أولاً وقبل الإجابة..... سؤال: ما هي النفس علمياً ؟!
النفس ما هي إلا منظومة من الأفكار والقناعات ينجم عنها مشاعر تصبغ حياة الإنسان بالطيبة أو بالشقاء ، مؤدية إلى سلوكيات تتحدد حسب قرار وإرادة كل شخص ، تشكل هذه السلوكيات بكليتها نمط شخصية كل منا، ليتميز كل منا عن الآخر..... فالنفس البشرية منظومة أفكار ومشاعر وسلوكيات، يرعى هذه المنظومة الجهاز العصبي (الدماغ والأعصاب).
نعود للجواب على السؤال الرئيسي ..... هل تصوم النفس ؟!
سيكون الجواب على هذا السؤال من زاوية نفسية ، وما دام الصيام أمر تعبدي فلا بد لي أن أتفيء في الإجابة عليه ظلال آيات الصيام في سورة البقرة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
كما هو واضح من سياق الآيات أن الهدف الرئيسي من "الصيام" هو "التقوى"، وهي أن تكون في مكان وزمان وأشخاص يرضاهم لك الخالق. وفي هذا اجتماع الخير كله.
ولكي تعرف هذا المكان والزمان والأشخاص تحتاج إلى دليل وخطة ممثلة بـ "القرآن". والقرآن منهج فكري ( يغير الأفكار السلبية أو المضخمة أو المشوّهة أو المسببة للضيق النفسي)، مع منهج سلوكي عملي. وبهذا يزودك القرآن بالفهم الصحيح الشامل لهذه الحياة مع صيانة دورية لهذا الفهم وطريقة طيبة لتحيى فيها.
وبهذا المنهج المعرفي السلوكي الرباني يتحقق لك "اليسر" في تحقيق أهدافك كلها، لأنه دائما يرشدك إلى الطريق المستقيم "الهدى"، والمعروف أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، فينقلك بيسر وهدى فيما أنت عليه الآن وإلى ما تريد تحقيقه في المستقبل.
الصيام والقرآن يصلك بأهدافك فعليك الشكر، والأهم أنه يصلك أيضا بالكمال المطلق الله جل وعلا "القرب"، فيتحقق لك خير الخير "الرشد" وفيها اكتمال الكمال في النضج بالتفكير واتخاذ القرار السلوكي وضبط المشاعر والعواطف فيما ينفع ابن آدم.
والنتيجة الطمأنينة النفسية والطيبة في العيش وهو الهدف المنشود لكل إنسان.
إذاً: يحقق الصيام تغيير فكري بالقرآن وسلوكي بتغيير برنامج اليوم وبرمجته على أسس التقوى، واليسر والهدى والرشد هم الثمار الطيبة بين يديك أيها صائم.
فملخص جواب السؤال عنوان المقالة؟! هل تصوم النفس أم الجسد ؟!
يصوم الجسد لترقى النفس فتنقى أفكارها وتسكن مشاعرها ويستقيم سلوكها. فالجسد أخو النفس وخادمها.
ودمتم بخير ولعلي ولعلكم ترشدون ...
والنصر والتمكين والحرية لشامنا ...
*اقرأ أيضاً:
الصمت أيام الصراخ (الثورة) / العري أو التعرِي النفسي
التعليق: كلامك د.ملهم يشابه كلام معالي الدكتور العضيم عبدالرحمن المزهر