سلمى هي المولودة الأولى لزميلة لي بالعمل، ربما لا يزيد عمرها عن الشهر .. منذ عدة أشهر وحينما علمت زميلتي أن الجنين أنثى فرحت كثيرا هي وزوجها، وهو أيضا زميل في العمل.
في الغالب كنت أذهب لها كل يوم خلال حملها لأسلم على سلمى وأقول لها "هي صاحيه ولا نايمه؟ أنا نفسي أشوفها"..
فرحت كثيرا لفرحهم بالبنت ثم أخبرت زميلي وزوج أختي فقال لي: "غريبة أنهم فرحين، الناس بتزعل لو عرفوا أن الجنين بنت"..ثم اكتشفت أن رأي أختي مثله، فسألتهم لماذا الولد أفضل؟ فقالوا لأن البنت مسئولية صعبة وتخوف..
كنت سابقا أعرف أن الأب هو الذي يحزن إذا منّ الله عليه بالبنت، فقد كنت أسمع زوجة صديق أبي منذ كنت طفلة تقول لأمي أنها تسمي حجرة الصالون عندها بحجرة الغضب لمكث زوجها بها حزينا إذا وهبه الله بنتا.
ولكنني اكتشفت أن إحدى قريباتى بكت عندما علمت أن حملها الأول وللأسف "بنت"، فتعجبت كثيرا !! حتى الأم لا ترغب في أن يكون لها ابنة؟
لماذا ؟ هل نسيت أنها أنثى ؟ هل هي تكره نفسها ؟ أم أنه الخوف من المسئولية المزعومة ؟
أنظر لمن حولي فلا أجد أن تربية البنت أصعب من الولد. ثم بعد أن تكبر أراها تتحمل أضعاف ما يتحمله أخيها.
فما هو أخطر شيء يمكن أن تتسبب فيه البنت ويحزن أهلها بعكس الولد؟
إنّ الخوف "الذي يغلف بكلمة المسئولية" يكون غالبا من الفضيحة التي يمكن أن تتسبب فيها البنت لعائلتها، فهي إما سيخدعها أحدهم فيغتصبها أو تحب أحدهم فتزني معه.. وهي في الحالة الأولى ضحية تستحق الدعم وفي الحالة الثانية فأظن أن الله تعالى أرحم بها من خلقه .. لماذا لم أسمع أنّ أبا قتل ابنه لأنه فضحه بالزنى أو الزواج العرفي ولكنني سمعت العكس؟
لماذا يغفر المجتمع للزاني المحصن "الذي قد تكون زوجته وأهله على علم بذلك"، بينما يتحفز ويستعد لجلد الفتاة طول عمره حتى وإذا لم تذنب ؟ لماذا يفرق المجتمع في حكمه فيكون قاسيا على المرأة إذا أذنبت رحيما بالرجل إذا أتى بنفس الذنب؟
هل نسينا قول الله تعالى : "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم"..
أرى أن البنت قد تكون إضافة جيدة في الحياة لأهلها ولا أرى أنّ الأمر يستحق كل هذا التهويل الرهيب الذي هو من نسج العقول المتبعة لأفكار وعقد جاهلية تماما ليست من الإسلام في شيء بدون نضج أو تفكير أو تأمل.
يقول الله تعالى فى سورة النحل:
"وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)"
واقرأ أيضاً:
التفريق في معاملة الأطفال / خلفة الصبيان وخلفة البنات / زينة المرأة ليست للإغراء مشاركة3 / سلمى صاحية ولا نايمة؟ / الفتاة النموذج