أن تتهم حركة الإخوان المسلمين في بيان رسمي لها نشرته على موقعها الإلكتروني، جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي (موساد) بالوقوف خلف الهجوم الذي استهدف نقطة لحرس الحدود في سيناء قرب معبر رفح مساء أمس الأول، وأسفر عن استشهاد 16 من أفراد حرس الحدود المصريين؛ فهذا الاتهام ينطوي على وجهة نظر يجب أن توضع بعين الاعتبار في محاولة فهم هذا الهجوم من حيث توقيته والجهة التي يخدمها في نهاية المطاف.
الهجوم على مركز حدودي وقتل مجموعة من حراسه المصريين ساعة الإفطار، والاستيلاء على عربتين مدرعتين والانطلاق بهما نحو معبر "كرم أبو سالم"، الذي تُسيطر عليه (إسرائيل)، كان جريمة بشعة أوقعت فتنة بين الجانبين الفلسطيني والمصري في هذا الوقت الحرج والحساس من تاريخ مصر التي تعيش هذه الأيام ظرفاً سياسياً واقتصادياً حرجاً للغاية.
بيان حركة الإخوان لم يُجانب الحقيقة عندما قال أن جهاز المخابرات الإسرائيلية (موساد) يُحاول إجهاض الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وإفشال مهمة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي مرشح حركة الإخوان المسلمين.
فالأجهزة الأمنيـة الإسـرائيليـة تعمل دائماً على إحداث شـرخ بين المصريين والفلسـطينيين، وتأليب أبناء مصر ضد المقاومـة الفلسـطينيـة، وبما يؤدي إلى تشـديد الحصار المفروض على قطاع غزة ويخدم المخططات الإسـرائيليـة.
نظام الرئيـس المصري حسـني مبارك كان يتعمد نسـف أي علاقـة بين الشـعبين المصري والفلسـطيني، ويحاول تصوير أبناء قطاع غزة بالذات على أنهم "مصدر الخطر" على مصر وأمنها القومي، وبما يُبرر مشـاركتـه الشـرسـة في تضييق الحصار على أبناء القطاع وإغلاق معبر رفح المنفذ الوحيد لهم إلى العالم الخارجي..!!
العلاقات تطورت وبصورة إيجابية بين مصر وحركة "حماس" بعد وصول الرئيس مرسي إلى الرئاسة، وتعهد الرئيس الجديد بفتح معبر رفح في العطلات الرسمية وزيادة ساعات العمل فيه في الأيام العادية لتخفيف معاناة الفلسطينيين المحاصرين، ويبدو أن هناك جهات لا تريد لهذه العلاقـة أن تتطور وتتحسـن، ولذلك عملت على نسفها من خلال العملية الهجومية الأخيرة التي لم تُسفر عن مقتل أو إصابة أي إسرائيلي..!!
الإسرائيليون كانوا على علم مسبق بمثل هذا الهجوم، فقد ناشدوا السياح الإسرائيليين قبل أربعة أيام بمغادرة سيناء فوراً تحسباً لتعرضهم للخطر؛ الأمر الذي يضعهم في موضع الشبهات، وربما لهذا السبب بادرت حركة الإخوان بتوجيه أصبع الاتهام إليهم.
إننا نأمل أن لا تقع الحكومـة المصريـة في المصيدة الإسـرائيليـة وتبتلع طعم الفتنـة وتُقدم على أعمال إنتقاميـة لمعاقبـة أبناء قطاع غزة الذي قيل أن بعض الجماعات المسـلحـة فيـه أطلقت قذائف مدفعيـة هاون على الموقع العسـكري المصري سـاعـة وقوع الهجوم..!!
إن تطويق هذه الفتنـة هو مسـؤوليـة الجانبين المصري والفلسـطيني حتى لا تُعطي ثمارها المريرة تدهوراً في العلاقات وبما يخدم المصالح الإسـرائيليـة في وأد مصر الثورة، وإذكاء نار العداء بين الشـعبين الشـقيقين.
تظل هناك نقطة لا يمكن تجاهلها وهي أن تكبيل مصر بمعاهدات (كامب ديفيد) هو الذي أدى إلى ضعف قبضتها على صحراء سيناء، الأمر الذي يحتم تجميد العمل بهذه المعاهدات، وإذا لم يتأتَ ذلك فالإصرار على مراجعة ملاحقها الأمنية التي تحد من وجود قوات مصرية كافية على الحدود المصرية سواء مع فلسطين المحتلة عام 1948 أو مع قطاع غزة.
رحم الله شهداء مصر الذين هم شهداء فلسطين والمسلمين جميعاً الذين استُشهدوا في هذا الشهر الفضيل وهم يؤدون واجبهم في الدفاع عن أرضهم وسيادتهم.
رأي القدس العربي، لندن،
07/08/2012
واقرأ أيضاً:
عائدا من ماسبيرو ذاهبا للجهاز مشاركة/ أحداث ماسبيرو: تداعيات تغييب القانوني وتغليب السياسي/ الدين لله والوطن لله والجميع لله/ حكاوي القهاوي