في الثامن من آذار ـ يوم المرأة العالمي ـ وفي الحادي والعشرين من نفس الشهر ـ عيد الأمّ العالمي ـ تنهمر المقالات والتحليلات والقصائد والأدبيات، والخطابات الرنانة، تُكيل المديح للمرأة، وتُطالب بحقها في المساواة في المجالات كافة، لكن على أرض الواقع فإنهم جميعهم يكذبون، النسـاء والرجال يكذبون؛ فالمرأة ارتضت الدونيـة، والرجل يُمارس فوقيتـه عند الشـعوب جميعها، وإن كانت هناك مفارقات بين شعوب وأخرى لأكثر من سبب، فهل وضع المرأة في الدول "المتقدمة" يختلف عن وضعها في الدول النامية؟ وهل الانفلات في الحريات الشخصية حرية للمرأة أم عبودية لها؟ وهل الزائد في الشيء كالناقص فيه..!!؟؟
تصف الفنانة الأمريكية الشهيرة (أنجيلا ديفيز) المرأة الأمريكية بـ "أنها زنجي الرجل الأبيض في أنظمة الأبارتهايد"... ولو تساءلنا عن نسبة تمثيل النساء في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ونسبة اللواتي يتبوأنَ مناصب رفيعة في مختلف المجالات في أمريكا مثلاً كنموذجٍ للدول "المتطورة" لوجدناها لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في الدول النامية، وإذا ما اعتبرنا بأن انفلات الحريات الشخصية "تطوراً وحرية" للمرأة فإنه يتساوى في أفريقيا السوداء وأمريكا اللاتينية ودول جنوب شرق آسيا مع مثيلاته في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية. وإذا ما ادعى البعض بأن (مارغريت تاتشر) قد استلمت رئاسة الحكومة البريطانية، فإن (أنديرا غاندي) في الهند و(بنازير بوتو) في الباكستان قد شغلتا نفس المنصب في بلديهما.
ويُلاحظ أن نسـاء العالم يدفعن الرجل ليُمارس فوقيتـه عليهن؛ ففي الدول التي تُمارس فيها الانتخابات عبر صناديق الاقتراع يكون واضحاً أن النسـاء في غالبيتهن يُعطين أصواتهنَ للرجال دون النسـاء، سـواء كانت هذه الانتخابات لرئاسـة الدولـة أو للبرلمانات، أو للمجالـس المحليـة، والنقابات والأحزاب وغيرها.
وإذا ما خرجنا من العام إلى الخاص وتحدثنا عن المرأة العربيـة، فإن مجتمعاتنا كافـة تضطهدها بشـكل وآخر، ولا تُعطيها حقوقها التي أعطتها لها الديانـة الإسـلاميـة كونها ديانـة الغالبيـة العظمى من الشـعوب العربيـة، فلا يُعطونها حقها في التعليم بمختلف مراحله كما هو معطى للذكور، وغالبية شعوبنا تحرمها من حقها في الميراث مثلاً، ومن حقها في العمل، ومن حقها في اختيار زوجها، ومن حقها في العمل، ويتعاملون معها ك"عورة" و"حُرمة"، حتى أن هناك من يمنعها من حقها في قيادة السيارة مثلاً، وهناك من يعتبرها فتنة الحياة الدنيا وغوايتها، وهناك انفلات في "فتاوى" من يدعون أنهم "رجال دعوة"، مثل إحدى الفتاوى التي حرَّمت على المرأة كشف عينيها "لأن عيون الإناث فتنة للذكور"...!!! وهناك من أفتى بزواج القاصرات من عجائز مسنين، بل وهناك من طلع علينا بزواج "المؤانسة".. وهو زواج فتاة من رجل طاعن في السن عاجز، ولا تُشترط المعاشرة في هذا الزواج، وهذا نوع من عبودية الأثرياء للفقيرات مقابل حصولهن على الطعام، وغير ذلك من أمور لا يُقرها الدين الصحيح.
وهناك الطامة الكبرى فيما يُسمى بـ "جرائم الشرف"، حيث يرى الرجل العربي الشرف في بضعة سنتميترات بين فخذي المرأة، فتُراق دماء النساء على هذه الخلفية، وكثير من الضحايا يحصدنَ حياتهنَ على إشاعات كاذبة، ودون أن يرتكبنَ أية مخالفة، أما الرجال في نفس القضية فلا عقاب عليهم، وإن وُجد فهو لا يتعدى بضعة شهور في السجن، أما قضايا الفساد والخيانة بأشكالها فيبدو أن لا علاقة لها بالشرف، وكأن الشرف حكر على المرأة فقط...!!!
وإذا ما انتقلنا إلى تمثيل المرأة سياسياً، ولنأخذ الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي مثلاً، واستطاعت تغيير الأنظمة المستبدة "مصر، تونس، ليبيا واليمن" فماذا تغيّر في وضع المرأة في هذه البلدان، خصوصاً وأن مصر وتونس التي جرت فيها انتخابات برلمانية!؟ علما أننا شاهدنا عبر الفضائيات مشاركة النساء بشكل كبير في المظاهرات والاحتجاجات؟ ففي مصر وتونس فازت الأحزاب الدينية بغالبية مقاعد البرلمان، لكن عدد النساء اللواتي وصلنَ إلى البرلمان لا يتجاوز عدد أصابع اليد، مما يعني أن المرأة مستثناة، بل إنه جرى تجنيد نساء منقبات في الجامعات التونسية للاعتداء على الطالبات غير المنقبات وشتمهنَ بألفاظ نابية، علما أن النقاب ليس من الدين الإسلامي على رأي غالبية الفقهاء والمجتهدين، بل هو موروث يهودي.
08/03/2012
واقرأ أيضاً:
المرأة والرجل على الميزان / المرأة في القبور / اعترافات امرأة مسلمة في عالم الكفر مشاركات / الفضائيات وامتهان المرأة واختزالها / اعترافاتي الشخصية: وكرهت أني امرأة
التعليق: مرة يكون النقاب عادة، ومرة موروثًا تركيًا، ومرة موروثًا يهوديًا!!
طبعًا ليس النقاب موروثًا يهوديًا ولا عادة، وإنما هو من الدين الإسلامي، وقد ذُكر في الأحاديث، روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما بيَّن لباس المرأة في الإحرام: ((ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين))!!
إذن هي كانت تنتقب في الإسلام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرها النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك إلا في الإحرام، وإن كان النقاب ورد عند اليهود، فهذا دليل على أن هاتين الشريعتين السماويتين اتفقتا على هذا الأمر الرباني...،
ولا ينكر كون النقاب من الدين (بغض النظر عن هل هو سنة أم واجب) إلا البعض في العصر الحديث...، ولكن لا يظهر على وسائل الإعلام من غيرهم إلا القليل...، والأمة لم يبقَ لها صلة بعلمائها إلا عن طريق الشاشة!!