الإنسان الثائر يحمل معاني وتطلعات إنسانية نبيلة، يهبها نفسه ويؤمن بأن الحياة ستكون أفضل، والسعادة أعم، بتحققها وإنتشارها بين الناس.
والروح الثورية ليست جديدة، وإنما هي مثل الأمواج أو الأعاصير المتوالدة في أعماق الأجيال المتواكبة في أي مجتمع ووطن.
ولا يخلو وطن من الأجيال الثائرة الرائدة المتدفقة نحو التعبير عن طاقات إرادتها، وبهذا تتقدم المجتمعات وتخطو إلى الأمام بوثوب وإصرار وتواصل.
والإنسان الثائر يمتلك روحا شبابية وطاقات متفتحة وقدرات متوقدة، ومعظم الثوار من الشباب الواعد المشحون بالأفكار والرؤى الجديدة المؤسسة لإنطلاقة أخرى فاعلة في الحياة.
وعندما يصل الشباب إلى ذروة التعبير عما فيه ويعلن ثورته، يجد نفسه أمام حشد غفير من الآخرين المستعدين لسرقة سراويل الثوار وارتدائها، والبدء بصناعة حالة جديدة مأخوذة من صُنّاعها وأصحابها الحقيقين، فتحدث الواقعة.
أي أن الآخرين يتسرولون بسراويل غيرهم، ويدّعون أنهم.
وما أكثر الثورات التي تم أخذها من الثائرين القائمين على تحقيقها، ولكنهم في لحظة المسك بزمام الأمور تراهم بلا سراويل، وقد صارت سراويلهم على أبدان غيرهم. أو أن غيرهم قد تسرولوا بها وبهم.
وحالما يتحقق ذلك، تلد الثورات صراعات جديدة ذات خسائر فادحة، لأنها ستنحرف وتتحول إلى معركة ضارية ما بين أصحاب الثورة وآخذيها ومدّعيها في فوضى تفاعلية، يختلط فيها الحابل بالنابل، وتغيب ملامح الصورة التي تم رسمها، وتتماهى الثورة بأفكارها النبيلة السامية، ويطل الكرسي برأسه الغابي ونفسه السيئة، وتبدأ لعبة أكل الأكتاف ومسيرة التردي والإضعاف.
وبين الثائر وثورته المأخوذة، ترتسم صورة المجتمع وتصبح الأيام مُغبرة والوجوه مكفهرة، وكلٌّ يتمنى ما ولّى، وكأن الموجة ضاعت أو أن الثورة تلاشت.
والإرادة إنحرفت وتطامت!
وعندما تسأل الجميع إلى أين المسير؟
تراهم حيارى في محنة المصير!
فاخلعوا سراويل الثوار، ودعوا كل ثورة تسكب ماءها على أديم الحياة لكي ينتشر اللون الأخضر، وتتطيّب الوجوه بالبهجة والابتسام.
فهل يعرف كلٌّ منا سرواله؟!
21\12\2012
واقرأ أيضاً:
السقوط الثوري الفوز للكرسي أم للوطن؟ / الشك الثوري / الأزمة الثورية / هل نحن بحاجة للاحتجاج على أنفسنا؟