لكي تقضي على أية ثورة، عليك أن تضعها في موقف دفاعي تنسى فيه مبادئها وشعاراتها، وتتحول إلى قوة دفاعية تريد البقاء في السلطة بكل ما عندها من الطاقات والقدرات. وهذا الأسلوب قد تم انتهاجه مع الثورات العربية في القرن العشرين، وها هو يواجهها في القرن الحادي والعشرين. ولابد لها أن تعي هذه المكيدة التي يُراد لها أن تقع فيها، وبما أن الأحزاب الدينية قد تمكنت من الحكم، فإن الدين سيكون الوسيلة التي بواسطتها سيتم جر الثورات إلى حلبة التفاعل الدفاعي المستنفد لطاقاتها والمبدد لقدراتها، والمؤثر في اتجاه مسيرتها، وإفراغها من محتوياتها الفكرية والثقافية والإنسانية الصالحة للبناء والقوة والتقدم والرقاء.
ولهذا لاحظنا زيادة الإساءات إلى الدين ورموزه وللكتاب بالوسائل الدعائية والإعلامية الهادفة إلى تكبيل الإنسان في دوامة التفاعل الدفاعي المنفعل، الذي تترتب عليه تداعيات متنامية دوّارة في حلقة مفرغة من الخسائر والضياعات الحضارية الغالية.
وتقع على شباب الثورات مسؤولية وعي الأهداف والمرامي المتصلة بأي سلوك إستفزازي وهجومي على الثورات المتوهجة، والتي على شبابها أن يحمل مشاعل التوقد الحضاري المتواصل على مدى العقود. فالأمة قد امتلكت إرادتها، وعليها أن توظفها لتحقيق رسالتها الإنسانية الواضحة وفي مقدمتها، حمل راية الدين الساطع المنير، ونشر اللغة العربية وتعريف الدنيا بها، فالإنسانية بحاجة لهذه اللغة، لأن الدين الإسلامي قد توطد في جميع أرجائها، ولا يمكن للدين أن يكون حيّا وحاضرا من غير اللغة العربية الواضحة.
وعندما تتكامل أدوات العقل المعرفية واللغوية فإنه سيعطي ما يميزه، وسيقدم إضافاته الإبداعية المؤثرة في المجتمعات البشرية. ومن المعروف أن جهابذة الصيرورة الحضارية الإنسانية، هم الذين خبروا لغة الضاد ودرسوا القرآن في صغرهم، وهذا يعني أن اللغة قد ساهمت في إعداد الدماغ لتواصلات وتفاعلات إبداعية ذات تأثير كبير، لأنها تنقل العقل البشري إلى مدارات الوعي الأرقى.
ووفقا لذلك، على الثورات أن لا تنحرف عن إتجاهها الأصيل وأن تتمسك بإرادتها وأهدافها، وأن تشحذ همم وعقول الجماهير للارتقاء بطاقاتها نحو البناء والإبداع والتفاني بالعطاء الوطني النافع للجميع.
فهل ستحترز الثورات من الدسائس الدفاعية؟
وهل أنها ستتمكن من بناء التلاحم الثوري اللازم لصناعة الحاضر والمستقبل الأفضل؟
لا تكن فيها ضعيفا مستهانا
وتعلّم كيف تسقيها أمانا
قوة الإنسانِ إقدامٌ وعزمٌ
وهجومٌ قد تحدّى الإرتهانا
فاقتحم لجّاً وصارعْ مُنطواها
بشراكٍ جعلوا الصِدقَ امْتهانا
واقرأ ايضًا: