مـــرض الذهان: إعادة النظر
يتميز مرض الفصام الشخصي Schizophrenic Disorder بإدراك محرّف عن الواقع، وبصعوبات في التفكير وفي الكلام، وبتفاعـــلات عاطفية غير مكـــيّفة. في الدليل الإحصائي الحالي، الدليل الرابع (VDSM-I). ينقسم هذا الاضطراب إلى "أصناف" عديدة مبينة أدناه:
- بارانويي/اضطهادي Paranoid : هذيان،هلوسات سمعية، لكن التعابير اللفظية والتفاعلات العاطفية تبقى طبيعية.
غير منظم أو تفسخي Disorganized : تعبير لفظي وسلوك غير ملائمين، ووهن العواطف.
تخشبي أو جامودي Catatonic : هيئات وحركات غير اعتيادية، إلى حد الشلل.
متبقي Residual : قليل من الأعراض النوعية، لكن بعض الاعتقادات الغربية أو التجارب الحسية غير الاعتيادية.
- غير تفريقي Undifferentiated : لا وجود لأي من الأصناف السابقة.
وبالرغم من ذلك يوجد شكل آخر من هذا المرض، الاضطراب الذهاني المشترك، وذلك عندما يطور شخص فصامي الشخصية كذلك الهذيان نفسه وهو صديق أو فرد من أفراد أسرة المريض.
قد تنسون قريبا كل هذه الألوان، كما هو الحال في بعض اضطرابات الشخصية، فالمعطيات حول وجود هذه الأصناف الخفية هي محدودة جدا. اضطراب التخشب على سبيل المثال –شلل متقطع للأعضاء يلاحَظ أيضا في الاضطراب الثنائي القطب، اضطراب التوتر بعد الصدمة والاكتئاب. وبالتالي، يقول الأطباء النفسانيون أنه لا يليق أن نصنع منه شكلا من أشكال الفصام الشخصي .أضف على ذلك، لا تخففه الأدوية المضادة للذهان المستخدمة لعلاج الفصام الشخصي.
لا يعيد الدليل الخامس إدراج هذه الأصناف الفرعية، لكنه يدمج أشكال جديدة من الأمراض العصابية. والذي يثير الكثير من الشكوك هو متلازمة العصاب المخففة، مجموعة من علامات الإنذار يعتقد بعض الباحثين أنها تسبق الهذيان والهلوسات التي تميز المرض في طوره الشديد. والغرض هو الكشف عن الشباب عرضة لخطر الإصابة والوقاية من هذا التطور الصامت. غير أنه في رأي بعض الاختصاصيين الذين يعارضون هذا التعريف الجديد، ثلثا الأطفال الذين يستجيبون لمعايير الخطر لا يطورون أبدا عصابا حقيقيا ويمكن معالجتهم بينما ليس من الضروري ذلك. وبالفعل 11 في المائة من الناس تقريبا يسمعون أصوات أو لديهم موضوع تفكير سحري دون أن يكونوا في حالة ضيق ما.
وتمت إضافة مرض آخر مثير للجدل وهو اضطراب تعديل المزاج، تشخيص للأطفال أقل وصما من سابقه، الاضطراب الثنائي القطب. منذ العام 2000 تقريبا، تضاعفت تشخيصات الاضطراب الثنائي للطفل أربع مرات في الولايات المتحدة. إلا أن العديد من الأطباء النفسانيين يعتقدون أن هذه التشخيصات خاطئة، أن الأمر لا يهم الاضطراب الثنائي القطب إطلاقا، وأن هؤلاء الأطفال يتلقون أدوية قوية حتى قبل معرفة معاناتهم بالضبط.
القليل من الأفراد اقل من 20 سنة يطورون اضطرابا ثنائيا حقيقيا، حيث يتأرجح المزاج بين الاكتئاب ومراحل من النشوة أو الهوس. وفي الواقع، غالبية الأطفال بهذا التشخيص لا تبدو عليهم مثل هذه التغيرات. كانوا بالأحرى سيئي المزاج طوال الوقت، وكانوا غاضبين وعنيفين، حتى عندما لم يتم الاعتداء عليهم. اضطراب تعديل المزاج يصف طفلا (عمره أكثر من 10 سنوات) مهتاجا باستمرار ويُسجل لديه نوبات غضب عنيفة ثلاث مرات أسبوعيا في المعدل.
حسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي، سيتم تطبيق هذا المدخل الطبي للأطفال على هؤلاء الأطفال المرضى حقيقة، لكن تتخوف بعض الانتقادات من أن يتم التطبيق على كل الأطفال الغضوبين من طرف الأطباء. يبقى العلاج نفسه، على الرغم من تغيير الاسم: مزيج من مثبتات المزاج Mood Stabilizers ، ومضادات الذهان Antipsychotics ، ومضادات الاكتئاب Antidepressants ومنشطات.
اضطرابــــات الشخصـــــية
في رأي أخصائي نفسي، تتمثل الشخصية في صورة مستقرة من الفكر، والعواطف والسلوكيات. فشخص يعاني من اضطراب الشخصية تظهر عليه صورا من التفكير المتين والاختلالي الذي يعوق قدرته على إقامة علاقات طبيعية.والموسوعة الحالية للمرض النفسي -الدليل الإحصائي الرابع ، يصف عشر إصابات من هذا النوع. فهي تتضمن اضطراب الشخصية البارانوية – عدم القدرة على إبداء الثقة في الآخرين والاعتقاد اللاعقلاني أن الآخرين يريدون بك شرا - واضطراب الشخصية النرجسية، شعور بالأهمية مبالغ فيه، الحاجة الدائمة للإعجاب وغيرة مفرطة تجاه الآخرين.
للغرابة، من 40 إلى 60 في المائة من المرضى العقليين تم تشخيصهم على أنهم يعانون اضطراب الشخصية. كما أن الأطباء النفسانيين يشخصون في الغالب العديد من الاضطرابات لدى المريض نفسه، مما يوحي أن هذه الاضطرابات تنمحي جزئيا. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون في نفس الوقت من اضطراب الشخصية شبه الهستيرية ومن اضطراب الشخصية النرجسية يصرون على أن تكون في مركز الانتباه، يستغلون أسرهم وأصدقاءهم، ولديهم صعوبات في فهم عواطف الآخرين.
وكنتيجة، قام مؤلفو الدليل الخامس بحذف اضطراب الشخصية المسرحية. كما اختفت أيضا اضطرابـــات الشخصيـــة البارانوية، والفصامية والإدمانية. غير أن شخصيتك يمكن أن تكون نرجسية، معادية اجتماعيا، متجنبة، حديّة، وسواسية قهرية أو فصامية النوع.
إدمان المال، والطعام والجنس
قد تسجل أنواع جديدة عديدة من الإدمان دخولها في النسخة المقبلة في المرجع التشخيصي للطب النفسي، الدليل الخامس. وإحداها، إدمان لعب القمار. خلال العشر سنوات الأخيرة، بينت دراسات أن الأشخاص يصبحون مدمنين على الألعاب كما يصبحون مدمنين على المخدرات والكحول، وأنه يتم التخفيف عنهم من طرف أنواع من العلاج نفسها. العلاج الجماعي أو الفطام التدريجي. وقد كشفت أبحاث في التصوير العصبي أن دماغ أشخاص مدمنين على المخدرات ودماغ لاعبين مرضين تتفاعل بنفس الطريقة: تنشيط دائرة المكافأة لديهم، وبدرجة أكبر من دائرة لاعبين عرضيين أو أشخاص لم يستهلكوا المخدرات إلا مرة واحدة. الدليل الخامس قد يتضمن أيضا وساوس الغداء أو الجنس:
- اضطـراب فرط الأكل الشرهي اضطراب القشم القهري Compulsive Overeating:
- يستهلك الشخص "كمية كثيرة من الغذاء أكبر بكثير مما قد يأكله غالبة الناس في الوقت نفسه وفي ظروف مشابهة" ولا يسيطر على ما يأكل، ولا على الكمية ولا على سرعة الابتلاع.
- اضطراب الجنسية المفرطة: يشعر الشخص بحاجة جنسية ذات شدة غير اعتيادية أو يمضي وقتا مفرطا في علاقات جنسية كالاستجابة للتوتر أو الملل دون اعتبار للمعاناة البدنية أو العاطفية التي يسببها لنفسه أو للآخرين. ويتداخل سلوكه مع حياته الاجتماعية وعمله.
- اضطراب اللاجنسية: يهتاج الشخص لكونه لا يقيم علاقة جنسيــــة أو يتـــصرف كما أنـــــــــه معارض أخلاقيــــا للجنس. إنـــــــــــه يريـــــــد منع الجنس ومنع البورنوغرافــــــــيا.
هـــــل هــــــي نهاية متلازمة أسبرجر؟
اعتقدنا طويلا أن بعض الغرابات السلوكية تميز متلازمة أسبرجر عن الاضطرابات الأخرى التوحدية. ميل هؤلاء الأشخاص لتنمية الإعجاب لأشياء أو أحداث خاصة جدا – عجلات السيارات الصغرى أو أسماء النجوم – مع غياب الاهتمام، مثلا، بمكانيك السيارات أو علم الفلك .سوف يختفي التشخيص في الدليل الخامس، والأشخاص المصابون سيكون لديهم شعور على أنهم جُردوا من جزء من هويتهم.
اليوم، متلازمة اسبرجر أحد الاضطرابات الخمسة الدائمة للنمو، مع التوحد، اضطراب النمو الشامل غير المحدد، متلازمة "ريت" والاضطراب الانتكاسي للطفولة كل هذه الاضطرابات تتميز بنقص التواصل والقدرات الاجتماعية، إضافة بالسلوكيات التكرارية، فقررت الجمعية الأمريكية للطب النفسي أن أربعة من الاضطرابات النفسية الخمسة – التوحد، متلازمة أسبرجر، الاضطراب الانتكاسي للطفولة والاضطراب المنتشر للنمو غير المحدد-، تتشابه إلى حد وجوب جمعها في صنف جديد، سمي اضطراب الطيف التوحدي– سيكون على الأطباء النفسيين الذين يستخدمون الدليل الجديد تقديم تشخيص لاضطرابات الطيف التوحدي لكل شخص يبدو عليه أحد اضطرابات هذا الطيف، وسيقيّمون خطورة المرض.
والأطفال الذين تم تشخيصهم سابقا بالاضطراب الانتكاسي للطفولة يوجدون في الطرف الأخطر من الطيف. فهم يعانون من اختفاء شبه كامل للقدرات الاجتماعية والتواصلية، تراجع يبدأ بين سنتين وعشر سنوات. فيما الأشخاص الذين يبدو عليهم متلازمة اسبرجر يوجدون في الطرف الآخر، الأقل خطورة. لا يُظهرون عموما تأخرا في اللغة بل لديهم غالبا قدرات شفهية ممتازة. عن متلازمة ريت، حيث تعيق تحولات جينية النمو البدني، واللغة والمهارات الاجتماعية، فقد تم حذفه من الدليل. في الوقت الحالي يفضل الدليل الاقتصار على إجراء تشخيص فضفاض جدا: تقييم للسلوك.
وتؤكد دراسات إدمانية منشورة سنتي 2011 و 2012 أن معايير الدليل الخامس للتوحد دقيقة أكثر من تلك المعايير في الدليل الرابع. ويضمن الإصدار المُراجع للتوصيات تقريبا أن يُظهر كل شخص تم تشخيصه الاضطراب فعلا. ولأجل الاحتساب في المعايير الدليل الجديد، على المريض أن يظهر خمسة من الأعراض السبعة المصنفة.
وحسب بعض الأطباء النفسانيين، القواعد الجديدة صارمة جدا: فهم يتخوفون من أن لا يستجيب بعض الأشخاص التوحديين من درجة عالية، كالأشخاص المصنفين حاليا بمتلازمة أسبرجر، وتضيع بالتالي استفادتهم من الخدمات التربوية والطبية النوعية. لكن إذا أظهر بعض الأشخاص أعراضا توحديه خفيفة- وعُدوا في طيف هذه الأمراض، قد يمنحهم غياب وصمة "متلازمة أسبرجر" مؤهلا. حاليا، تقدم ولايات مثل كاليفورنيا أو تكساس خدمات تربوية واجتماعية إلى الأشخاص التو حديين لا تمنحها لمصابي متلازمة أسبرجر. إلا أن العديد يتفق ويعتقد أن الموارد، مهما كانت محدودة، يجب تقديمها في المقام الأول إلى الأطفال ذوي الأعراض الأكثر خطورة.
الببلوغرافيا:
- M.Angell. The illusions of Psychiatry, in New York Review of Book, 2011.
- M.Matilla et all. ,Autism spectrum disorders according to VDSMI and comparison with DSM-5 draft criteria, an epidemiological study in J of the Am ac of the child, adolescent psychiatry,vol 50(6) pp.583-592, 2011
- N.Boyce The first flight of….vol.377 in lancet pp.1816-1817, 2011.
- H.Zonana Sexual disorders: new and expanded proposals for the DSM-5--do we need them? Vol 39 (2), pp.245-249,2011
- D.Rosenhan , vol.179, pp.250-253,1973.On Being Sane in Insane Places
واقرأ أيضًا:
نماذج في الصحة النفسية Models in Mental Health / المراجعة الطب نفسية فحص وتشخيص / تشخيصات محملة عبر الإنترنت / مصطلحات نفسية Psychiatric Terms