الإرهاب هو استخدام العنف بهدف التخويف وإملاء الشروط وكسر الإرادات، وهو الاستخدام غير المشروع للقوة أو التهديد باستخدامها، لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين. ويعرِّفه بعض الفلاسفة بأنه استخدام وسائل القهر والقوة والتهديد باستخدامها لإلحاق الأذى بالأشخاص والممتلكات من أجل تحقيق أهداف غير قانونية أو مرفوضة اجتماعياً.
ينشأ الإرهاب من طبيعة النظم الاستعمارية والعنصرية والدكتاتورية، والايديولوجيات الدينية المتطرفة، وهو أخطر الظواهر التي مارستها وتمارسها مثل هذه الدول والمجموعات بحق شعوبها وشعوب العالم والإنسانية جمعاء.
تعود ينابيع الإرهاب الإسرائيلي إلى مرجعية دينية وإيديولوجية مغرقة في القدم، حيث ترجع إلى التعاليم التي رسخّها كتبة التوراة والتلمود، وتبنتها الدولة الإسرائيلية ومؤسساتها الأمنية والسياسية والعسكرية والحاخامات وقادة الأحزاب والمنظمات وحتى الشعب الإسرائيلي نفسه.
وبالتالي فالإرهاب الصهيوني أقدم أنواع الإرهاب في التاريخ البشري وأخطرها على الإطلاق وأكثرها وحشية، لأن اليهودية العالمية وإسرائيل رفعوه إلى مرتبة القداسة الدينية، وتجسّد في المقررات والمخططات التي أقرتها المؤتمرات الصهيونية، السرية والعلنية ومنها بروتوكولات حكماء صهيون. فالنصوص الدينية (التوراتية) والتلمودية والأدبيات الصهيونية تتحدث عن وعد يهود لنسل إبراهيم في الأرض العربية من النيل إلى الفرات، وعن شعب الله المختار، وعن مملكة اليهود وعاصمتها القدس، وعن وجوب ترحيل العرب وإبادتهم وممارسة كل أشكال الإرهاب بحقهم لترحيلهم من وطنهم فلسطين. ويعلنون أن الضفة الغربية بما فيها القدس أراض محررة وليست محتلة لتبرير الاستعمار والإرهاب.
رسّخ تيودور هرتسل، مؤسس الحركة الصهيونية العالمية الإرهاب والعنصرية وإبادة العرب وترحيلهم في الإيديولوجية الصهيونية لإقامة دولة اليهود الإرهابية والعنصرية والاستعمارية في فلسطين ووضع القوة فوق الحق واستخدام القوة والإرهاب للسيطرة على العالم. وبالتالي سار المؤسسون الصهاينة على نفس الطريق الذي رسمه هرتسل، ومنهم جابوتنسكي وتروتسكي وبيغن وشامير وشارون وبيرس وجميع قادة «إسرائيل» والحركة الصهيونية.
إن الإرهاب هو النهج العنيف الذي يمارس ضد الإنسانية، وينتهك مبادئ القانون الدولي وجميع العهود والمواثيق الدولية، ويشكل الانسلاخ الحقيقي عن الإنسانية والابتعاد عن قيم الحق والعدالة. ويستخدمه الأقوياء في فلسطين وأفغانستان والعراق للسيطرة على الشعوب المستضعفة وعلى ثرواتها. ويستهدف إخافة الشعوب على أموالها وممتلكاتها وأرواحها وكسر إرادتها والرضوخ إلى مطالبها التعسفية ولترويع المدنيين. وقامت إمبراطوريات على أساس استخدام القوة والإرهاب ولكنها زالت لأن الإمبراطوريات كالإنسان تشب وتشيخ وتهرم ثم تندثر.
اعتمدت الإيديولوجية الصهيونية على استغلال التعاليم الدينية والمفاهيم العنصرية والمبالغة في نشاط الحركات اللاسامية واستغلال النازية وجرائمها لتبرير ممارسة الإرهاب والإبادة والعنصرية كسياسة رسمية للكيان الصهيوني. وكان اليهود أول مَنْ أدخل الإرهاب المنظم والطرود المتفجِّرة والاغتيالات السياسية للوزراء والضباط البريطانيين ومنهم وزير المستعمرات (اللورد موين في القاهرة) والمبعوثين الدوليين ومنهم الوسيط الدولي (برنادوت في القدس). وأول من قاموا بتفجير السيارات والشاحنات المفخخة في أسواق الخضار والمتاجر العربية في حيفا ويافا والقدس في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين.
وبلغ الإرهاب الصهيوني ذروته عشية اغتصاب العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة لجزء من فلسطين العربية وتأسيس «إسرائيل» وارتكاب الحروب العدوانية ومئات المجازر الجماعية ومنها دير ياسين وكفر قاسم وأبو زعبل وصبرا وشاتيلا وقانا وغيرها.
انطلق الإرهاب الصهيوني من العقيدة الدينية إلى الإيديولوجية والأدب الصهيوني، وإلى المنظمات والأحزاب اليهودية وإلى «إسرائيل»، ثم إلى الجيش والمخابرات والشرطة والمجتمع الإسرائيلي. وورث الجيش الإسرائيلي الأساليب والتجارب الإرهابية لعصابات الهاغاناه والأرغون وشتيرن الإرهابية. وأصبح قادة العصابات الإرهابية رؤساء وزارات ووزراء وقادة في الدولة والجيش والمجتمع الإسرائيلي.
ويشمل الإرهاب الإسرائيلي ارتكاب المجازر الجماعية، وإشعال الحروب العدوانية، وتدمير محطات الكهرباء ومصافي النفط والجسور والمؤسسات الصناعية والزراعية والعمرانية، وتدمير المنازل على رؤوس قاطنيها بطائرات الأباتشي وفانتوم 16، وإلقاء الصواريخ على المنازل وعلى القيادات والكوادر لاغتيالهم، واغتيال العديد من ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في العواصم الأوروبية، وفرض العقوبات الجماعية على المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية. وظهر بجلاء أن مجرمي الحرب الإسرائيليين: شارون وبيغن وشامير ورابين وباراك وبيرس ونتنياهو أسوأ من مجرمي الحرب النازيين وأسوأ القتلة في تاريخ البشرية.
يجسِّد إرهاب الدولة والإرهاب الدولي جوهر الإستراتيجيتين الإسرائيلية والأميركية وتقود إسرائيل والإدارة الأميركية إرهاب الدولة والإرهاب الدولي والحروب الوقائية والاستباقية للهيمنة على بلدان «منطقة الشرق الأوسط الكبير» ونهب النفط والثروات فيها ومحاربة الإسلام وكسر إرادات العديد من الحكام العرب وتدجينهم كما فعلوا مع الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ويعتبر تأييد الإدارة الأميركية لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ذروة الإرهاب الدولي وذروة العداء الأميركي للعرب والمسلمين ولمدينة القدس بشطريها المحتلين.
إن مقاومة الإرهاب والاحتلال الإسرائيلي عمل مشروع يتماشى مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومع تجارب الشعوب الأوروبية في محاربة الاحتلال النازي، والمقاومة حق مشروع وطبيعي للشعوب الرازحة تحت الإرهاب والاحتلال انطلاقاً من الشرائع السماوية والقوانين الوضعية لذلك يجب التفريق بين الإرهاب والمقاومة والتصدي للإرهاب ودعم المقاومة وتأييدها.
ومن أجل القضاء على جذور العنف يجب احترام المعايير التالية:
٠ تحريم الحروب العدوانية وإلزام المعتدي الإسرائيلي والأميركي بدفع التعويضات.
٠ القضاء على الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والمستعمرات والكيانات الاستيطانية.
٠ القضاء على العنصرية أينما وجدت وعلى عنصرية الصهيونية وإسرائيل.
٠ تقديم قادة الكيان الصهيوني للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب.
٠ إرجاع الأرض والحقوق والمياه وتنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
٠ التخلي عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.
٠ احترام مبادئ الحق والعدالة والسلم والأمن الدوليين.
إن احترام هذه المعايير يقود إلى اجتثاث جذور الإرهاب من عالم الغد في المنطقة وزوال نظام الاستعمار الاستيطاني والنظام العنصري الوحيد المتبقي في العالم وهو كيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي في فلسطين العربية.
واقرأ أيضاً:
أعمدة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة / ينابيع الإرهاب الإسرائيلي