحية وفقط التي تتوج معظم ما كان فيه، وكأن اللحية تخص أصحاب مذهب ديننا فقط، ولو نظرنا في ديانات الدنيا لوجدناها في معظمها، وكأنها الحصانة التي تحصن صاحبها من أي نقد.
في إحدى المرات وأنا أقلب في قنوات التلفزيون، استوقفتني أمي قائلة كفى وابقي على هذا.... ومن هذا؟ قالت دا شكله راجل بتاع ربنا اتركيه نسمع منه ما من الله عليه فقال.... توقفني الذهول قليلا أنسمع لأي شخص بمجرد اللحية.... أمي إنها قناة شيعية.... وكثيرات مثل أمي
استوقفني مشهد أخر لإحدى السيدات وهي تشرح للأخرى ما قاله هذا الرجل المبروك الذي لا يقول غير الحق وهو يتحدث عن هذا وذاك وكل كلامه مطاع ومن هو هذا الشخص هل أنتٍ واثقة منه فأجابت وبلا أي تردد أنه (رجل بتاع ربنا ودقنه مغطياه وطلعته بهية) بهذا نقول السمع والطاعة لمجرد أن له ذقنا ولا أعلم ما المقصود ببتاع ربنا هذه المهم هذا ما قالته، جاءت لي أمي سعيدة بسماعها درس لشيخ فلان على القناة الفلانية التي تعشق ما بها وهي تروي لي ما قاله هذا الشيخ العلامة وتقول لي كان يتحدث عن أحد الصحابة الكبار ثم أكملت أنه قال أنه كان ضعيف البنيان قليل الحجم، لدرجة أن إزاره كان يسقط منه، قلت لها وهل يحق لشيخ العلامة المبجل إهانة الصحابة بوصف، وإن كان قد حدث بالفعل وروى رواية لا تمثل شيء في تاريخه العظيم سوى أنها تعدي على هذا الصحابي الجليل باللفظ، وهل لنا أن نهين صحابتنا وسادتنا بمجرد اللحية والثياب السعودية المظهر والمضمون.....
توقفت أمام هذا الكم الهائل من القنوات التي تذيع ما هو حسن وما هو سيء، وما هو ديني وما هو شبيه لتدين وما هو مخالف له، وتوقفت أمام قنوات تستخدم القرآن خلفية لها، وتذيع هي إعلانات عن بيع المياه المباركة، برقوة الشيخ فلان الفلاني، وزيت الزيتون الذي تم استخلاصه بواسطة الشيخ كذا، وقنوات الأحلام وتفسيرها والخطوط الساخنة على مدار الساعة، وهذا الكم من الشيوخ وأصحاب المحاضرات والأصوات الرنانة التي يثق فيها الجميع بمجرد اللحية وفقط، وهذا الكم من المشاهدين والمشاهدات التي يتغيب عقولهم أثناء هذه الدروس تماما، مصدقين لما يقول مهما أن قال، مغيبين للعقل والقلب ومعطلين عملهم، بمجرد رؤية اللحية والنقاب.
لست ضد اللحية في شيء، ولا ضد النقاب، ولا لأي مظهر ديني يخص شريعتي وديني، ولا أي دين آخر، وإنما أنا ضد الاحتماء بساتر الدين والتستر خلفه، وضد استخدام الدين كسلعة، تباع بها وتشترى البضائع والأوهام، وضد وقف العقل والإنسانية، وراء سماع كلمات رنانة من وراء نقاب أو لحية. إنه العقل ميزان الإنسان، وإنه الإنسان غير الكامل، المخطئ وهو ليس بملاك ولا هو الكامل المكمل الذي تقف عنده الكلمات ولا تتعداه الأفواه ولا تتخطاه الخطوات.... إننا البشر يا سادة.
واقرأ أيضاً:
على باب الله: النقاب/ يوميات مجنونة صايمة: النقاب/ كشف النقاب عن معركة النقاب... صراع النوايا/ اعترافاتي الشخصية: عندما لبست النقاب/ عندما نتخلص من النقاب
التعليق: أنت على حق فيما قلته ولكن أنت قلت نحن بشر وهؤلاء الشيوخ يخطئون لأنهم بشر والدين براء منهم ولكنني أعترض بشدة عل الربط الدائم بين النقاب واللحية والدين لأن هؤلاء الشيوخ أنفسهم يقولون حاسبونا ولكن لا دخل للدين بما يفعلون الفارق بينهم وبينك أنك قد ترين أن الجوهر أهم وهم يرون أن المظهر يدعم الجوهر وكلا الفريقين بشر مسلمون موحدون ومخطئون والأفضل بيننا هم التوابون