الأحلام والصحة العقلية
لمحة تاريخية
الرؤى والأحلام تلعب دورها في حياة كل إنسان. هناك أحلام اليقظة وهناك أحلام النوم وهناك من رزقهم في هذه الدنيا مرتبط بتفسيرهم للأحلام عبر شاشات التلفزيون العربي أو الكتابة عنها في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.
تاريخ دراسة الأحلام أسر فضول البشرية منذ القدم. كان الاعتقاد السائد في سومر بأن الأحلام هي واسطة نقل معلومات خارقة للطبيعة، وتحتاج إلى دراسة المفكرين والكهنة. أثارت الأحلام فضول أرسطو كذلك، ولكنه في نهاية الأمر استنتج بأن الأحلام مصدرها تغير فعالية أعضاء الجسم وقت النوم.
مع هيمنة الفكر العلماني على الثقافة الغربية بدأت الناس تبتعد عن تفسيرات رجال الدين للأحلام، وبدأت عملية الربط بين تجارب اليقظة ومحتوى الحلم وفحص الطبيعة المجرد للرموز فيها. رغم أن الناس تذكر أطروحة فرويد في الأحلام عام ١٨٩٩ ولكن هناك العديد من البحوث العلمية التي سبقته أو عاصرته والتي تطرقت إلى الجانب الفسيولوجي للأحلام في ذلك الوقت ومن أهمها بأن الحلم يتكرر أثناء نوم الصباح الباكر. لكن فسيولوجية الأحلام وطبيعتها أصبحت أكثر وضوحاً مع اكتشاف نوم حركات العين السريعة في منتصف القرن العشرين واليوم نعلم بأن النوم يلعب دوراً حاسماً في تخليص الدماغ من الفضلات، تنظيم الهرمونات، ترسيخ الذاكرة والتعلم، وتعزيز جهاز المناعة.
يستعمل البعض مصطلح الرؤيا بدلاً من أحلام النوم. هذه الكلمة ذات الإطار الديني يستعملها الكثير للتعبير عن أحلام النوم ويمكن استيعابها على أنها رسالة من عالم خارجي أو حتى عالم الجن والملائكة، ويمكن تصنيف الأحلام والرؤى من ضمن أنظمة العقائد Belief systems التي يتمسك بها الإنسان مثل قراءة الفنجان والأبراج وغيرها. في الكثير من الأحيان تشغل هذه المعتقدات جزءًا صغيراً للغاية في حياة معظم الناس لكن هناك أقلية صغيرة جداً لها ولع شديد بهذه المعتقدات، وهناك أقلية أصغر من الأخيرة يتجاوز انشغالها بنظام عقيدة الرؤيا حتى يصبح جزءًا من عملية ذهانية.
الأحلام لا تزال إلى الآن تشغل بال العامين في الصحة النفسية والعصبية ويجذب نظرك بين الحين والآخر دراسة تصل إلى استنتاج يثير الدهشة ولكن في نفس الوقت يحتاج إلى تحليل علمي دقيق. وهذا المقال محاولة لوضع معتقدات الحلم والرؤيا في إطار علمي.
الرؤيا والطب النفسي
يمكن تقسيم العلاج النفسي في الماضي والحاضر إلى:
1- علاج مساند Supportive Therapy .
2- علاج تحليلي Analytic Therapy .
رغم أن هناك مصطلحات عدة مثل العلاج المعرفي، السلوكي، النفسي الحركي، وغيرها ولكن في نهاية الأمر ترى أن العملية العلاجية تقع على نقطة ما على بعد واحد، العملية المساندة العلاجية في قطب والتعبيرية في قطب آخر.
تحتل الرؤيا موقعاً مهماً في علاج التحليل النفسي الذي بدأ بالانقراض تدريجياً مع منتصف الستينيات وربما أصبحت اليوم فصيلة علاجية مهددة بالزوال ولا أحد يبذل جهداً لإنقاذها رغم أنها قدمت الكثير من الخدمات وأغنت علم النفس والطب النفسي بالكثير من النظريات اعتبرت المدرسة التحليلية تفسير الأحلام طريقاً ملكياً نحو اللاشعور أو دون الوعي4، ويتم تشجيع المريض على حل رموز الأحلام وربطها بعقد نفسية في أعماق شخصيته أما في العلاج النفسي المساند فيكون التركيز على ربط الأحلام بمشاعره ومواقفه من نفسه ومن المقربين منه وفي حياته العامة.
تشجع النظرية العلاجية التحليلية على الارتباط الحر Free Association للفرد للتعبير عن أحلامه خلال العلاج للوصول إلى وحل الأزمات والعقد النفسية. أما العلاج المساند فعلى العكس من ذلك يكون أكثر حذراً من إطلاق العنان للمريض في هذا الأمر خوفاً من حركة تراجعية وتردي في النضوج النفسي.
لكي نفهم الأحلام والرؤيا لا بد من التطرق إلى: النوم ومخازن الذاكرة عند الإنسان من منظور علمي.
الإنسان بين اليقظة والنوم
لابد من التطرق إلى النوم واليقظة لكي نستوعب الأحلام كان اكتشاف النظام المنشط الشبكي في الدماغ Reticular Activating System في 1949 بداية لتغيير أفكار العلماء حول النوم كانت النظرية السائدة قبل عام 1950 أن النوم يحصل من جراء قلة تحفيز وتنبيه الدماغ من البيئة المحيطة به كان يطلق على هذه النظرية انعدام الوارد Deafferentation . تم اكتشاف نوم حركة العين السريعة في 1954، وبعدها تطورت البحوث تبين بأن تنظيم النوم واليقظة يخضع برمته إلى حركة داخلية مصدرها جذع الدماغ.
يمكن تعريف النوم على أنه حالة من السلوك تتميز بما يلي:
۰ وضع الرقود.
۰ ارتفاع عتبة التنبيه الحسي.
۰ درجة واطئة من الإنتاج الحركي.
۰ ويضاف إلى ذلك سلوك خاص وهو الأحلام.
على العكس من ذلك تتميز حالة اليقظة بتفاعل الإنسان الدائم مع محيطه، وسلوك اليقظة يتكون من عدة أجزاء هي:
۰ الإحساس.
۰ الإدراك.
۰ الانتباه.
۰ الذاكرة.
۰ الغريزة.
۰ العاطفة.
۰ الإرادة.
۰ المعرفة.
۰ الكلام واللغة.
ينتقل الإنسان من حالة اليقظة إلى النوم هناك نوم بدون حركة العين السريعة Non Rapid Eye movement Sleep ويتكون من 4 مراحل (1 – 4) اعتماداً على عمق النوم ونوم مع حركة العين السريعة 6 Rapid Eye Movement Sleep. يشغل النوم الثاني ما يقارب 25% من المدة الكلية للنوم خلال 24 ساعة. يقضي الطفل قبل الولادة أكثر من 90 % من الوقت في حالة النوم الثاني. بعد الولادة يبدأ النوم الأول بالازدياد تدريجياً حتى تصل نسبته إلى 75% من وقت النوم في منتصف العقد الثالث، وبعد ذلك تتضاءل المدة التي يقضيها الإنسان نائماً تدريجيا مع تقدم العمر.
النوم اللاريمي المرحلة 1 NREM, Stage 1 | بداية النوم وغير مستقر |
النوم اللاريمي المرحلة 2 NREM, Stage 2 | نوم مستقر وصعوبة استيقاظ |
النوم اللاريمي المرحلة 3 NREM, Stage 3 | نوم عميق وإفراز هرمون النمو. اضطرابات النوم |
النوم اللاريمي المرحلة 4 NREM, Stage 4 | نوم عميق مع إفراز هرمون النمو. اضرابات النمو. |
النوم الريمي REM sleep | زيادة فعالية الدماغ. تنشيط الذاكرة. الأحلام التي يدعي الإنسان أنه يتذكرها. |
دورات النوم | أربعة دورات مدتها ساعة ونصف إلى ساعتين. |
لا يقتصر نوم حركة العين السريعة على الإنسان فقط وموجود تطورياً في الحيوان إلى مرحلة الطيور نزولاً ويختفي في الزواحف، والذي يحدث أثناء نوم حركة العين السريعة هو عملية تنشيط بعض مناطق الدماغ وتعطيل البعض الآخر بصورة تختلف تماماً عن الذي يحصل أثناء اليقظة تمت دراسة هذا التنشيط والتعطيل التخالفي لمناطق الدماغ عن طريق استعمال طرق التصوير العصبي الوظيفية، وهناك إجماع على أن المناطق التي يتم تنشيطها هي:
1- التلفيف الحزامي الأمامي Anterior Cingulate .
2- سقيفة الجسر Pontine Tegmentum .
3- اللوزة Amygdala .
4- قشرة شبه قرن آمون Para-Hippocampal Cortex .
وأما المناطق التي يتم تعطيلها فهي:
1- القشرة الجبهية الظهرية الجانبية Dorsolateral Prefrontal Cortex .
2- التلفيف الحزامي الخلفي Posterior Cingulate.
يوضح المخطط أعلاه ماذا يحدث للدماغ خلال النصف ساعة من النوم التي يقضيها الإنسان نائماً هذا المخطط سنعود إليه بعد الحديث عن مخازن الذاكرة ونحاول ربط الذاكرة بالنوم لكي نفهم كيف نحلم وماذا نحلم.
الذاكرة
ليس هناك وظيفة للدماغ أبدع من الذاكرة الذاكرة تسمح للإنسان باسترجاع ذكرياته، تعليمه، واكتساب المهارات والمقدرة على التطور الذاكرة أيضاً تمهد الإنسان لتجنب ما يجب تجنبه والانجذاب لما ولمن يحبه.
كان أول من أشار إلى هناك وحدات مختصة في الدماغ لمعالجة المعلومات والعناية بالذاكرة هو المفكر الأوربي فرانز جوزيف كال Franz Joseph Gall في القرن التاسع عشر أما الفيلسوف مين دي بيران فقد تحدث عن ثلاثة أنواع من الذاكرة وهي: التمثيلية Representative تعني بالأفكار والأحداث، الميكانيكية Mechanical Memory وتعني بتملك العادات والمهارات، وذاكرة الإحساس Sensitive Memory التي تعني بالمشاعر مع نهاية القرن أدخل الفيلسوف وعالم النفس وليم جيمس مصطلح الذاكرة القصيرة الأجل Short –Term Memory والذاكرة الطويلة الأجل Long –Term Memory والجميع يستعملهما إلى يومنا هذا.
حاول العلماء دراسة الذاكرة بعمق ولم يتقبل الكثير هذا الاستقطاب بين ذاكرة تعني بتملك العادات والطباع وذاكرة تعني فقط بالأمور المعرفية وهذا هو خلاصة نظريات النفسية حول الذاكرة إلى منتصف القرن العشرين، وبالتحديد عام 1957حين تم إجراء عملية جراحية لمريض مصاب بصرع شديد، وتم استئصال الفص الصدغي الأوسط الأيسر والأيمن أصيب المريض بفقدان الذاكرة الشامل ولم يكن بقدرته خزن أي معلومات جديدة شفهية وصورية رغم ذلك لم يفقد قابليته على الذاكرة الفورية Immediate Memory كذلك تبين بأن هذا المريض وغيره يمكنه تعلم مهارات حركية Motor Skills جديدة مما ساعد بعد ذلك على اكتشاف أن هناك أكثر من نظام للذاكرة في دماغ الإنسان.
تطور العلم واليوم هناك عدة مصطلحات تستعمل في علم الذاكرة ولكن يمكن تلخيصها بما يلي:
1- الذاكرة التصريحية أو الإعلانية Declarative Memory وهي تشمل ذكريات الأحدث الخاصة بالفرد Episodic Memory والحقائق بأنواعها Semantic Memory. يتم خزن هذه الذكريات بعد جمع المعلومات من مختلف مناطق الاتصال في القشرة المخية لتمر عبر منطقة شبه قرن آمون ومن ثم قرن آمون.
2- الذاكرة الإجرائية Procedural Memory وهي أكثر أنواع الذاكرة استعمالاً2 في حالات اليقظة والتي تشمل العادات والطباع والمهارات المكتسبة والتي نلجأ إليها للسيطرة على بيئتنا يمكن القول بأن هذه الذاكرة نستعملها دون الحاجة إلى التفكير بها وبدون وعي أحياناً.
3- الذاكرة العاطفية Emotional Memory وحالها مثل الأخيرة، فهي غير تصريحية ونعتمد عليها في حياتنا اليومية هذا النوع من الذاكرة تحدد تفضيل الفرد لأحداث وحقائق معينة أو النفور منها3، وتعتمد على تلك المنطقة من الدماغ التي تسمى اللوزة5 Amygdala (شاهد الرسم أعلاه).
تستلم اللوزة الكثير من الإحساسات من مناطق متعددة من الدماغ وتبعث بدورها الإشارات العصبية إلى مختلف الأعضاء التي تتوسط في تعريف التعبير العاطفي للإنسان للحدث مثل زيادة سرعة ضربات القلب، ضغط الدم، التعرق وإفرازات الهورمونات بأنواعها بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر المهاد Hypothalamus القريب من اللوزة نفسها.
الرسم أدناه يوضح تسلل عملية الذكرى العاطفية بين الحدث واللوزة والهورمونات ومن ثم خزنها.
آلية الأحلام
هناك إجماع بأن الأحلام تحدث فقط وقت النوم حركة العين السريعة. يتم تنشيط المناطق التالية كما هو موضح في المخطط أعلاه:
1- سقيفة الجسر التي ترفع من درجة فعالية الدماغ.
2- اللوزة التي تتحكم في الذاكرة العاطفية.
3- منطقة قشرة شبه قرن آمون المحيطة بمخازن الذكريات1 .
4- والتلفيف الحزامي الأمامي الذي هو جزء من الجهاز الحوثي والذي بدوره يعتبر الجهاز العاطفي للإنسان.
لذلك ليس من المستغرب أن تنطلق ذكريات مخزونة في الدماغ بفعل هذا التنشيط ولكن لا تصل هذه الذكريات إلى درجة الوعي ولا يمكن للإنسان أن يضعها في إطار وعي معرفي ولسبب واحد وهو أن الفص الجبهي لا يزال عاطلاً أثناء هذا النوع من النوم7.
يصحو الإنسان من نومه وهو في حالة من الخدار Twilight ما بين النوم واليقظة. في هذه الحالة لا يمكن للإنسان أن يستوعب أو يفهم ما الذي استقبله من محفزات مصدرها الدماغ نفسه أو بعبارة أخرى مصدرها داخلي وليس خارجي.
بعد هذه الفترة القصيرة من الخدار يكون الإنسان في كامل وعيه والذي يحدث:
1- قد ينسى ما حدث أثناء النوم.
2- أو يبدأ بصياغة المحفزات بأسلوب معين اعتماداً على خلفيته الثقافية والحضارية وكذلك حالته الوجدانية في تلك الفترة الزمنية.
يمكن القول بأن ما يتحدث به البعض عن مشاهدة حلم ما ويعطي التفاصيل الغريبة هو أشبه بفنان يكتب سيناريو لفيلم بدون قصة أما في الحياة فلدى الإنسان رواية ثم يبدأ بكتابة السناريو لمسرح الحياة وإن لم يكن ذلك ممكناً فسيحفظه في عالم الخيال الخاص به هذه العملية الأخيرة ربما ما يمكن أن نسميه بأحلام اليقظة.
إن هذه التفاعلات بين مناطق الدماغ المختلفة تفسر قوة المحتوى العاطفي لبعض الأحلام والتي نطلق عليها الكوابيس. في هذه الحالة تكون الذكريات المشحونة بعاطفة سلبية أكثر تسلطاً ولكن الأهم من ذلك هو أيضاً الحالة الوجدانية للفرد. تكثر وتكرر الكوابيس في اضطرابات القلق المزمن، الاكتئاب والإدمان على الكحول.
أحد الاضطرابات المرتبطة بالكوابيس والأحلام المزعجة هو اضطرب كرب التالي للصدمة Post-Traumatic Stress Disorder هذا الاضطراب ليس بالسهل أحياناً تمييزه من سلوك تمارضي لبعض المراجعين المشغولين بقضايا قانونية وتعويض مادي أحد الأعراض التي من الممكن أن تساعد الطبيب في التمييز بين المتمارض والمريض هو استرجاع ذكريات الصدمة وأحدها الأحلام. المريض فعلاً يوصف كوابيس متغيرة وغير واضحة تتطابق مع آلية الأحلام العلمية ودور الذكريات العاطفية أما المتمارض فتراه دوماً يدعي مشاهدة ما حدث له أيام الصدمة بالتفصيل الدقيق (إان حدث ذلك فعلاً) مما يتعارض مع آلية الأحلام هذه الحالة توضح بالتفصيل طبيعة الكوابيس في الكرب التالي للصدمة:
آنسة من دولة عربية أفريقية وخريجة جامعية، تم اعتقالها قبل زفافها بيومين من قبل السلطات الأمنية واتهامها بنشاطات سياسية يسارية تم حجزها لمدة يوم واحد فقط في معتقل خاص للنساء وحرق منطقة خاصة بحديد ساخن. بعدها أفرجوا عنها لتتم زفافها الذي تم تأجيله إلى يوم آخر لم يأتي لعدة أعوام غادرت بلدها تسعى للجوء يمحي ذكريات الماضي وعدم قابلتها على الزواج كانت في غاية الاتزان وتشكو من رائحة لحم محروق تتناوبها لثواني معدودة بين حين وآخر. أما الكوابيس والصحو من النوم فلم يكن بمقدرتها وصف أي حلم سوى أن رائحة اللحم المحروق تباغتها حالة صحوتها من النوم ولثواني معدودة.
أما المتمارض الذي يدعي الكرب التالي للصدمة فيمكن توضيح ذلك بهذه الحالة:
رجل متزوج سافر عبر البر من بلد عربي متنقلاً من بلد أوربي إلى آخر كان يدعي تعرضه للتعذيب بسبب ميوله السياسية وبعدها بسبب قراره على تحويل دينه كأن من الصعب التحقق من مهنته، ويصف دوماً كابوساً بالتفصيل من لحظة اعتقاله وتعذيبه والإفراج عنه كان دوماً يصاب بنوبة هلع أثناء الاستشارة ويهدد بشنق نفسه ويتظاهر بالإغماء.
تفسير الأحلام
هناك علاجات نفسية8 لا تستند على دليل علمي تتطرق إلى تفسير الأحلام قد يذكر المريض انزعاجه من الأحلام خلال المراجعات الطبية النفسية العامة ولكنه نادراً ما يطرح هذا الأمر في الجلسات العلاجية بصورة منتظمة لعدة أسباب:
1- معظم المرضى يدركون بأن تفسير الأحلام لا يستند إلى علم موثوق فيه.
2- معظم المرضى يدركون بأن مسألة تفسير الأحلام مجرد ظاهرة اجتماعية تثير الفضول أحياناً ولا فائدة علاجية منها.
3- الغالبية العظمى من المرضى قلما ينجحون في كتابة أحلامهم بالتفصيل إذا طلب منهم المعالج ذلك.
لكن الأمر غير ذلك في وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية. تبث إحدى الفضائيات العربية برنامجاً خاصاً لتفسير الأحلام أو الرؤيا من قبل أحد رجال الدين ومن الصعب التأكد من فائدة هذه البرامج . إن المستحسن بأن لا يورط الطبيب أو المعالج النفساني نفسه في التركيز على تفسير الأحلام وخاصة أن الولع بها شائعاً في الشخصيات الهستيرية التي تميل إلى التمارض أكثر من الاضطراب النفسي الحقيقي.
الخلاصة
۰ لا شك بأن العلم قد أثبت بأن دماغ الإنسان يمر بفترات تنشيط أثناء النوم ولكنها تختلف تماماً عن حالة تنشيط الدماغ وقت الصحو أو اليقظة بعبارة أخرى هناك فرق في نوعية التنشيط أثناء فترة الأحلام أثناء النوم وبين حالة الوعي الكامل.
۰ الإدراك الحسي أثناء اليقظة يتحدد شكله بعوامل خارجية أما الإدراك الحسي أثناء الأحلام فهو مجرد هلاوس.
۰ في حالة اليقظة يكون الإنسان في حالة من التوجه الوقتي والمكاني أما في وقت الأحلام فلا وجود لهذا التوجه.
۰ في حالة اليقظة يكون تفكير الإنسان منطقياً وفي وقت الأحلام مشتتاً.
۰ في حالة اليقظة تكون الذاكرة تصريحية وواضحة وفي الأحلام معطلة.
۰ في حالة اليقظة تكون العواطف مركزة ومتوازنة وفي الأحلام قلما يفهم الإنسان معناها.
۰ الأحلام تحتوي على أعراض تشابه الأمراض الذهانية وهي ناتجة عن اضطراب في التعديل Modulation الوظيفي للدماغ. على ضوء ذلك يتفق الجميع الآن بأن الأمراض الذهانية ما هي إلا نتيجة لاضطراب فعالية الأجهزة المسؤولة عن تعديل الدماغ بسبب عوامل وراثية أو بيئية.
۰ وكذلك هناك آراء على أن فترة الأحلام لها وظيفتها البيولوجية لضمان صحة العينين وفعالية الدماغ على المدى القصير والبعيد وحتى في تنظيم مناعة النسيان ضد الأمراض المختلفة.
۰ أما تفسيرها فلا فائدة فيه وكلما تعمق به الإنسان تضاعف احتمال تهربه من الحقيقة وتنصله من السعي نحو الشفاء بدلاً من ذلك يستمر في انتظار الرؤيا التي لا يعرف حتى كيف يكتبها.
المصادر
1. Amaral, D; Lavenex P (2006). "Ch 3. Hippocampal Neuroanatomy". In Andersen P, Morris R, Amaral D, Bliss T, O'Keefe J. The Hippocampus Book. Oxford University Press.
2. Bullemer, P., Nissen, MJ., Willingham, D.B. (1989). On the Development of Procedural Knowledge. Journal of Experimental Psychology: Learning, Memory and Cognition. 15(6); 1047-1060
3. Cahill, L.; McGaugh, J. L. (1995). "A novel demonstration of enhanced memory associated with emotional arousal". Consciousness and Cognition 4 (4): 410–421
4. Freud S (1900). The Interpretation of dreams, in the Standard Edition of the Complete Psychological Works of Sigmund Freud, Vols 4, 5. Translated and Edited by Strachey J. London. Hogarth press, 1953
5. Killcross S, Robbins T, Everitt B (1997). "Different types of fear-conditioned behaviour mediated by separate nuclei within amygdala". Nature 388 (6640): 377–8
6. Mallick B, Inoue S (eds) (1999) Rapid Eye Movement Sleep. Dekker
7. Nielsen A Stenstrom P (2005) What are the memory sources of dreaming. Nature 437: 1286-1289
8. Werman D (1978). The use of dreams in psychotherapy: practical guidelines. Canadian Psychiatric Association Journal 23: 153 – 158