لا شك أن كلمة الحب هي من أكثر الكلمات استعمالاً وسماعاً طوال العمر. يتحدث الفرد عن حبه لله والوطن وللطبيعة وغير ذلك، ولكن الحديث في الحب وجنونه ينحصر دوماً في حب رجل لامرأة وحب امرأة لرجل في أغلب الحالات. الحب شعور قلما يفارق الإنسان، ولكن هذا الشعور تراه يحفظ في مكان ما ويمر بفترة سُبَات مع مشاكل العصر والحياة. ولكن الحب قد يستيقظ من نومه فجأة تماما كصحوة من نوم وكابوس ويتنفس المرء الصعداء بأن هذا الشعور لا يزال على قيد الحياة.
لكي نفهم الحب علينا أن ندرك بأن الحب يتكون من جزأين:
١- الشعور وهو دوماً شعور إيجابي خالٍ من الغضب والعنف والاكتئاب والقلق المفرط.
٢- فكرة ترتبط بإنسان آخر لها تفاصيل ترسم صورة ملونة تتكلم وتتبسم وتبكي وتضحك.
إن الربط بين الشعور والفكرة وجمعهما معاً أشبه بمعادلة رياضية نتيجتها الحب. لذلك من الضروري محاولة فهم فسيولوجية الحب بصورة علمية.
موقع الحب في الإنسان
إذا استمعت إلى أي أغنية وفي أي لغة في العالم ترى الإنسان يستعمل كلمة القلب وكأنها بيت لمشاعر الحب. الجميع على علم بأن استعمال كلمة القلب هو استعمال مجازي له تاريخه ولا صلة له من قريب أو بعيد بمشاعر الحب. هناك مكان أو بيت واحد لمشاعر الحب وهو عقل الإنسان.
لتبسيط الأمور علمياً يتكون عقل الإنسان من 3 مناطق أو ابنية. هناك بناء تحتي ويغطيه بناء وسط ويغطي كليهما بناء ثالث أكثر حداثةً.
البناء الأول يطلق عليه المنطقة الوسطية وهي منطقة دماغية تتواجد في الزواحف كذلك وتعنى بجميع الوظائف الفسيولوجية للإنسان من أكل، شرب، تنفس، فعالية القلب والدورة الدموية، وحركة الأمعاء. بدون هذه المنطقة لا يمكن لإنسان أن يكون على قيد الحياة. في هذه المنطقة يوجد المركز الأعلى الذي ينسق إفراز جميع الهورمونات في الجسم ومنها الهورمونات الجنسية Sex Hormones .
أما البناء الثاني فيشارك الإنسان به الطيور وهو ما يدعى بالجهاز الحوفي Limbic System وهنا تكمن العواطف والمشاعر وتراه فعالاً بعد أقل من أربعة أسابيع من عمر الطفل عندما يطلق هذا المولود الحي تلك الابتسامة التي طال انتظارها صوب أمه. عبر هذا الجهاز الرائع من الدماغ تتم عملية تصنيع الذكريات وخزنها في ذلك المستودع الذي تفوق سعته أي جهاز كمبيوتر وهو ما يسمى بالحصين أو قرن آمون Hippocampus . الحصين اليسار أو اليمين يعمل كقرص صلب والآخر كقرص احتياطي. كذلك تمر أعصاب الشم والروائح عبر هذه المنطقة من الدماغ.، وربما يفسر ذلك ارتباط العطور بالحب وولع الناس بها.
أما البناء الثالث فهو بناء يختص به البشر دون بقية الكائنات الحية، وجميع إنجازات البشر الأدبية والعلمية والحضارية موقعها هذا البناء من الدماغ. في مقدمة هذا البناء يوجد الفص الجبهي Frontal Lobe حيث يتم تشكيل الأفكار وتقييمها ومراجعتها.
على ضوء ذلك:
٠ فكرة الحب هي في البناء العلوي.
٠ مشاعر الحب في البناء الأوسط.
٠ أما اندفاع الحب فهو في البناء السفلي.
طريق الحب
هناك من يقول الحب من أول نظرة وهذا صحيح. صورة جميلة يتم تصنيعها بسرعة البرق عبر الجهاز الحوفي. يتم ربط الصورة عبر ذكريات تم خزنها في الحصين وتتولد العواطف. يتم إرسال العواطف إلى البناء السفلي ويتم إفراز الهورمونات الجنسية وغير الجنسية. كذلك يتم إرسال العواطف إلى البناء الأعلى ويبدأ الفرد بالتخطيط للقاء حبيبته والتقرب منها.
هناك من يقول الحب عملية ارتباط فكري بين اثنين وهذا صحيح أيضاً. الارتباط بين المناطق الثلاثة في هذا المجال يبدأ من البناء الأعلى أولاً حيث يبدأ الإنسان بالتفكير بأن هذه المرأة هي الشريكة الأفضل لحياته بعد أن تم تقييم الأمور فكرياً وعلمياً في الفص الجبهي للدماغ. بعدها يرسل الإشارة إلى الجهاز الحوفي ويبدأ الربط بين ذكريات تم خزنها في الحصين، ويتم الإرسال إلى البناء السفلي وتحفيز إفراز الهورمونات.
في الغرب إذا سألت رجلا أو امرأة عن الحب ترى البعض منهم يقول شعرت بأن الكيمياء لعبت دورها بيننا. إن استعمال تعبير الارتباط الكيميائي صحيح أيضاً. وفي هذا الاحتمال يكون مسير طريق الحب من البيت السفلي ثم الجهاز الحوفي وينتهي في البناء العلوي أو الفص الجبهي للدماغ.
في معظم الأحيان ترى أن الطرق الثلاثة تلعب دورها بنسب متفاوتة وينتهي الأمر باتخاذ القرار والتصريح بأن الفرد في حالة حب.
الحب العذري:
الحب العذري أسطورة ولا وجود له في واقع الحياة وهو غير قابل للإثبات علمياً. السبب الأول والأخير لوجود الحب العذري هو فشل طرف واحد أو كلا الطرفين في الاتصال واقعياً والتعايش سراً أو علانية. ترى الكثير من الشعر العربي القديم أو المعاصر يتطرق إلى هذا الحب وهو لا يعكس سوى حالة من الإحباط والرثاء، وضعف الطرفين في الوصول إلى الهدف. ويمكن تشبيه الذي يتحدث ويرثي نفسه بإطار الحب العذري بعَدَّاء غير متهيئ لخوض سباق عدْوِ مسافته طويلة فتراه لا يملك القابلية حتى إلى الوصول إلى الدورة الأخيرة من السباق وسماع الجرس الذي ينبهه بأنه على وشك أن ينهي المسافة. عليه أيضاً أن يتوقف عن العَدْو ويبدأ بالتمرين وتدريب النفس على خوض سباق جديد بدون أن يفكر في السباق السابق بل وأن يشطبه من سجل الذكريات.
ضرورة الحب:
الحب ضرورة لكل رجل وامرأة. ربما يقول البعض أن الحب ما هو إلا تعبير مهذب يتعلق بإشباع الرغبة الجنسية. وهذا التفسير المبسط لا يأخذ بنظر الاعتبار النموذج الفسيولوجي والتشريحي لتطور الحب عند الإنسان، ويترك أهم جانب من جوانب الحياة العاطفية للإنسان وهو ذلك الوعاء الذي يحتويه ويحميه من مشاكل الدنيا وهمومها. هذا الوعاء يتمثل في المرأة بالنسبة للرجل ويتمثل في الرجل بالنسبة للمرأة. دون هذا الوعاء أو حال اختفائه فجأة يضيع الإنسان في متاهات الدنيا باحثاً عن أوعية أخرى ربما يحالفه الحظ ويجد البديل وأحياناً تراه يفقد القابلية على تمييزها وهي نصب عينيه.
الحب عبر التاريخ:
الجميع على إلمام بقصص الحب عبر التاريخ، فقصة السيدة كليوبترا وعلاقتها بمارك أنطوني وقيصر تمت كتابتها عشرات المرات في أكثر من كتاب ومسرحية حتى أصبحت قريبة إلى الواقع في نظر الناس. بعدها استلمت هوليود القصة ولعبت دور كليوبترا الراحلة اليزابيث تايلور واختلط الأمر على الراحل أنور السادات فنادى السيدة تايلور بكليوباترا أيام زيارتها لمصر. بالطبع تسلمت أسطورة كليوباترا المسلسلات الرمضانية وقدمت صورة مضطربة لها قبل عامين أو أكثر.
بالطبع هناك الكثير من الصعوبة في دراسة هذه الأساطير بصورة علمية ونفسية وتحليلية لكثرة ما أضيف للراوية أو حُذِفَ منها وهذه مشكلة التاريخ. رجل التاريخ يملك ما لا يملك غيره من الناس، فهو في قدرته تغيير مجرى الأحداث بحركات قلم حتى يبدأ الناس بتصديقها.
سورة يوسف عليه السلام وموقفه مع امرأة العزيز صوَّرها القرآن الكريم ببضع كلمات تعكس ذلك التنقل السريع بين مواقع الحب الثلاثة بين رجل وامرأة ومحاولة الإنسان السيطرة على زمام الأمور، والجميع على إلمام بموقف الحب هذا ولا داعي للخوض فيه. هذا الأمر في إشكال تقييم الحب يمكن ملاحظته في ما نقله الطبري وغيره من كتاب السيرة النبوية عند الحديث عن زواج الرسول الكريم (ص) بزينب بنت جحش.
ربما أي رجل أو امرأة في هذا العصر يُقَيِّمً الأمر بصورة مختلفة من كتاب السيرة. تزوج الرسول الكريم (ص) أم المؤمنين في السنة الخامسة للهجرة وهي أول من توفي من زوجاته بعد وفاته، وكان عمرها ثلاثة وخمسين عاماً وفي سنة عشرين للهجرة. أي بعبارة أخرى كان عمرها يوم زواجها من الرسول الكريم ثمانية وثلاثين عاماً. كان اسمها بره وسماها الرسول الكريم زينب وزوجها زيد بن حارثة ولم يطِقْها ثم طلقها وتزوجها الرسول. وكانت بلا منازع أجمل زوجات الرسول الكريم وأكثرهن نضجاً وحسب ما نقل فانه صلاة الله عليه كان يحبها لنضوجها وجمالها وشخصيتها.
حاول الكثير من المستشرقين وغير المستشرقين النيل من الرسول الكريم في هذا الأمر ولكن إن تمعنت فيه لوجدت أن محمدا (ص) في حبه لزينب التي تنتمي لبيت عبد المطلب، ربما وجد فيها ذلك الوعاء العاطفي الذي يبحث عنه أي إنسان في مراحل متعددة من حياته ولم يجده في غيرها من نسائه بعد رحيل رفيقة كفاحه خديجة (رض). نزلت فيها آية الحجاب لنساء النبي، وهي الزوجة الوحيدة التي تطرق القرآن الكريم لزواجها دون أية امرأة أخرى من زوجات الرسول الكريم. إن عظمة الرسول الكريم تكمن في أنه كان إنساناً يعيش كما يعيش القوم في مدينته وله بعد عاطفي في شخصيته والحزم في قراره والحكمة في قيادته.
عاشق على الأريكة:
عندما يصل عاشق مولعاً بالحب على أريكة العلاج النفسي ترى تعدد الأسباب في طريقة الوصول التي تكشف عن التشخيص المرضي للحالة. إن كان الحب هو الشكوى الوحيدة أو واحدة من شكاوي أخرى فعلى الأخصائي النفسي توخي الحذر بل وقل كل الحذر والسبب يعود لخطورة هذه الحالة على المستوى الاجتماعي. جريمة القتل المتعمد في الصحة النفسية يمكن حصولها بسببين:
٠ الغيرة.
٠ والحب.
متى ما سمع الأخصائي الإشارة إلى الحب والغيرة فإن عليه أن يتحقق من الأمر بكل دقة وتفصيل وأن لا يتردد في اتخاذ أي قرار بشأن حماية الضحية المرتقبة وأن يضرب عرض الحائط سرية المراجعة الطبية واستشارة الأمر مع زميل له من الأفضل أن يكون رئيسه الإداري أو زميل أكثر خبرة منه.
يتم توصيل الحب من إنسان إلى آخر كفكرة. والتحدي الذي يواجه المعالج النفسي هو الكشف عن إطار هذه الفكرة كالآتي:
٠ فكرة طبيعية: قد يتطرق الإنسان إلى مشاعره العاطفية الطبيعية السرية والعلنية فيكشفها للمعالج النفسي في أول جلسة وفي غالب الأحيان بعد توطيد الثقة لمن يستمع إليه. ترى الإنسان في يومنا هذا قلما يجد من يستمع إلى همومه بصدق واهتمام. إذا وجد الرجل أو المرأة من يستمع إليه لمدة ساعة واحدة أسبوعياً تراه قلما يكون بحاجة إلى مراجعة طبيب نفسي أو معالج نفسي طوال حياته. لكن هذا الإصغاء للغير أصبح نادراً في يومنا هذا واستعاضت عنه الناس بالاتصالات الإليكترونية.
إن استماع إنسان لآخر في خلوة بعيداً عن بقية البشر هو عملية اتصال خاصة، فحين يتكلم الإنسان تراه يعبر عن عواطفه بنبرة صوته وابتسامته وبكائه وحركات جسده. كل ذلك يتم وكأنه أداء فني على أعظم مسرح على الأرض وهو مسرح الحياة الخاص بالفرد. أما المواقع الإليكترونية فهي لا تفي بهذا الغرض مهما استعملت من أجهزة إليكترونية.
٠ فكرة وسواسية Obsessive Idea : قد تتحول فكرة الحب الطبيعية إلى وسواسية Love Obsession مع مرور الوقت ولأسباب نفسية في الإنسان أو بعبارة أدق شخصية الإنسان. من صفات الفكرة الوسواسية هو تكرار تفكير الإنسان بها وإدراكه لسخافتها. يحاول الإنسان مقاومة مثل هذه الفكرة ومن جراء ذلك ترى كثرة أعراض القلق. الأفكار الوسواسية شائعة ولكنها عارضة وقصيرة الأمد عند الكثيرين وتختفي مع تحسن الظروف الشخصية والنفسية والاجتماعية.
في نطاق الحب تراها شائعة عند المراهقين ومتوجهة نحو المشاهير في عالم الفن والرياضة والإعلام. الكثير منهم يستعمل طرق نفسية دون المقاومة متمثلة بمحاول إرضاء هذه الأفكار الو سواسية بكثرة الحديث عنها وتجميع الصور والمؤلفات الخاصة بالنجم أو النجمة الذي يحبها. إن عملية الرضاء هي عملية علاجية بحد ذاتها وترى الوسواس ينتهي مع الوقت. لذلك على الآباء والأمهات الصبر مع الأطفال في هذا الأمر وعدم توبيخهم.
٠ فكرة مبالغ فيها Overvalued Idea : قد يتكلم الرجل أحياناً عن حبيبته التي لا علاقة اجتماعية له بها بتعابير شعرية ورومانسية لا حدود لها. هذا الحب قلما يكون واقعياً وتراه شائعاً في مرحلة من الحياة ويختفي، وتراه أحياناً في القليل مزمناً يشغل مساحة واسعة من تفكير الإنسان وسلوكه. وعند الحديث عن سلوك هؤلاء فهو على الأكثر يكون بريئاً لا يتعرض لحبيبته من قريب أو بعيد، والسلوك خارج هذه الفكرة المبالغ بها طبيعيٌ للغاية. حبيبة الإنسان في هذا المجال إما أن تكون نجمة من النجوم أو حسناء في الحي أو مكان العمل ومشهورة بجمالها. معظم هؤلاء علتهم الخجل وفقدان المهارة الاجتماعية التي تؤهلهم لإقامة علاقة صحية عن طريق الحب، والكثير منهم تراه خاضعاً لسيطرة الأم المتسلطة، وإن كان محظوظا فسيخضع لرغبة الأم في اختيار زوجة له.
لكن الحذر واجب في مثل هذه الحالات ولا بد من دراسة شخصية الرجل أو المرأة الراقدة على الأريكة. إذا تبين وجود صفات معينة في الشخصية تشير إلى الحدية في البعد فالحذر واجب مثل ما هو الأمر في جنون الحب الوهمي، والسبب في ذلك يعود لولعهم أحياناً بمطاردة ضحيتهم Stalking .
٠ الفكرة الوهامية Delusional Idea : تتميز فكرة الحب الوهامية عن غيرها من الأفكار أعلاه بكونها فكرة شبقية مع غرامية وذات إطار رومانسي سطحي للغاية. كذلك تتميز هذه الفكرة بكونها تتعلق وتشير إلى ولع الضحية بالمريض الجالس على الأريكة بنفس مقدار ولع المريض بالضحية. ويصاحبها وهام آخر وهو بأن الناس والعالم أجمعه يمنعون اتصال الحبيبين. متى ما يسمع المعالج النفسي مثل هذا الكلام فهناك تشخيص واحد لا غير ألا وهو الهوس الشبقي Erotomania بعدها يبدأ المعالج بعمل ما يسمى بتقييم المخاطر Risk Assessment فلذلك سأبدأ أولاً بتقييم المخاطر فهذا الأمر أهم بكثير من تشخيص المرض العقلي بدقة وحتى العلاج.
تكمن خطورة هذه الحالة في ما يلي:
- مطاردة الضحية ومعاكستها.
- التخطيط للاعتداء على من يظن بأنهم يمنعون اتصاله بها مثل الزوج.
- التضحية بضحيته.
- ارتكاب عمل إجرامي لإرضاء ضحيته كما فعل السيد هنكي الذي أطلق الرصاص على رونالد ريغان لإرضاء جودي فوستر.
يجب على الأخصائي التحلي بالصبر واستدراج المريض بالبوح بكل مخططاته. بعد ذلك عليه الاجتماع بزملائه ومدير أعماله واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الضحية وإن استدعى ذلك الاتصال بها.
أسباب الهوس الشبقي:
إذا كانت فكرة الوهامية ذات الهوس الشبقي هي الوحيدة دون وجود أعراض أخرى فالتشخيص هو الاضطراب الوهامي Delusional Disorder. بالطبع حالة الهوس الشبقي تم وصفها من قبل طبيب فرنسي في عام 1921 يدعى De Clerambault وأطلق على الحالة حينها Psychose Passionelle ولا يزال هذا التعبير يستعمل لوصف الحالة إلى يومنا هذا. والحالة تبدأ أولا بصورة مفاجئة وتصبح مزمنة مع الوقت.
يتميز المريض بكونه منعزلا، في العقد الرابع من عمره ويعتمد على الغير في إدارة أموره، وخارج نطاق جنونه يبدو وكأنه إنسان في كامل الصحة والعافية. هنالك الكثير من الأطباء والعاملين في مجال الصحة الذين يتصدرون قائمة الضحايا. ومن الصعب تقدير تاريخ المرض على المدى البعيد لأن الكثير منهم لا يستمر بالعلاج ويهرب بعيداً عن مكان سكنه بعد وضع القيود المتعلقة بالحد من خطورة فعله. لا علاج لهذا المرض سوى العقاقير المضادة للذهان إن قبل المريض بها، وفي خبرتي فإن أكثر العقاقير نجاحاً هو الأميسلبرايد Amisulipride بجرعات بين 200 إلى 400 مغم يومياً.
أما الهوس الشبقي كعرض من عدة أعراض أخرى فتراه ليس بالنادر في أمراض الشيزوفرانيا واضطرابات المزاج و الاضطرابات العضوية. كذلك الأمر في تقييم الخطورة والعلاج فهو لا يختلف عن ما ورد أعلاه. بالطبع هؤلاء المرضى يستجيبون للعلاج أفضل من الأول لأنهم قلما يملكون القدرة للهروب من العلاج أو رفضه.
مطاردة النساء:
رغم أن هناك من النساء من يطارد الرجال ولكن الأكثر شيوعاً هو مطاردة الرجال للنساء. هذه الظاهرة الاجتماعية لها إطار ومحتوى قانوني في الغرب وأصبحت من إحدى واجبات الجهات القانونية. إن الكثير ممن يطاردون النساء لديهم ولع بمطاردة النساء لصفات عدوانية شخصية وقلما يملكون مشاعر حب تجاه ضحيتهم. الكثير منهم يفعل ذلك من أجل مضايقة الضحية وإلحاق الرعب فيها لا غير. ولكن هناك القليل ممن يخطط للاعتداء عليها جنسياً. على ضوء ذلك ليس هناك بديل من اتخاذ الاجراءات الرسمية بحقهم.
هناك البعض من الدراسات التي تربط بين الشخصية الحدية Borderline Personality والمطاردة Stalking والهوس الشبقي. وتفتقر هذه الدراسات إلى تقييمها لخصوصية الهوس الشبقي بصورة واضحة وكون عواطف الحب التي تصدر من اضطراب الشخصية الحدية هي جزء لا يتجزأ من ظاهرة الميل إلى وصف من حولهم أحياناً بصورة مثالية ولكن بصورة وقتية.
واقرأ أيضًا على مجانين:
خريطة الحب / الحب في الجامعة بينَ الحلم والواقع / نفسي عاطفي: حب Love / نفسي عاطفي: حب إليكتروني Electronic Love