فلسطين وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل
خلفية تاريخية:
في عام 1968 قامت الأمم المتحدة باعتماد اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل والمعروفة باسم "معاهدة حظر الانتشار النووي" the nuclear Non-proliferation treaty، NPT كي تكون بمثابة اتفاق دولي يهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية والتكنولوجيا وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. تم فتح باب التوقيع على هذه المعاهدة حيث، وقعت وصادقت عليها معظم دول العالم بما في ذلك الدول الحائزة للأسلحة النووية الخمس: الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين.
على صعيد منطقة الشرق الأوسط، فقد بدأت الجهود الدولية التي تهدف إلى إنشاء منطقة في الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل النووية منها والبيولوجية في عام 1974 عندما قامت مصر وإيران بالتقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في المنطقة. وحسب تعريف الأمم المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط فهي تلك المنطقة التي تشمل جميع الدول العربية وإيران وإسرائيل، فإن دولة واحدة في هذه المنطقة تمتلك ترسانة نووية هي إسرائيل. كذلك هناك مؤشرات قوية على أن بعض دول الشرق الأوسط التي تمتلك أو تصنع أو تستخدم أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل مثل: الكيميائية والبيولوجية.
في حين تستمر المجهودات في أسيا وفي الشرق الأوسط للوصول إلى اتفاقيات مماثلة، لم تنجح هذا المجهودات حتى الآن في تشجيع دول منطقة الشرق الأوسط لجعله منطقة منزوعة من أسلحة الدمار الشامل بكافة أنواعه، ويبدو أن هذا الهدف مازال بعيد المنال إن لم يزداد صعوبة، حيث يزداد التنافس لامتلاك هذا السلاح بسبب حالة الصراع التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وعدم حل القضية الفلسطينية ولكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يعتقد بامتلاكها للقدرة النووية وذلك حسب الكثير من المؤشرات التي تؤكد ذلك، كذلك يتزايد تطلع جمهورية إيران الإسلامية لامتلاك قدرات نووية والجهود البدائية التي بذلت في السابق من قبل سوريا والعراق.
وفي حين أن جمهورية إيران الإسلامية تطمح لامتلاك قدرات نووية للأغراض السلمية فقد أعلنت إيران عدة مرات أنها تسعى لامتلاك القدرة النووية للأغراض سلمية إلا أن المجتمع الدولي لديه شكوك قوية بأن إيران قد ترغب في استخدام نفس دورة الوقود النووي للذهاب لبرنامج نووي عسكري، ليس هناك ما يؤكد أو يدحض ذلك بوضوح. على صعيد آخر فإن هنالك الكثير من المؤشرات القوية التي تؤكد امتلاك إسرائيل للسلاح النووي والتي من بينها تسريبات الخبير الإسرائيلي مردخاي فعنونو الذي كان يعمل في مفاعل ديمونا وتم خطفه ومن ثم اعتقاله من قبل السلطات الإسرائيلية بسبب إفشاءه أسرار ومعلومات حول قدراتها النووية. أخذا في الاعتبار أن إسرائيل لم تؤكد ولم تدحض بشكل رسمي امتلاكها للسلاح النووي.
الموقف الفلسطيني:
لقد شاركت الأسبوع الماضي في مؤتمر نظمته الجمعية البريطانية للأمم المتحدة وعقد في داخل البرلمان الاسكتلندي وبالتعاون معه في عاصمة اسكتلندا "مدينة أدنبره" وقد ناقش المؤتمر فكرة جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وقد شهد المؤتمر حضورا كثيفا من الخبراء والأكاديميين والوزراء وسفراء بعض الدول العربية والغربية نظرا لأهمية الموضوع، وقد جاهدت لعرض ما يمكن أن يكون عليه الموقف الفلسطيني تجاه هذه القضية رغم محاولاتي للحصول على الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية تجاه هذه القضية، لذا أؤكد أن هذا الموقف يعكس وجهة نظري فقط:
٠ إن السلطة الفلسطينية ليست عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة لذا فليس مطلوبا منها ولا يحق لها التوقيع على اتفاقيات نزع أسلحة الدمار الشامل.
٠ إن الأراضي الفلسطينية ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي مما يلزم دولة الاحتلال بحماية الشعب المحتل الواقع تحت سيطرتها وذلك حسب ما تنص عليه معاهدات جنيف و قرارات الأمم المتحدة. لذا فإن إسرائيل ملزمة بحماية الشعب الفلسطيني من أي هجوم نووي وعليها يقع واجب اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لذلك على سيبل المثال لا الحصر توزيع أقنعة الحماية من الغازات المميتة على كافة الشعب الفلسطيني كما تفعل مع مواطنيها وبناء ملاجئي للحماية.
٠ إن فلسطين بصفتها عضوا في جامعة الدول العربية ستتخذ بالضرورة نفس موقف الدول العربية الذي عبرت عنه الجامعة العربية وهو الالتزام بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط.
٠ إن السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ليسوا جزءا من الصراع النووي الدائر في منطقة الشرق الأوسط ،على الرغم من تحملهم لتبعاته في كثير من الأحيان، لذا فالشعب الفلسطيني هو من أكثر الداعمين لوقف انتشار أسلحة الدمار الشامل بكافة أنواعه.
٠ في جميع محادثات السلام مع إسرائيل أكدت القيادة الفلسطينية موقفها الواضح أن الفلسطينيين يكافحون من أجل دولة مستقلة تمتلك قدرا من التسلح التقليدي جدا اللازم لتحقيق الأمن لمواطنيها.
٠ إن المجتمع الفلسطيني يعطي القليل من الاهتمام تجاه هذه القضية الهامة، التي تنال اهتماما كبيرا على المستوى الدولي وذلك بسبب انشغال المجتمع الفلسطيني بالتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأهمها الخلاص من الاحتلال وبناء مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية المستدامة.
٠ تزعم إسرائيل بأنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية بهدف حماية نفسها من البيئة المعادية المحيطة بها، في حين أن الدول الأخرى مثل: إيران والعراق وسوريا ومصر وبعض دول الخليج تسعى لامتلاك القدرة النووية من أجل خلق توازن قوى وتعزيز قوة الردع أمام المخاطر الخارجية وبعضها يؤكد على سلمية طموحها النووي، لقد أثبتت دروس التاريخ أن الاتفاقيات في حد ذاتها لا تكف للحفاظ على السلام والاستقرار، بل أن الاستقرار يأتي من خلال نزع أسباب الصراع ومعالجة المشاكل التي تدفع تجاه سباق التسلح، لذا فقد يكون من غير الواقعي السعي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط قبل إحلال السلام في المنطقة وحل الصراع وإعطاء الفلسطينيون حقهم في الحرية والدولة المستقلة.
يونيو 2012 - غزة
واقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط الجديد في التصور الأمريكي الصهيوني/ الأجندة الأمريكية للشرق الأوسط/ ماذا للشرق الأوسط؟ لا شيء... فقط..الموت