هل نتصور كيف سيكون العالم دون (إسرائيل) وهي الكيان اللقيط الغريب المشاكس المريب، وكيف ستكون منطقة الشرق الأوسط بدون جيشها وترسانتها العسكرية ومخزونها النووي، وبدون متطرفيها ومتشدديها من المستوطنين وغُلاة المتدينين، وبدون أفكارها وتلمودها، وأحزابها وقادتها، وحاخاماتها وادعاءاتها..!!؟؟
هل يُمكننا أن نتخيل العالم وقد غابت فيه (إسرائيل) عن الوجود، ولم تعد تشغل مكاناً على الخارطة، ولا علماً لها يُرفرف فوق سارية أو مبنىً، ولا اعتراف دولي بها، ولا ممثلياتٍ أو سفارتٍ لها، ولا "لوبي" سياسي يدعمها، ولا تكتلاتٍ اقتصادية متوحشة تمولها..!!؟؟
من المؤكد أن العالم الذي تغيب عنـه (إسـرائيل) سـيكون عالماً مثالياً، خالٍ من الظلم والاعتداء والتآمر، لا حروب فيـه ولا قتلى، ولا دمار فيـه ولا خراب، ولا سـجون في جنباته ولا معتقلات، عالمٌ تسـوده المحبـة والعدل، وتغيب عنـه معاني الكراهيـة والتعصب، وتسـمو فيـه القيم الإنسـانيـة ومعاني الرحمـة والتآخي، وسـيكون عالماً صحياً معافىً من الأزمات الاقتصاديـة والآفات الاجتماعيـة، والأحلاف المشـبوهـة!
قد تكون هذه خيالات كاتب، أو شطحات مفكر، أو أضغاث أحلامٍ وأماني معسولة، أو أفكار ساذجة أو رؤى عديمة، أو أنها معتقداتٌ لاهوتية غيبية، أو تنبؤاتٌ دينية ووعودٌ قرآنية، إلا أنها لدى المسلمين حقيقةً ويقيناً، وهي لدى المؤمنين عقيدةً وديناً، بأن يوماً ما سيكون فيه العالم حراً من ربقة اليهود وظلمهم، ولا تكون لهم دولة ولا يبقى لهم كيان، ولا يرفع لهم علم، وسيتشتتون بعد التئمام، وسيتفرقون بعد جمع، وسيتمزقون بعد لُحمة، وسيعود كثيرٌ منهم من حيث أتى آباؤهم.
إنها أحلامٌ مشروعة، وأماني نبيلة، وغاياتٌ شريفة، يجب أن نسعى لها، وأن نعمل من أجلها، وألا نخجل من طرحها، أو نخاف من إثارتها، فتخليص العالم من (إسرائيل) وشرورها لهو أعظم الأعمال وأشرفها، وهو فضلٌ يُؤدى للبشرية الحاضرة وللأجيال القادمة، يُحمد من قام بشطبها، ويُشكر من كان له دورٌ في تغيبها، وهو واجبٌ على المسلمين، والتزامٌ من المؤمنين؛ فدولة (إسرائيل) لا تُعادي المسلمين وحدهم، بل إن شرورها تعم، وظلمها يسود، وقديماً دنست كنسية القيامة، وسامت المسيحيين سوء العذاب، وأذاقتهم لباس الذل والهوان، إلى أن جاء الفتح وانتشر الإسلام فخلصهم وحمى كنائسهم، وألقى بظلاله الآمنة عليهم.
قد يكون هذا الخيال صعباً أو بعيد المنال، ويصعب تحقيقه ويستحيل تصوره، وقد أصبحت (إسرائيل) واقعاً وحقيقة، ودولةً وجيشاً، ولها من القوة ما يحميها، ومن الاقتصاد ما يغنيها، ولكن التاريخ يُنبؤنا عن حضاراتٍ سادت ثم بادت، ودولٍ كانت ثم غابت، فكيف بدولةٍ مارقة، قامت على الظلم والاغتصاب، وحكمت بالبغي والاستبداد، وعاشت على النهب والابتزاز، وغدت عنصريةً تقتل وتخرب وتدمر، وتعزل وتُحاصر وتحارب، وتحرم وتمنع وتُصادر..!!؟؟
هل كان أحدٌ يتصور أوروبا قبل القرن التاسـع عشـر دون اليهود، وقد كان لهم فيها شـأنٌ ومكانـة، فاليوم أصبحت أوروبا تقريباً خاليـة من مئات آلاف اليهود الذين كانوا يتوزعون في دول القارة الأوروبيـة، وقد كان التخلص من يهود أوروبا حُلماً لدى الأوروبيين، الذين كانوا ينعتونهم بالمُرابين القذرين، واللوطيين المنحرفين، والشـاذين المفسـدين، والمسـتغِلين الجشـعين، وأصبحت دول أوروبا من بعدهم ناهضـة، أنظمتها موحدة، واقتصادها قوي، ومواطنوها يتمتعون بالصحـة والرفاهيـة، الذين يرفضون أن يبقوا عبيداً لعقدة، وأسـرى لفكرة، يدفعون من قوتهم، ويتخلون عن مقدراتهم، من أجل دولـةٍ عاث أبناؤها من قبل في دولهم فسـاداً وخراباً، فاسـتحقوا الطرد والقتل أحياناً، ولعل أوروبا تنتظر النعي وتترقب السـقوط أكثر منا، بعد أن أعياها صلفُ الإسـرائيليين وعنادهم، وأتعب سـاسـتها ظلمُ قادتها واعتداءُ جيشـها..!!
لا ينفرد المسلمون وحدهم بهذا الاعتقاد، إنطلاقاً من عقيدتهم، بل إن كثيراً من المفكرين والباحثين الغربيين، والسياسيين الأوروبيين والأمريكيين، وحتى من اليهود أنفسهم، يرون أن زوال دولة (إسرائيل) واقعٌ لا خيال، وحقيقةٌ لا سراب، وأنها ستُشطب عن الخارطة، وستخرج من الأرض التي احتلتها، ولن يكون لها من يُساندها أو يُضحي من أجلها، ولن تنفعها سيول الدعم ولا أساطيل السلاح، إذ ستفقد روح القتال، وقوة العقيدة، وستتراجع لدى أجيالها عوامل الجذب وخزبعلات الهيكل والأسطبل، والنجمة والشمعدان.
فلا يشعر أحدُنا بأنه يُخرف أو يهذي، أو أنه سفيهٌ أو مجنون، بل إن من يفكر برحيلهم هو العاقل، ومن يسعى لشطبهم هو الواعي، ومن يُصرح بهذه الحقيقة هو الشجاع الجريء، والعاقل المستنير، وإنهم ليعلمون يقيناً أنهم سيذهبون، وأن مُلكهم سيزول، وإنه ليومٌ بإذن الله قريب وهو عنا ليس ببعيد، ولا هو بالصعب ولا بالمستحيل، وستصنعه شعوبنا، وستقدر عليه أجيالُنا، وستغدو إلى أرضنا المباركة أجيادُنا، تُطهر ما داسته أقدامهم، وما عاثته سياستهم، فلا ينبغي أن يموت فينا هذا الأمل، ولا يغيب عنا هذا الهدف، وقد سقطت حصونهم وانهارت دفاعاتهم، ورحل سدنتهم، وغاب حُراسهم، وجاء من بعدهم أجيالٌ ثائرون، ورجالٌ صنعوا الربيع ونسجوا فجر الغد، ومن أشعة شمس الأمة سيغزلون أثواب النصر وبيارق الأمل.
واقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني وإدعاءات النصر / هرطقات مواطن فلسطيني من الداخل / ارفع رأسك ... أنت في غزة / أوباما يسوعٌ مخلص أم مسيخٌ دجال / إسرائيل وحلم الاعتراف بكيانها