حكاوي القهاوي (117)
(555)
حق الدم
لقد ألقى شفيق في لقائه مع خيري رمضان أول أمس قنبلة نووية على الإخوان المسلمين عندما قال أن قائداً عسكرياً ميدانياً قد نشر في إحدى الصحف بأن الإخوان المسلمين هم المسئولون عن قتل المتظاهرين الذين وقعوا في الثورة بعد انسحاب جهاز الشرطة، وقد ذكر هذا القائد العسكري أسماءً بعينها؛ إذ قال أنه طلب من محمد البلتاجي أن يأمر رجاله ممن يلقون بقنابل المولوتوف من على أسطح المنازل بالنزول، أو أنه سيتصرف هو حيالهم، وعندما طلب أحد الجنود أن يسمح له هذا القائد بإطلاق النيران على هذا الذي يُلقي بالقنابل، تدخل صفوت حجازي لمنعه وصعد وأنزل هذا الذي يقذف المولوتوف على الثوار. كما ذكر شفيق بأن هناك شاهداً على هذه الواقعة من شخصية يحترمها من في ميدان التحرير دون أن يذكر أسمها. إذن وفقاً لشهادة هذا القائد العسكري فإن دم بعض من شهداء الثورة يتحمله الإخوان، وأن البلتاجي وصفوت حجازي مسئولون مسئولية جنائية عما تم ارتكابه من جرائم أيام الثورة، وهناك شاهد على ذلك.
لا يجب سكوت جماعة الإخوان على هذا الاتهام، كما لا يجوز لهم تحويل الأمر لمجرد قضية قذف ضد شفيق، لأن في هذا تحويل الأمر ليبدو وكأنه مجرد دعاية مضادة من شفيق ضد الإخوان. فشفيق قد سلط فقط الضوء على تصريح ليس هو بقائله. وسوف ترفض المحكمة إن وصل الأمر لها نظر الدعوة لأن شفيق ليس من اتهم الإخوان، ولكنه نقل ما ذكرته إحدى الصحف على لسان واحد من قادة الجيش الموجودون في ميدان التحرير وقت الثورة. إن محاولة الزج بشفيق في الموضوع أمر غير مقبول ولا يمكن فهمه إلاّ من باب محاولة الإخوان لتمييع الأمور.
أتصور أن على البلتاجي وصفوت حجازي أن يتوجها فوراً إلى النائب العام لطلب التحقيق معهما فيما نُسب إليهما من تهم على لسان هذا القائد العسكري والتي تم نشرها في الصحيفة التي أشار إليها الفريق شفيق ونسخة الصحيفة موجودة بالتأكيد. يجب على الإخوان أن يفعلوا مثلما فعل شباب 6 إبريل عندما اتهمهم المجلس العسكري بالحصول على تمويل من جهات أجنبية، فما كان منهم إلاّ أن تقدموا بطلب للنائب العام للتحقيق معهم فيما ورد ضدهم من اتهامات، وثبت في النهاية أنها مجرد أكاذيب، فما كان منهم إلاّ أن طالبوا المجلس العسكري بالاعتذار وكان يمكن لهم مقاضاته. وعليه فإما أن يطالب الإخوان بالتحقيق معهم، أو فليتأكد للشعب أن جماعة الإخوان المسلمين مسئولة بالفعل عن دماء الشهداء مثلهم كمثل مبارك ونظامه، ومن ثم يجب محاكماتهم. كما يجب على هذا القائد العسكري الإفصاح عن اسم الشاهد الذي حضر هذه الواقعة للرجوع إليه فيما نُسب للبلتاجي وصفوت حجازي من تهم بالمشاركة في قتل الثوار، فلا مجال للمدارة عن قاتل، فكل من يخفي معلومة هو مشترك بالضرورة في جريمة قتل الثوار.
أذكر أنه عندما تم انتخاب محمد بديع مرشداً للإخوان خلفاً لعاكف، قال بعض المحللين أن اختيار بديع إنما يعني تحولاً في فكر حركة الإخوان لتصبح أميل إلى العنف المسلح، وترك الأساليب السلمية في مقاومة النظام والتي اتبعها الإخوان لسنوات في معارضتها للسلطة. وقد أرجع هؤلاء رأيهم هذا إلى طبيعة بديع الدموية التي هي على غير طبيعة سابقيه من المرشدين.
أسئلة كثيرة مهمة تفرض نفسها على المرء ويجب أن تظهر لها الآن إجابات شافية، ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال:
- هل حقاً يخشى العسكر جماعة الإخوان؟
- لماذا ظهرت هذه التصريحات للعسكر الآن، وليس من قبل؟ فهل انتظروا حتى تهدأ الأمور في البلاد فلا يسببوا فتنة بين الشعب في وقت حرج تمر به الأمة لا يحتمل الفتنة؟ أم أن توقيت الإعلان له أهداف انتخابية للضغط على الإخوان حتى يخضعوا لتحقيق أهداف العسكر السياسية، وإلاّ سيقوم العسكر بفضح جرائمهم؟
- هل سرب العسكر للإخوان خبر استبعاد أبو إسماعيل ليدخلوا بمرشح لهم، وأن العسكر قد ساهم بالتدخل لإنجاح مرشح الإخوان لمساعدة شفيق على الفوز عليه في انتخابات للإعادة تبدو نزيهة، معتمدون في ذلك على فقد الإخوان لكثير من قبول الشعب لهم. فالإخوان ورغم كل شيء خيار مأمون للعسكر بدلاً من دخول مرشح آخر لا فضائح له (حتى الآن) مثل صباحي مثلاً، فتكون النتيجة الحتمية هي الإطاحة بشفيق لا محالة؟
- هل كان إصرار الإخوان على دخول انتخابات الرئاسة بهدف الاستيلاء على السلطة لطمس أية حقائق أو أدلة يمكن أن تدينهم بخصوص التورط في أعمال عنف وهجوم على أقسام الشرطة والسجون وقتل الثوار؟
- هل هناك جناح عسكري للإخوان هو الذي قام بقتل الثوار بميادين التحرير مثلهم كمثل قوات مبارك؟
- هل المرشد الحالي للإخوان هو وراء تكوين تلك المليشيات المسلحة أم أنها جزء لا يتجزأ من فكر الإخوان؟
- هل يملك الإخوان أسلحة من تلك التي تم تهريبها من ليبيا وأنهم يستعدون لدخول معركة للاستيلاء على السلطة في حال فشلهم الاستيلاء عليها من خلال الانتخابات.
- ما هي علاقة الإخوان بعمل أجهزة مخابرات دول أجنبية مثل قطر؟
- ما هو دور أبو الفتوح في تحول الجماعة للعنف، خاصة وأنه شخصية ذات تاريخ يميل للعنف منذ كان قيادي بالجماعة الإسلامية؟
- ما الذي يملكه أبو الفتوح من معلومات عما حدث من الإخوان أيام الثورة ويجب عليه الإفصاح عنها، أم يجب علينا الانتظار لسنوات حين يعيد كتابة مذكراته ثانية؟
- ما هو دور الجماعات السلفية في عمليات قتل الثوار أيام الثورة، فصفوت حجازي سلفي وليس إخواني وكان شريكاً في الواقعة التي ذكرها القائد العسكري؟
- لو صدقت هذا الاتهامات لجماعة الإخوان فهل يعني ذلك أن ما ذكره عمر سليمان من اتهامات لجماعة الإخوان صحيح، وأنهم صاروا جماعة إرهابية؟
- هل يعلم أعضاء الجماعة من البسطاء كل هذه الحقائق، أم إنهم مخدوعون ويجب عليهم أن يفيقوا أو أن يتحملوا مسئولية قرارهم بالبقاء في هذه الجماعة؟
كل هذه الأسئلة تحتاج إجابات واضحة وصريحة، لا تحتمل التأويل أو المراوغة من الجماعة وممن لديه المعرفة، وعلى كل من لديه معلومة أن يتقدم بها للقضاء ليعرف الشعب الحقيقة. إن للإخوان تاريخ دموي وإن تناساه الشعب، فقد قتلوا يوماً النقراشي باشا، وحاولوا اغتيال عبد الناصر. يجب علينا أن نعرف الإجابات فهناك دم الشهداء الذي يطلب حق الدم، الذي يطلب القصاص سواء كان قصاصاً من مبارك ونظامه أو حتى من جماعة الإخوان المسلمين.
6/6/2012
واقرأ أيضاً:
الثورة المضادة في الشعب نفسه / خيار العودة إلى "الميدان" وثورة المصريين الثانية / انتخبوه وعارضوه / حكاوي القهاوي