اعترف (شمعون بيريز) بمسؤولية (إسرائيل) عن جريمة اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ما يجعل التحقيق الجاري في ظروف وملابسات هذه الجريمة الإرهابية النكراء، أمراً فائضاً عن الحاجة، فالاعتراف "سيّد الأدلة"، و"من فمكِ أُدينكِ يا (إسرائيل)".. وقد آن الأوان، ليبنى على الشيء مقتضاه، وليس من اللائق بحق الرئيس الشهيد أو بحق شعبه وقضيته، أن يمر اعتراف (بيريز) مرور الكرام، المسألة يجب أن تؤخذ من هنا لتُدفع حتى خواتيمها في محكمة الجنايات الدولية، فالضحية هنا هو مؤسسة الحركة الوطنية وزعيم منظمة التحرير ورئيس السلطة المنتخب، باعتراف العالم بأسره، الضحية هو الشعب الفلسطيني.
وفي وقت متزامن، كان (سليفيو بيرلسكوني) يعترف بأن قرار الحرب على ليبيا كان مُبيتاً في قصر (الإليزيه)، وفي صدر ساكنه آنذاك، (نيكولا ساركوزي)، ووفقاً (لبيرلسكوني) الذي كان ركناً من أركان العملية الأطلسية ضد نظام الديكتاتور المخلوع، لم يكن للأمر صلة بحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في ليبيا، بل برائحة النفط والغاز الليبيين، وبنوايا استعمارية كامنة لدى "فريق التدخل السريع"، الذي يتجه الآن، لتنفيذ عمليات مشابهة في مالي وسوريا، وإن بقيادة الساكن الجديد (للإليزيه) (فرانسوا هولاند).
وقبل ذلك، صدر ما يكفي من شواهد وبراهين موثقة، تذهب جميعها للتأكيد على أن قرار الحرب ضد نظام صدام حسين قد اتُخذ في البيت الأبيض و"10 داوننغ سترتيت" في لندن، بُعيد الحادي عشر من سبتمبر 2001، ومن دون صلة بما أُسمي "أسلحة الدمار الشامل العراقية"، أو بروابط النظام مع القاعدة.. وثمة فيض من المعلومات المؤكدة، عن "فبركة" البراهين والشواهد على امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، أو عن روابطه مع القاعدة، وهي براهين لعبت إدارة (جورج بوش) الابن، وحكومة (طوني بلير) على "تصنيعها" واختلاقها، وحكاية (كولن باول) في مجلس الأمن، ترقى إلى مستوى الفضيحة الكونية...
بعد الحرب، جابت فرق التفتيش الدولية العراق طولا وعرضاً، ونقّبت تحت كل حجر فيه بحثاً عن السلاح الفتّاك و"الروابط" المزعومة، ولم تعثر على أي شيء، بل أن القاعدة اتخذت من عراق ما بعد صدام، وما زالت تتخذ منه حتى اليوم، ملاذاً آمناً لها، ولدولتها الإسلامية.
ذهب (جورج بوش) الابن، وجاء (باراك أوباما) تحت شعار "الانسحاب من الحربين الكونيتين" في العراق وأفغانستان، لكن الرجل توسع في "شرعنة" سياسة القتل من دون محاكمة، وعاثت طائراته "من دون طيّار"، قتلاً واغتيالاً، لقادة القاعدة ومن جاورهم من المدنيين الأبرياء في أفغانستان والباكستان واليمن والصومال وأفريقيا، ودائماً من دون حساب أو عقاب.
اليوم، تُقرع الطبول لسوريا، وهنا يجري استرجاع حكاية "أسلحة الدمار الشامل السورية" هذه المرة، وتُستل من الأدراج شعارات حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية، ويجري صرف النظر عن القاعدة و"النُصرة" لتتخذ من سوريا ملاذاً لها، وسط تقارير مؤكدة، تكشف رغبة هذه الأوساط في تجميع "الجهاديين" في سوريا، وضرب الأعداء بعضهم ببعض، النظام والقاعدة على حد سواء، ويُصار إلى إطالة أمد الحرب في سوريا، بهدف استنزاف النظام والقاعدة على حد سواء، ومن دون أن تُضطر واشنطن أو أي من حلفائها، لإراقة قطرة دم واحدة، ودائماً على حساب ملايين السوريين، وبالضد من مصالح السوريين في وطن حر ومستقل وآمن وسيّد.
من يُحاسب هؤلاء جميعاً على ما قارفت أياديهم المطلخة بدماء الأبرياء من رجال ونساء وشيوخ وأطفال هذه الشعوب..!؟ من يُحاسب هؤلاء عن جرائم تتوالى الاعترافات باقترافها بدم بارد ومصالح مُضمرة..!؟ ثم يُحدثونك عن الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان..!! ويُطالبونك بتفعيل مبادئ سيادة القانون والعدالة الإنتقالية والمحاسبة والمسائلة والشفافية..!! بل ويستثمرون ملايين الدولارات في نشر ثقافة إلغاء "حكم الأعدام"..!! سبحان الله (؟!) يرفضون إعدام قاتل أو مغتصب أطفال..!! أما من يقتل زعيما منتخباً، ويقضي على دول بأكلمها، ويُزهق حيوات مئات وألوف الأبرياء، ومن دون حق، فهو عصيٌ عن الملاحقة والمسائلة، بل وتُقام له النُصب التذكارية بوصفه "بطلاً من أبطال الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان"..!!! أي عالم هذا!!؟؟
13/01/2013
واقرأ أيضاً:
وعد عباس ووعد بلفور في نوفمبر / خابت حسابات القيادة الإسرائيلية / يقولون في إسرائيل: نتانياهو أرنب / لنا دولة ولهم الأرض / صاروخ بدرساوي!