حكاوي القهاوي (139)
(646)
اظبط ساعتك
لو أنا من يختار الوزراء في حكومة ما بعد الثورة سأطلب من كل وزير أن يمر باختبار صغير واللي ينجح فيه يحلف القسم واللي يفشل يروح يقعد يلعب طاولة ع القهوة. الاختبار ده إن سيادته يركب أتوبيس بيتحرك بسرعة، لو عرف يجري بنفس سرعة الأتوبيس وينط فيه يبقى ينفع للوزارة ويحلف اليمين، أما الفاشل اللي عايز الأتوبيس يقف قدام سيادته وحد يفتح له الباب واتنين يسندوه علشان سيادته يطلع يبقى يروح يموت بعيد عننا. البلد عايزه وزير يقدر يجري بسرعة الزمن وأسرع من الزمن ويقدر ينط في عربة الزمن وهي بتمشي لأنها مش هتقف لحد.
المفروض كل وزير من اللي دخلوا الوزارة يقدم للشعب كل أسبوع كشف حساب بإنجازاته، إحنا مش هنستنى سنة علشان نعرف سيادته عمل إيه لما يكتب لنا كتاب إنجازاته ياعين ما قريتش زيه كتاب. محدش واخد شيك على بياض ولا حتى البرادعي أيقونة الثورة، هو بقى أيقونة الثورة بتحركه مش بنومه. دلوقت البرادعي في المسئولية والمفروض يكون تحركه فيه شفافية ومحاسبة (طازة بطازة).
المفروض يقدم لنا جدول أعماله أسبوعياً ونتائج كل مقابلة مع سفير أو مسئول أجنبي. أما الأخ بتاع وزارة المالية المفروض يطلع بقانون الحد الأدنى والأقصى للرواتب فوراً، وممكن نقبل إنه يقول سيتم العمل بالقانون بدءاً من شهر (كذا) لحين تجهيز الموارد المالية اللازمة.
مش معقولة أي اقتصادي من أكتر من سنتين بيتكلم عن الحد الأدنى والأقصى وإن الموارد سيتم توافرها فقط بنزول الحد الاقصى، ولسه الوزير مش عارف ياخد القرار!! دي قرارات مش محتاجه تفكير ولا حتى يوم واحد!! إذا الوزير ده ماكنش مهموم بالبلد قبل ما يدخل الوزارة وفي دماغة خطة واضحة قابلة للتنفيذ بمجرد توليه الوزارة، يبقى اللي اختاره للوزارة فاشل زيه بالظبط.
ياريت الكل يفهم إنْ الزمن مش هيستنى حد، ولا الشعب هيستنى أي موميا من السادة الوزرا علشان يصحى من النوم براحته. الثورة التانية قامت بعد سنة من حكم العبيط. أحب أطمئن الحكومة إن الثورة الجاية مش بعد سنه يا عم الموميا أنت وهو، الثورة الجاية هتكون بعد شهر، واضبط ساعتك من دلوقت.
(647)
EGYREB
المريض بيمرض ومش بيختار أعراضه لتتماشى مع مرض معين. المريض يمرض والدكتور شغلته يفكر ويلاقى تشخيص؛ واذا كان المرض فيه إبداع فيروسي جديد فيبقى محتاجين تشخيص جديد له اسم جديد للمرض الجديد. هذا ما يحدث في علم الأمراض، وهذا ما يحدث في كل الظواهر الطبيعية، وهذا ما يحدث بطبيعة الحال في حركة التاريخ. لهذا عندما يفكر المفكرون وأنصافهم وأرباعهم فيما يجري على أرض المحروسة، فعليهم أن يجدوا المصطلح المناسب، أو عليهم أن يخترعوا مصطلحا جديدا ليصفوا به الظاهرة الجديدة.
وبجملة اللي ما بيفهموش وبيفتوا في اللي مالهومش فيه، وبالنيابة عن أرباع المثقفين قررت أن أفتي أنا كمان. أتصور إنه مفيش داعي تتعب نفسك وتفكر وتقول اللي حصل في مصر هو انقلاب ولاّ ثورة. يا عم الأستاذ ما حدث هو إبداع جديد للشعب المصري، لا هو ثورة ولا هو انقلاب زي ما في كتبكم اللي بتدرسوها في المدرسة.
فالانقلاب يقصد به استيلاء فئة على السلطة، انقلبت على السلطة بعد ان كانت مع السلطة، والجيش لم يكن يوماً مع عصابة الاخوان أو مشاركاً لها حتى ينقلب عليها. كما أن الجيش لم يجلس على كرسي الحكم ليتحقق له الاستيلاء على السلطة. لهذا فمصطلح الانقلاب مرفوضاً جملةً وتفصيلاً لوصف ما حدث في مصر.
كذلك فإن مصطلح الثورة يستخدم لوصف ثورة شعب أو فئة منه على السلطة، وفي العادة ما يستولي الثوار على السلطة أيضاً، ولهذا لا ينطبق لفظ الثورة على ما حدث في مصر بسبب مشاركة الجيش والشرطة والقضاء وكل مؤسسات الدولة فيما جرى. فما هو المصطلح المناسب إذن لوصف ما يجري على أرض المحروسة؟
ما حدث في مصر هو إبداع مصري نتيجة للخلطة الجهنمية لرد فعل المصريين لحكم عصابة الإخوان. هذا الإبداع يعود الفضل فيه بالأساس وعلينا الاعتراف بذلك لعصابة الاخوان. ليه؟!! أقول لك ليه: علشان لم يحدث على مر العصور أن أتى على بلد من بلاد الله عصابة متنكرة في زي حكومة استطاعت في زمن قياسي، يستحق عن جدارة الدخول في موسوعة جينس للأرقام القياسية، أن تستعدي وتعادي كل أطياف الشعب من أفقر الفقراء إلى أغنىى الأغنياء. كما استطاعت هذه العصابة أن تستعدي كل الملل من مسلم لمسيحي لشيعي لبهائي لملحد. كما استطاعت هذه العصابة بجدارة أيضاً أن لا تقف عند حد معادة الشعب بل ذهبت لمعادة مؤسسات الدولة، من مؤسسات دينية مسيحية وإسلامية، من مثقفين وفنانيين، وشرطة وجيش وقضاء وإعلام.
نعم عادت هذه العصابة الجيش المصري عندما باعت الأرض وخانت الوطن وتآمرت على كيان الدولة واستقرارها فلم يعد للجيش خيار الصمت، فهل بعد خيانة الوطن جريمة. استطاعت هذه العصابة في تفرد لا نظير له أن تخلق توافقاً وتحالفاً بين كل طوائف الشعب ومؤسساته على شيء واحد هو إلقاء القبض على هذه العصابة ليكون مثواها الأخير غياهب السجون ومزبلة التاريخ. فلو لم يكن الشعب تحرك، لكان الجيش تحرك منفرداً في انقلاب على السلطة؛ حيث يصعب عليه الصمت على الخيانة وبيع الوطن. إذ يعني صمت الجيش حينها المشاركة في الخيانةً، لكن حمداً لله أن لنا جيشاً وطنياً يرفض المساس بكرامة الوطن وعِرضه. لقد تحرك الشعب وكل مؤسسات الدولة في لحظة تاريخية فارقة نادرة الحدوث والتكرار، تحركت مصر، كل مصر لتقول "لا" لعصابة الاخوان.
أتصور أن مصطلح "تمرد" وليس ثورة أو انقلاب قد يكون هو المصطلح الأقرب لوصف ما جرى في مصر، هذا المصطلح استخدمه شباب تمرد بعفوية شديدة ليعبروا في شفافية عالية واستقراء للمستقبل لما سيجري على أرض المحروسة. فالتمرد هو لفظ يقال عادة ليصف ثورة لكل الفئات الموجودة على السفينة، كل الفئات مجتمعة الشعبية منها والمؤسسية لتقرر التمرد ورفض السلطة، فهذا المصطلح يعبر عن مشاركة لكل الأعضاء (الشعب) والهيئاتت (أجهزة الدولة) في رفضها للسلطة. ولكن عادة ما يستخدم اللفظ لوصف ما يقع في وحدة صغيرة سفينة كانت أو ثكنة عسكرية،
أما أن يحدث في دولة فهو عن حق أمر جديد!! لهذا فالأمر يستحق ابتكاراً لمصطلح جديد يعبر بصدق عما جرى في هذه الظاهرة الكونية الفريدة، إذ يصعب أن يتكرر هذا النموذج لعصابة الإخوان، كما يصعب أن يتكرر هذا النموذج الفريد لحب الوطن كما هو عند المصريين شعباً ومؤسسات، ثم يصعب أن تتكرر هذه اللحظة التاريخية التي تجمع بين عصابة مثل هذه وشعباً مثل هذا الشعب.
قد يساعدنا في إيجاد المصطلح المناسب أنه يحدث عند اكتشاف ظاهرة جديدة أن تسمى باسم مركب لعدد من المصطلحات، لهذا أتصور أنه علينا استحداث مصطلح جديد ليعبر عما جرى في مصر المحروسة وليكن هذا المصطلح كما أتصوره هو "EGYREB"، ليجمع بين مصر وتمرد؛ أو تمرد على الطريقة المصرية. وأما المصطلح العربي فليكن "تمصرد".
هذا رأيي فإن لاقى قبولاً فشكراً، وإن لم يلق أي قبول فيمكن اعتباره مجرد فتوى كالتي يخرج بها علينا خبراؤنا السياسيون والاقتصاديون والعسكريون الذين يصدعون أدمغتنا كل يوم على الفضائيات. وإن وجدته لا يرقى لذلك فلك أن تعتبره مجرد تخاريف كالتي يخرج بها راكبو منصة رابعة العدوية.
20/7/2013
ويتبع >>>>>>>>: حكاوي القهاوي (141)