ثورة ضد الثورة!!!
كثيرا ما نتكلم عن ثورة (وكأنها واحدة)، وثورة مضادة (وكأنها واحدة)، وبدا لي أن تصورات مختلفة.. هي متداولة.. للثورة، وكذلك ينبغي رؤية ثورات مضادة، أو.. ربما.. تصورات مختلفة.. لثورات مضادة!!!
أتصور أن ثورتنا المصرية طرحت بذور العديد من المفاهيم، والتحديات، والإجابات الجديدة.. وفي القلب منها: مسألة السلطة، وعلاقة الناس بالسلطة!!!
منا من يعتقد ويتصور أن تغيير أشخاص من يحكمون أجهزة الدولة.. هو السقف والطموح، ومنا من يتصور أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم.. هي الموضوع، ومنا من يرى أن الثورة وضعت على المحك فكرة الدولة الحديثة، وأجهزتها.. بوصفها اجتهادا بشريا يلزم تطويره!!!
أنزع للأكثر جذرية.. وأتخيل أن ثورتنا طرحت مسألة السلطة على المستوى الفلسفي.. أي خضوع الإنسان للسيطرة.. أو تحرره منها!!
هل الإنسان هو كائن مستقل يفكر بذاته، وتقوده فطرته، أم هو محتاج للكهنة/المشايخ، والسياسيين، والخبراء ليهندسوا له حياته، ويحددوا له كيف يسلك، وكيف يعيش؟؟
معنى الحرية، وجدوى السلطة، وتوزيعها، هل الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة ومؤسسات الدولة هي مساحات تفاعل ومشاركة إنسانية؟؟ أم أدوات تقليم وتشويه منتظم لإنسانية الإنسان باسم النظام، والضبط، والربط؟؟
وترتبط هذه التساؤلات والتصورات بما وصل إلى إدراكي من دور الدين/الإسلام (هو ما أعرفه).. في دعم الإنسان والمجتمع، وفي تحريرهم من كل سلطان أرضي.. زائف !!
المهم.. بناءا على ما تتصور وتعتقد سيكون موقفك مما حصل، ويحصل، وسيحصل في مصر!!!
وبناءا على ما أتصور.. أرى أن الصدام مع دولة هشة.. يقويها.. أكثر من أن يضعفها، يقويها العنف الطائش.. العنف بلا خطة، ولا خارطة، ولا برنامج محدد!!
تهميش مساحات سيطرة الدولة بتقوية المجتمع/الأمة.. هو الضمان الوحيد لاستقرار متوازن.. بعد ثورة شعبية، وربما دائما..
هيمنة الأمة/المجتمع القوي على الدولة، وسيطرته، ورقابته المتغلغلة، واستغناؤه الدائم عن مساومة الدولة له على حرياته.. مقابل لقمته، أو تسيير أوضاعه!!!
قدرة الناس على تسيير أمورهم، وتنظيم أنفسهم بأنفسهم.. هي الضمانة الوحيدة لاستقامة الدولة، وعدم تغولها، ولا انحرافها عن الدور الذي تنتدبها الأمة للقيام به!!!
العنف المستمر ضد الدولة الضعيفة.. يعيد بناءها، أكثر مما يهدم بنيانها.. تقوية الناس/المجتمع، وتمكينه من مهارات ومعارف.. تدعم تنظمه الذاتي، ورقابته على الدولة، وإعادة تشكيلها، بدعم خطط وأشخاص ورؤى تطهيرها، وتغييرها، وتطويرها.. هذه هي الفريضة الغائبة.. التي أصرخ فيكم، بينما الأغلبية منقسمة بين هذا التصور، أو ذاك.. مما يصل بنا إلى ما يبدو اختلافا في وجهات النظر.. بينما هو اتفاق -في نهاية المطاف- على استعادة الهم،، والغم، والكرب، والفشل.. وكأننا مثل السمك.. بلا ذاكرة!!!!
جمعة مباركة