في كتابتنا عن مدينة القدس حرصنا الوقوف عند الوجع الذي تعيشه المدينة المقدسة من سياسات الاحتلال المتمثلة في التهويد والمصادرة .
مفصلين كل عبث في الساحات والأزقة تحت الأرض وفوقها ومن ثم سجلنا وغيرنا آلاف الملاحظات المهمة التي لم يتحرك معها أحد، فبررنا في كل مرة أن الاحتلال هو المتحكم وأن النصرة تحتاج جيوش ودول عربية صاحبة سيادة.
لكن في كل زيارة للمسجد الأقصى يفتح اللقاء جرحا عميقا في الفؤاد يضطرك الحال الى كتابة ملتهبة تغضب بعضا وتؤلم كثيرا، وإن قررنا الصمت نشعر بأننا أمام خيانة الأمانة التي نحمل.
في دخولنا للمسجد الأقصى نحرص في العادة الطواف في أزقة المدينة وشوارعها والاقتراب أكثر إلى مناطق العبث الصهيوني حتى نسجل ملاحظات عن عمق ما أحدثته سياسة التهويد الصهيونية .
في حديث مع زميل من عرب الداخل الفلسطيني عن ما يجده حين طوافه بالقرب من الكنس المنتشرة في المدينة والخدمات المقدمة، وشكل المرافق العامة التي تخدم جمهور المصلين من اليهود... تحدث صاحبنا عن حجم جهات النظام، الإرشاد، الإسعاف، المساعدة، ومدى تأمين الدخول الآمن، توفير المياه، تكييف المباني، تظليل يحمي من أشعة الشمس الحارقة، الأهم أن هناك تأمينا للمراحيض والمياه داخلها.
هذا الحديث لا ينطبق منه شيء في حالة المماثلة مع المسجد الأقصى، تغيب الأوقاف، وتنتشر العشوائية، ويصدمك حالة الفردية التي لا تجد معها مرجعية، والأهم لا وجود للتهوية ولا التكييف، حتى التظليل البدائي من أشعة الشمس لا يغطي عشر الحاضرين الذين يضطرون الصلاة تحت أشعة الشمس الحارقة ..... هذا كله يهون عن غياب الرقابة الشرعية التي تسمح بوجود بعض مدعي المشيخة القول في دين الله بغير علم في وسط المسجد العتيق متسببين بالفتن، وقائلين في دين الله افتراءا عليه .
في حديثنا مع صديق عارف وقريب من وزارة الأوقاف قال "أن المشكلة هي أن الأوقاف تتبع الأردن هنا، والسلطة في الضفة لا تقوم بدور يذكر في المسجد الأقصى ولا تحاول، وهناك حالة من البرود في التعاطي مع حاجيات المسجد الأقصى، والكل يعلق فشله على سياسة الاحتلال، لكن هناك مبالغة كبيرة في ذلك، نظافة المسجد لا يعيقها الاحتلال، توفير أماكن مظللة، تأمين المراحيض بالمياه، تكييف المسجد الأقصى، تأمين الإفطار بشكل منظم، تأمين مياه للشرب، ترتيب الدخول والخروج، الفصل بين النساء والرجال كل ذلك تملكه الأوقاف ولا تعمله"
في حديث الملاحظات كثير لا نحب ذكره، لكن نكتفي اليوم بالإشارة والتذكير إلى من يهمه الأمر، إن هناك في المسجد الأقصى تقصير جوهري وإدارة عليها ملاحظات كبيرة وجب الوقوف عليها .... حديث الملاحظات لا يغير حقيقة الروعة الروحية التي عشناها في المسجد الأقصى، ولا ينسي ذاكرتنا مدى جمال المكان الذي تعيش فيه طمأنينة روح لا تجدها في الأرض كلها.
في مقدمتي عن شكل الخدمة التي تقدمها المؤسسة الصهيونية للمعابد المزورة والاهتمام الذي يقدم والذي ينم عن حالة انتماء يفسر القدرة والتمسك الذي فهم أهمية الاستحواذ على المدينة في الصراع .... في المشهد المقابل يمكن الفهم أيضا أن الارتكاسة التي تعيشها الأمة تجد مشهدها في كل تفصيل تعيشه في الحياة، أباطرة المال العربي، وخزائن المال الرسمية التي تفتح لتفاهات المجون والانحطاط، تجدها غائبة ومغيبة عن قبلة المسلمين الأولى، حتى إذا كان العطاء رفعت في زوايا المسجد لافتات لدول تقدم طعاما يظن أصحابه أن المسجد يحتاج إلى أرز الجياع الذي يتم توزيعه بصورة مهينة ومخزية أخشى من قيام الاحتلال بتصويرها والذي أدعو إخواني إلى رفض تناولها وإبقائها للسيد المتبرع.
في الختام ورغم المرارة يظل مسجدنا حقيقة المكان، وقبلة الإيمان، وعمق المدينة العربية المسلمة، أما هيكل الطغاة لا يعدو غير خرافة عابرة تنهي مع غضبة صاحب الحق الذي ينتظر فعله لا نثر الكلام
واقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة في الأقصى بعد تحريره من الصليبيين/ الفلسطينيّ أين؟؟!! / فلسطين..... الجهاد في متناول الجميع / ملفات فلسطينية / بدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين / غزة والأمن القومي المصري ...