أيا تُرى هل من الطبيعي أن يجتمع أُناس مختلفون في الشكل واللون والجنس وأيضاً في المستويات الاجتماعية والثقافية والعمرية للنداء على طوق النجاة؟
إذا نظرنا عن كثب لوجدنا أن الكل لا يحركهم دافع ومطلب واحد، والمتأمل في الأحداث الراهنة يجد أن الكل لا يتفق على دافع ومطلب واحد، العجيب في هذا أن الدوافع كثيرة ومتشعبة لدرجة أنها وصلت إلى حد لا يستطيع أحد بلوغه.
تعلمنا وقرءنا، منا من هو على علم ومنا من تصادفت أمامه حقيقة الدوافع، منها ما هو فطرى ولدى بني البشر وبداخلهم دوافع الحياة والموت "كأن تناضل من أجل الطعام أو الماء" ودوافع اكتسبها الإنسان من محاكاته للطبيعة والطريقة التي نشأ بها وقد أشار إلى ذلك عديد من علماء النفس، ومن هذه الدوافع المكتسبة "الفضول وحب الاستكشاف وأيضاً دافع الإنجاز والدافع إلى إدمان الكحول والمخدرات وكذلك دافع التمرد والحرية".
لا أريد أن أخرج عن محور الحديث ولا أريد أن أثبت نظرية أنا مقتنع بها ولكن نحن بصدد ظاهرة لا أحد ينكر وجودها، والسؤال الأهم: ما هو دافع الناس "الكل" للخروج إلى ميدان التحرير وأيضاً جميع الميادين المشابهة؟
أشك أن أحدا من أصحاب الفكر والسياسة والوعي الاجتماعي لديه إجابة شافية عافية لمثل هذا التساؤل ولكن هي مجموعة اجتهادات لا أكثر ولا أقل والسبب في هذا أن الناس أنفسهم ومن يقال عنهم "الثوار" ليس لديهم دافع حقيقي ولا حتى سقف معين للدوافع.
لو كنت ممن أصابهم شرف المشاركة في ميدان العظماء "التحرير" لأدركت أن هناك تيارات وأصحاب مطالب خاصة -فئوية- وهناك أيضاً دوافع مختلفة تصول وتتجول بين هؤلاء -الكل- وفى كثير من الأحيان رأيت ثم رأيت أن أُناسا لا يعرفون ماذا يريدون "دافع يحركه دافع آخر" مختلف عنه كل الاختلاف، لا عيب في ذلك ولكن العيب كل العيب أن الكل لا يعرف ماذا يريد.
نعيش الحياة بحلوها ومرها نعيشها في فرح وتارة أخرى في كبد، هنا يقع الأسوياء أو إذا صح التعبير "الأقرب إلى السواء" لأنه لا سواء مطلق فالسوية المطلقة خرافة (صلاح مخيمر)، ولو علم كل منا ما يريده حقاً وسعى إليه بكل ما أوتي من قوة وجرى وراء دافع حقيقي ظاهر بداخله خفي على الآخرين لوجد أن ما يفعله هو في صالحه وصالح غيره ولكن أن يعيش الواحد منا على مهبِّ الريح ووراء دافع ومطلب ليس له أي مبرر أو حتى مصطلح هو وحده من يعتقد في صحته لظلت حياته بل ظلت حياة الكل بلا معنى أو هدف وستظل حرب الأفكار والآراء المتضاربة بلا توقف أو فاصل.
فــــــ ونواصــل ــــــاصل
اقرأ أيضاً:
تمرد الصغار